-السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله
-أطيب تحية تهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج
-وسؤالنا فيه هو عن الإستعانة بالله؟
-وقد علمنا من سورة الحمد وجوب توحيد الله عزوجل في الإستعانة مثلما نوحده في العبادة.
-أجل، فالله تبارك وتعالى يقول: "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
-فكيف نوحد الله في حصر الإستعانة به كما نوحده في عبادته وحده لا شريك له؟
-نتلمس معا –أيها الأحبة- الإجابة من مناري الهداية المحمدية فتابعونا على بركة الله.
-أيها الأخوة والأخوات، ننطلق في رحلة البحث عن جواب السؤال المتقدم من آية {إياك نعبد وإياك نستعين}، لنعرف أولاً معنى الإستعانة بالله عزوجل من العارفين بحقائق الكتاب المبين محمد وآله الطاهرين عليهم السلام.
-فنقرأ أولاً قول رسول الله –صلى الله عليه وآله- في هذه الآية المروي في تفسير مجمع البيان، حيث قال الحبيب المصطفى:
-(إن الله تبارك وتعالى من عليّ بفاتحة الكتاب، ..{فقوله}: إياك نعبد {هو} إخلاص العبادة، {وقوله} "وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" {هو} أفضل ما طلب به العباد حوائجهم).
-ومن هذا الحديث النبوي الشريف نفهم أن الإستعانة بالله هو أفضل طريق يجسد به المؤمن عملياً إيمانه بأن الله عزوجل هو الغني المطلق والرحيم والقادر على تلبية إحتياجاته فيلجأ إليه وحده في طلب حوائجه
-وهذا المعنى يفصله الحديث القدسي الذي نقله مولانا الإمام الرضا –عليه السلام- كما في كتاب (عيون الأخبار) وفيه إشارات لطيفة الى ثمار وبركات عبادة الله وكذلك الإستعانة به عزوجل.
-قال الرضا –عليه السلام- عن آبائه عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال: (إذا قال العبد "إِيَّاكَ نَعْبُدُ" ، قال الله: صدق عبدي، إياي يعبد، أشهدكم لأثيبه على عبادته ثواباً يغبطه كل من خالفه في عبادته.
-ثم قال الرضا –عليه السلام-: فاذا قال العبد "وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" ، قال الله:بي إستعان وإليّ إلتجأ، أشهدكم لأعيننه على أمره ولأغيثنه في شدائده ولآخذن بيده يوم نوائبه.
-إذن، نستفيد من النصوص المتقدمة أن مفهوم الإستعانة بالله عزوجل يشمل لجوء العبد الى مولاه الجليل تبارك وتعالى في كل شؤونه في الشدائد والنوائب وفي غيرها.
-وعليه يتضح أن المستفاد من الأية الكريمة هو أن توحيد الله عزوجل في الإستعانة لا ينحصر في الجانب العبادي فقط بل يشمل جميع أمور الإنسان.
-وهذا اللجوء ناتج عن إيمان المؤمن في التوحيد النظري بأن الأمر كله لله وبيده وهو القادر على كفاية العبد في جميع شؤونه، ولذلك فإن مقتضى تجسيد هذا الإيمان عملياً هو اللجوء الى عزوجل في جميع الأمور ومنها العبادة.
-فإذا تعمقنا في الأمر أكثر عرفنا أن الإستعانة بالله عزوجل هي بحد ذاتها من المصاديق العملية لعبادة الله بمعناها الأشمل.
-أجل وهذا ما يتحقق إذا إستعان المؤمن بالله جل جلاله بنية الإستجابة لأمر الله عزوجل بالإستعانة به في أي شأن من شؤونه.
-روى الشيخ الطبرسي في كتاب الإحتجاج ضمن حديث أن النبي الأكرم –صلى الله عليه وآله- كان يقول لأصحابه:
-قولوا: "إِيَّاكَ نَعْبُدُ" ، نعبد إلاهاً واحداً ... فلا نشرك بك ولا ندعو من دونك إلاهاً
-فكما تلاحظون أعزاءنا المستمعين إن النبي الأكرم –صلى الله عليه وآله- جعل التوحيد في العبادة مقترناً بأحد مصاديق الإستعانة بالله وهو (الدعاء)
-فهو –صلى الله عليه وآله- يعلمنا أن التوحيد في العبادة الى الله يتمظهر في أحد مصاديقه بالتوجه بالدعاء وهو طلب العون من الله.
-وقد صرحت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة بأن الدعاء هو مخ العبادة أي لبها وجوهرها، ومن أهم مصاديقها كما يشير لذلك قوله تبارك وتعالى في الآية الستين من سورة غافر:
-"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"
-إذن فالإعراض عن الدعاء والطلب من الله عزوجل هو من مصاديق الإستكبارعن عبادته جل جلاله وعاقبته النار والعذاب الأخروي.
-كما أن عاقبته في الدنيا الذل والخسران كما يشير لذلك الحديث النبوي المشهور: من استعان بغير الله ذل ومن أعان ظالماً على ظلمه سلطه الله عليه.
-مستمعينا الأفاضل، أما الآن فنلخص نتيجة الإجابة عن سؤال هذه الحلقة وهو: ما معنى توحيد الله في الإستعانة
-والجواب هو أن نكون موحدين لله في طلب الخير والعون وقضاء الحاجات منه عزوجل بالدعاء وغيره لأن بيده تبارك وتعالى الخير والأمر كله.
-وهنا يبرز السؤال اللاحق وهو عن مصاديق الإستعانة بالله عزوجل في حياتنا العملية إضافة الى الدعاء كالإستعانة بالصبر والصلاة وأولياء الله وغير ذلك من الوسائل التي ذكرتها النصوص الشريفة
-وهذا ما نفصل الحديث عنه بأذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين)
-كونوا معنا في الحلقة المقبلة تأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم ودمتم بألف خير.