البث المباشر

كيف ننجو من الشرك في الربوبية؟

السبت 9 مارس 2019 - 08:31 بتوقيت طهران

الحلقة 58

السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته.. تحية طيبة نهديها لكم ونحن نلتقيكم على بركة الله في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
سؤالنا فيها هو: كيف ننجو من الشرك في الربوبية.. نبحث معاً عن الإجابة في نصوص ثقلي الهداية الربانية ووديعة سيد المرسلين في أمته – صلى الله عليه وآله – نعني القرآن الكريم وهدايات عترته الطاهرين – سلام الله عليهم أجمعين -.
مستمعينا الأطائب، إن النجاة من الشرك في الربوبية عقائدياً هو بلا ريب أيسر من النجاة من الشرك العملي في الربوبية.
فإذا اعتقد الإنسان قلبياً بأن الله تبارك وتعالى هو وحده الذي بيده عملية الخلق وأمر تدبير شؤون الخلائق وأن الواجب رجوع العبد إلى ربه ومولاه وحده لا شريك له وطاعته في كل شؤونه فيما أبلغه المؤتمنون على وحيه من شرائعه إذا إعتقد بذلك نجى من الشرك العقائدي بالربوبية.
وهذا ما يبينه الله تبارك وتعالى وهو يأمر نبيه الأكرم – صلى الله عليه وآله – بإبلاغ أصل أصول التوحيد العقائدي بشأن الربوبية، حيث يقول في الآية ٦٤ من سورة آل عمران؛
"قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ{٦٤}"
وقال جل جلاله في الآيتين ۳۹و٤۰ من سورة يوسف وهو يحكي هذا المنطق التوحيدي على لسان نبيه يوسف – على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام – مشيراً إلى أن حالة التشتت التي توجدها عبادة الأرباب المتفرقين، قال: 
"يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{۳۹} مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ{٤۰}"
أيها الإخوة والأخوات، أما النجاة من الشرك العملي في الربوبية فهي بنبذ طاعة كل من لا تكون طاعته طاعة لله عزوجل وهؤلاء هم الأرباب من دون الله الذين إخترع المشركون وجوب طاعتهم دون أن ينزل الله بذلك سلطاناً ويأمر بطاعتهم كما تشير لذلك الآية الأربعين المتقدمة من سورة يوسف.
وقال الله (جل جلاله) في الآيتين ۳۰و۳۱ من سورة التوبة؛
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ{۳۰} اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ{۳۱}"
روي في مجمع البيان عن عدي بن حاتم الطائي قال: أتيت رسول الله وفي عنقي صليب، فقال – صلى الله عليه وآله – يا عدي! إطرح هذا الوثن من عنقك، فطرحته ثم أتيت إليه وهو يقرأ من سورة براءة هذه الآية "اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً" حتى فرغ منها، فقلت: إنا لسنا نعبدهم.. فقال: أليس يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟! قلت: بلى.. فقال – صلى الله عليه وآله -: فتلك عبادتهم.
مستمعينا الأفاضل، وروي في أصول الكافي عن الإمام الصادق – عليه السلام – في تفسير آية إتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون أنه قال: 
"أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم لما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون".
وفي الكافي أيضاً عن إمامنا الصادق – عليه السلام – قال: "من أطاع رجلاً في معصية الله فقد عبده".
وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن الإمام الباقر – عليه السلام – ضمن حديث في تأويل هذه الآية الكريمة قال: وأما أحبارهم ورهبانهم فإنهم إتخذوهم أرباباً بطاعتهم لهم وتركهم أمر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم وما أمرهم به الأحبار والرهبان اتبعوه وأطاعوهم وعصو الله ورسوله وإنما ذكر هذا في كتابنا لكي نتعظ بهم.
ومن هذه النصوص الشريفة وغيرها، يتضح أن من أوضح مصاديق الشرك العملي في الربوبية إتباع الأئمة المضلين والطواغيت أياً كان ظاهرهم، دينياً أو غير ذلك إذا أمروا بما لم يأمر الله عزوجل أو طاعتهم فيما يخالف ما جاءت به منابع الوحي الإلهي في ثقلي الهداية الربانية، كتاب الله وعترة رسول الله الحاملين لسنته النقية وعلومه الأصيلة – صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
وبهذا ينتهي لقاؤنا بكم في حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله منكم حسن الإصغاء وجميل المتابعة ودمتم في رعايته سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة