سلام من الله عليكم أيها الأطائب.. أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من برنامجكم العقائدي هذا نسعى فيه معاً للإجابة عن السؤال التالي:
من هم (الأنداد) الذين نهانا الله عزوجل عن عبادتهم لكي نخلص له عزوجل التوحيد في العبادة؟
نتلمس الإجابة من ثقلي الهداية المحمدية، كتاب الله وأهل بيت رحمته – عليهم السلام – فتابعونا مشكورين.
أعزاءنا المستمعين، نبدأ أولاً بتعريف معنى (الند) لغوياً وفي الإستخدام القرآني لهذه المفردة.
قال الراغب في معجم مفردات ألفاظ القرآن: نديد الشيء مشاركه في جوهره، وقال العلامة الطريحي في مجمع البحرين: الند هو المثل والنظير ومنه الدعاء "وكفرت بكل ند يدعى من دون الله".
وجاء في الجزء الأول من تفسير كنز الدقائق: الند هو المثل المناوئ أي المخالف من ند ندوداً أي نفر؛ وفي تسمية ما يعبدونه (نداً) لما عظموه وسموه إلهاً وإن لم يزعموا أنه يماثله أو يخالفه تهكم بهم.
وعلى ضوء هذه التعريفات يتضح أن المقصود القرآني من وصف (الأنداد) هو وجودات يتعامل معها عملياً كشركاء ونظائر لله تبارك وتعالى في جوهره الأصل وهو الألوهية واستحقاق العبودية، وإن لم يدعي أتباعها صراحة أنهم نظائر لله جل جلاله.
أما الآن، مستمعينا الأفاضل، فنقرأ الآيات التي ورد فيها ذكر (الأنداد) لنتدبر فيه ونستهدي بأحاديث عدل القرآن الكريم، العترة الطاهرة – عليهم السلام – لنتعرف من هم هؤلاء:
قال الله تبارك وتعالى في الآيتين ۲۱و۲۲ من سورة البقرة "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{۲۱} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ{۲۲}".
ونستفيد – أيها الأفاضل – من هذا النص القرآني أن الأنداد هم وجودات يتوهم عبدتهم أن بأيديهم الرزق من دون الله فيطلبون منهم الرزق ويخضعون لهم بالعبودية مؤثرين طاعتهم على طاعة الله جل جلاله.
ونقرأ في الآيات ۱٦٥ إلى ۱٦۹ من سورة البقرة قوله تبارك وتعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ{۱٦٥} إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ{۱٦٦}" ثم يقول عزوجل مشيراً إلى تبرأ عبّاد الأنداد من معبوديهم:"وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ{۱٦۷} يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ{۱٦۸} إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{۱٦۹}".
أيها الأكارم، من التدبر في الآيات المتقدمة يمكننا تثبيت الحقائق التالية يرتبط بهوية الأنداد؛
الأولى: أنهم ليسوا من أولياء الله ولا من الصالحين بل هم من أعداء الله والصادين عن سبيله لأنهم يدخلون النار مع أشياعهم وعبدتهم، فهم من شياطين الإنس أو الجن.
الثانية: أن عبدة الأنداد يحبونهم من دون الله أي خلاف إرادته وفي دائرة خارجة عن حب الله فهم ليسوا كأولياء الله وأنبيائه عليهم السلام والذين يكون حبهم حباً لله عزوجل.
الثالثة: أن عبادة وحب الأنداد هو من مصاديق السوء والفحشاء إتباعاً لأوامر الشيطان فهو حب مبتذل سفلي وغير مقدس.
والحقيقة الرابعة هي أن عبادة الأنداد واتباعهم لن تحقق لأشياعهم ما يرجونه من الحصول على الرزق بل سيرون أعمالهم تعود عليهم بالحسرات والندامة؛ ولذلك فإنهم سيتبرؤون منهم يوم القيامة.
أما الحقيقة الخامسة المستفادة من الآيات الكريمة المتقدمة فهي أن الأنداد أنفسهم لن يحصلوا على ما كانوا يرجونه من جمع الأتباع والأشياع حولهم ولذلك سيتبرؤون من أشياعهم يوم القيامة عندما يرون إشتراكهم معهم في العذاب الشديد.
أيها الأخوات والإخوة، وبعد أن عرفنا من الآيات الكريمة المتقدمة هوية (الأنداد) يثار السؤال وهو: هل عرفنا القرآن الكريم بمصاديق تأريخية أو معاصرة للأنداد الذين نهى عن عبادتهم؟
هذا السؤال هو محور حديثنا بإذن الله ومشيئته في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين)، إذن كونوا أيها الأكارم، في اللقاء المقبل الذي يأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. شكراً لكم وفي أمان الله.