سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات،،،
أزكى وأطيب تحية نقدمها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، والسؤال الذي نتلمس إجابته فيه هو: (هل ذكر القرآن الكريم مصاديق للأنداد الذين نهانا عن عبادتهم؟)
هذا السؤال، أيها الأكارم، كنا قد تناولنا الإجابة عن نظيره في الحلقة السابقة من هذا البرنامج واتضح من الآيات الكريمة ۲۱و۲۲ و۱٦٥ إلى ۱٦۷ من سورة البقرة بأن القرآن الكريم قد عرفنا بصفات الأنداد الذين نهانا عن عبادتهم وهذه الصفات هي:
أن الأنداد هم من أعداء الله عزوجل في واقعهم وهم يدخلون النار مع أشياعهم وعبدتهم ويتخاصمون فيها ويتبرأ الأنداد من أشياعهم والأشياع من الأنداد عندما يرون العذاب الشديد.
أيها الإخوة والأخوات، إضلال الناس وإبعادهم عن سبيل الله وصراطه التوحيدي المستقيم هي صفة مميزة للأنداد والأرباب المتفرقين من دون الله، فهم يوقعون أشياعهم في شتى السلوكيات المنحرفة المنافية للفطرة السليمة – قال تبارك وتعالى في الآية ۱۳۷ من سورة الأنعام – "وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ".
فكما تلاحظون، أيها الأفاضل، يشير القرآن الكريم إلى أن هؤلاء الأنداد يزينون للمشركين أقبح الأعمال كقتل الأولاد ويصورونه لهم بصورة العمل الصالح الذي يتقربون به إلى الله عزوجل، أي يلبسون عليهم دينهم وهذا ما فعله طواغيت بني أمية وفقهاء بلاطهم في إضلالهم لأشياعهم في واقعة كربلاء، حيث صوروا لهم قتل الحسين والذرية المحمدية – عليهم السلام – طاعة ليزيد الخليفة بأنه من القربات إلى الله عزوجل.
روى الشيخ الصدوق في كتابي الخصال والأمالي مسنداً عن مولانا الإمام زين العابدين – عليه السلام – أنه قال ضمن حديث: "ولا يوم كيوم الحسين إزدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة، كل يتقرب إلى الله عزوجل بدمه – عليه السلام – وهو يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً".
وقال الله عزوجل في الآيات ۲۸ إلى ۳۰ من سورة إبراهيم "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ{۲۸} جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ{۲۹} وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ{۳۰}".
وعن تخاصم بين الأنداد وأشياعهم يوم القيامة يقول تبارك وتعالى في الآية ۳۳ من سورة سبأ "وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{۳۳}".
وقال عزوجل في الآية الثامنة من سورة الزمر "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ{۸}".
ونقرأ في الآية ۲۹ من سورة فصلت قوله تبارك وتعالى "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ{۲۹}".
أيها الأفاضل، هذه الآيات الكريمة تعرفنا بمصاديق للأنداد الذين نهانا الله عزوجل عن عبادتهم لأنه أئمة الضلال يحرفون الدين الحق ويوقعون الناس في الكفر ويجعلونه يتمردون على الله الذي أحاطهم بنعمه فيسوقونهم إلى النار كما تقدم فرعون قومه إليها، وهذا ما أكدته الأحاديث الشريفة المروية في تفسير الآيات الكريمة المتقدمة ونظائرها، ففي تفسير كنز الدقائق روي عن الإمام الصادق – عليه السلام – أنه طبق الآية الثامنة من سورة الزمر على أحد أئمة الضلال رمز إليه برمز (أبي الفصيل) الذي تأمر على الناس بغير حق من الله ورسوله.
وفي حديث آخر عنه – عليه السلام – طبق آية سورة فصلت المتقدمة على أئمة الجور الذين حاربوا أئمة الهدى وقال: "ومن أشرك بالإمام فقد أشرك بالنبي ومن أشرك بالنبي فقد أشرك بالله".
وروي في أصول الكافي عن مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – قال عن مصداق آيات سورة البقرة المتقدمة عن الذين يحبون لأنداد من دون الله: "هم والله أولياء فلان وفلان إتخذوهم أئمة من دون الإمام الذي جعله الله للناس إماماً .. هم والله أئمة الضلال وأشياعهم".
مستمعينا الأفاضل، إذن فأئمة الضلال والجالسون بظلم مجالس أئمة الحق الذين إختارهم الله للإمامة على طول التأريخ هم أوضح وأبرز مصاديق (الأنداد) الذين يضلون الناس ويصدونهم عن الصراط التوحيدي المستقيم.
وبهذه النتيجة ننهي، أيها الأطائب، لقاء اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، نشكر لكم طيب المتابعة وإلى لقاء مقبل بإذن الله دمتم بألف خير.