البث المباشر

كيف ننجو من عبادة الشيطان واتخاذه إلهاً وولياً من دون الله

الأربعاء 6 مارس 2019 - 14:23 بتوقيت طهران

الحلقة 54

سلام من الله عليكم أيها الأطائب.. أزكى تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، وسؤالنا فيه هو (كيف ننجو من عبادة الشيطان واتخاذه إلهاً وولياً من دون الله).
فقد عرفنا من النصوص الشريفة أنهم أخطر الأرباب المتفرقين الذين حذرنا الله من عبادتهم، فكيف ننجو منه ونحن لا نراه؟
نتلمس معاً الإجابة عن هذا السؤال من مناري الهداية وثقلي النجاة من الضلالة، القرآن الكريم وأحاديث أهل بيت النبوة – عليهم السلام – فكونوا معنا.
أيها الأكارم، ينبغي أولاً أن الآيات الكريمة تصرح بأن الشيطان غير قادر على الإستحواذ على طائفة من الناس يعرفنا القرآن الكريم بهم من خلال صفاتهم.
فإذا عرفنا هذه الصفات واتصفنا بها كنا في منأى وأمان من عبادة الشيطان ووساوسه وأحابيله، فما هي هذه الصفات؟
نرجع إلى كتاب الله فنقرأ في الآيات ۳۹ – ٤۳ من سورة الحجر، الحوار التالي بين الشيطان الرجيم والرب القادر الرحيم ضمن قصة الأمر الإلهي بالسجود لآدم وتكبر إبليس وإمتناعه عن الطاعة لأمر الله؛ والآيات هي: "قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{۳۹} إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{٤۰} قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ{٤۱} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ{٤۲} وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ{٤۳}".
ونقرأ في الآية الثانية والعشرين من سورة إبراهيم مخاصمة الشيطان لأتباعه في يوم القيامة: "وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".
أيها الإخوة، من التدبير في هذه الآيات، يتضح أن الشيطان عاجز عن إجبار المخلصين على طاعته وأتباعه بصورة مطلقة، كما أنه عاجز عن غواية غير المخلصين إلا من إتبعه طاعة لأهوائهم، وهذا يعني أن من يتحرر من عبادة أهوائه النفسية ينجو من عبادة الشيطان ومن تمسك بموالاة وإتباع عباد الله المخلصين دخل في زمرتهم ونجا من السقوط في فخاخ الشيطان الرجيم.
روي في تفسير العياشي مسنداً عن مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – قال: "نحن أهل بيت الرحمة وبيت النعمة والبركة، ونحن في الأرض بنيان وشيعتنا عرى الإسلام وما كانت دعوة إبراهيم – عليه السلام – إلا لنا وشيعتنا ولقد إستثنى الله إلى يوم القيامة على إبليس فقال: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان".
وروي في تفسير العياشي وتفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق وغيرها مسنداً عن الإمام الصادق – عليه السلام – ضمن حديث أنه إذا كان يوم القيامة جيء بإبليس مغلولاً ثم يؤتى بشيطان الإنس مغلولاً بضعف أغلاله، فيقول إبليس: من هذا الذي أضعف الله له العذاب وأنا أغويت هذا الخلق جميعاً؟ فيأتيه الجواب بما مؤداه أنه إستحق هذا العذاب ببغيه على أهل بيت النبوة – عليهم السلام – وعندها يخاطبه إبليس بقوله: ويل لك وثبور لك، أما علمت أن الله أمرني بالسجود لآدم فعصيته وسألته أن يجعل لي سلطاناً على محمد وآله وشيعته فلم يجبني إلى ذلك وقال "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان".
مستمعينا الأفاضل.. ونقرأ في الآيات ۹۸-۱۰۰ من سورة النحل أن الذين يتحلون بصدق الإيمان بالله والتوكل عليه ينجون من عبودية الشيطان والإستجابة لوساوسه.
قال الله تبارك وتعالى "فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ{۹۸} إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{۹۹} إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ{۱۰۰}"
وقال عزوجل في الآية ٦٥ من سورة الإسراء "إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً"
وقد روي في تفسير العياشي في آية سورة الإسراء عن عبد الرحمن بن سالم قال: نزلت في علي – عليه السلام – ونحن نرجو أن تجري لمن أحب الله من عباده، ومن هذه الرواية يفهم أن المقصود من الإيمان الكامل بأصول الدين الذي يشتمل على الولاية التي بها كمال الدين.
مستمعينا الأفاضل،، إذن نلخص الإجابة عن سؤال هذه الحلقة بأن النجاة من عبودية الشيطان واتخاذه إلهاً هي ثمرة الإيمان الصادق بالله عزوجل وبنبيه – صلى الله عليه وآله – وأوصيائه المعصومين – عليهم السلام – وهي ثمرة الإخلاص لله عزوجل والتوكل عليه والإستعاذة به من شر الشيطان بموالاة أوليائه الطاهرين محمد وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين.
وبهذا ننهي – بتوفيق الله – لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم ودمتم بألف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة