-سلامٌ من الله عليكم أيها الأحبة ورحمة الله
-ازكى تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج
-وفيها نستنطق الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة لكي تجيبنا عن السؤال العقائدي الذي إخترناه لهذا اللقاء.
-وهو: ما هي مصاديق الإستعانة بالله وحده جل جلاله؟
-نتلمس الإجابة معاً فتابعونا على بركة الله.
-أيها الأطائب، عرفنا في الحلقة السابقة أن معنى حصر الإستعانة بالله عزوجل وتوحيده في ذلك، هو أن يكون لجؤونا وطلبنا الخير والمعونة على عبادته وفي كل أمورنا إليه تبارك وتعالى.
-ويستفاد من النصوص الشريفة أن إستعانة المؤمن بالله عزوجل وحده هي وسيلة الإستزادة من توفيقه عزوجل وعبادته وحفظ النعم التي أنعم بها عليه والفوز بنصره تبارك وتعالى في الجهادين الأكبر والأصغر وفي كافة شؤونه وأموره.
-وهذا المعنى يبينه لها مولانا الإمام الرضا –عليه السلام- وهو يبين لنا معنى الآية التي نقرأها كل يوم مرات عدة في صلواتنا من سورة الحمد وفيها الإشارة الى حصر الإستعانة كالعبادة بالله تبارك وتعالى.
-روى الشيخ الصدوق في كتاب (من لا يحضره الفقيه) عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال في هذه الاية الكريمة:
"إِيَّاكَ نَعْبُدُ" رغبة وتقربٌ الى الله تعالى ذكره وإخلاص له بالعمل دون غيره، "وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" إستزادة من توفيقه وعبادته، وإستدامة لما أنعم الله عليه ونصره.
-ونستفيد أيها الأخوة والأخوات من النصوص الشريفة أن من أهم مصاديق الإستعانة بالله عزوجل والفوز بنصرته هو أداء العبادات بالصورة التي أمر بها والإلتزام بالأحكام التي شرعها لنا.
-وهذا ما يهدينا له مولانا الإمام الزكي الحسن العسكري –صلوات الله عليه- في الحديث المروي عنه في بيان مصاديق قوله عزوجل "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، فقد روى عنه العلامة السيد شرف الدين الحسيني في كتاب شرح الآيات الباهرة أنه –عليه السلام- قال:
-(قال الله تعالى: قالوا أيها الخلق المنعم عليهم: "إِيَّاكَ نَعْبُدُ" (يعني قولوا): أيها المنعم علينا، نطيعك مخلصين مع التذلل والخضوع بلا رياء ولاسمعة)
-ثم قال الحسن العسكري –عليه السلام- عن الشطر الثاني من الآية: (وقولوا): "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، {أي} منك نسأل المعونة على طاعتك لنؤديها كما أمرت ونتقي من دنيانا ما نهيت عنه ونعتصم من الشيطان الرجيم ومن سائر مردة الجن والأنس المضلين ومن المؤذين الظالمين بعصمتك.
-أيها الأطائب، نجد في كلام مولانا الإمام العسكري –عليه السلام- إشارة لطيفة الى أن كمال الإستعانة بالله هو في الإستعاذة به تبارك وتعالى من وساوس الشيطان الرجيم وشياطين الإنس والجن وهي جميعاً تدعو الى عدم التسليم لأمرالله عزوجل والتكبر عليها.
-وهذه الإشارة مستفادة من الآية ٥٦ من سورة غافر حيث يقول جل جلاله "إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".
-وكذلك نلمح هذا المعنى في الآيتين ۲۰۰و۲۰۱ من سورة الأعراف وفيهما هداية الى أن الإستعانة بالله لرد وساوس الشيطان تستتبع حصول المستعيذ به عزوجل على نور يجعله يعرف حقيقة هذه الوساوس فلا يتبعها. قال عز من قائل:
-"وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{۲۰۰} إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ{۲۰۱}"
-وروى الشيخ الصدوق في كتاب الخصال عن مولانا الإمام علي مولى الموحدين –عليه السلام- قال: "إذا وسوس الشيطان لأحدكم، فليتعوذ بالله وليقل: آمنت بالله ورسوله مخلصاً له الدين".
-وتصرح أحاديث أخرى وردت في تفسير الآيات المتقدمة تشير الى أن ذكر الله عزوجل والإستعاذة به عن الرغبة في المعصية تحصن الإنسان من الوقوع فيها فيسلم منها بمعونة الله تبارك وتعالى.
-أيها الأكارم، والذي نستنتجه من النصوص الشريفة المتقدمة هو أن المصداق العام لتوحيد الله عزوجل في الإستعانة به يتحقق في أمرين:
-الأول الإلتزام بالطاعات بالصورة التي أمر بها عزوجل
-والثاني الإستعاذة به تبارك وتعالى من الوساوس الشيطانية وبها يعين الله عباده على الإستقامة على الصراط المستقيم والنجاة من هذه الوساوس
-وثمة مصاديق ووسائل أخرى للإستعانة بالله جل جلاله هدتنا إليها النصوص الشريفة قرآناً وسنة
-ولكن تناولها نوكله الى الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين)
-تأتيكم بعون الله ومشيئته من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران
-الى حينها نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.