السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله.. أطيب تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم على بركة الله في حلقة اليوم من برنامجكم هذا.
ما هي المصاديق المعاصرة للأرباب المتفرقين أو الأنداد من دون الله الذين نهى الله عن عبادتهم في كتابه المجيد؟
هذا هو، مستمعينا الأفاضل، سؤالنا في لقاء اليوم وهو سؤال مهم تعيننا معرفة الإجابة عنه على تحقيق التوحيد الخالص الذي أمرنا به، إذن فلنسع معاً للحصول على إجابته من مناري الهداية.
أيها الأكارم، عرفنا في حلقة سابقة من هذا البرنامج أن إتباع الإنسان لهوى النفس الأمارة بالسوء ورغباتها غير المشروعة هو أخطر السبل التي توقع في الشرك والضلالة، فهوى النفس هو أخطر الآلهة المهددة لحياة الإنسان ولذلك أمرتنا النصوص الشريفة بأن نجعل أهواءنا تابعة للإرادة الإلهية ولا نتخذها آلهة من دون الله.
إذن فهوى النفس هو الإله الداخلي الذي تصد عبادته عن عبادة الله وهو أول وأخطر الأرباب المتفرقين.
أما الإله الثاني من هؤلاء الأرباب المتفرقين فهو الشيطان الرجيم، وقد حذرتنا من عبادته وإتباعه كثير من النصوص الشريفة قرآناً وسنة.
قال عزوجل في الآية المائة من سورة الأنعام "وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ" وأخطر هؤلاء الشركاء من الجن هو الشيطان الرجيم، وهو الذي أقسم أن يسعى بكل جهده لإستبعاد بني آدم وصدهم عن عبادة الله والإستحواذ عليهم ومنعهم من سلوك الصراط التوحيدي المستقيم.
قال تبارك وتعالى في الآيات ۱۱٦ – ۱۲۰ من سورة النساء؛
""إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً{۱۱٦} إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً{۱۱۷} لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً{۱۱۸} وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً{۱۱۹} يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً{۱۲۰}"".
إذن، فالشيطان الرجيم هو أخطر الأرباب المتفرقين في خارج وجود الإنسان مثلما أن النفس الأمارة بالسوء هي أخطر آلهة الشرك داخل الإنسان، وكثرة الآيات القرآنية التي تحذرنا من إتباع الشيطان وعبادته والإصغاء لوساوسه، دليل على خطورة دور هذا العدو في جوف الإنسان والصد عن التوحيد الخالص.
والآيات الكريمة صريحة بأن دور الشيطان في الإضلال والغواية مستمر إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم ظهور المهدي الموعود – عجل الله فرجه – كما صرحت بذلك الأحاديث الشريفة.
نعم.. فقد روي في تفسير العياشي عن مولانا الإمام الصادق – عليه السلام – قال: "إن الله أنظره [أي إبليس] إلى يوم يبعث فيه قائمنا".
كما أن المستفاد من الآيات الكريمة أن الشيطان هو إمام أئمة الضلال والأرباب المتفرقين الذين يستعبدون عباد الله ويدعونه للشرك بشتى أقسامه ومظاهره.
قال مولانا الإمام الجواد – عليه السلام – كما في كتاب تحف العقول: "من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان ينطق عن الله فقد عبد الله وإن كان ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان".
أيها الأكارم،، والشيطان – كما صرحت الآيات الكريمة – هو الوجود الذي يثير في الإنسان النزعات الإلحادية التي تدفع الإنسان للإستكبار عن عبادة الله عزوجل والخضوع لإرادته ولأوليائه الصادقين المعبرين عن هذه الإرادة الخيرة وهم خلفاء الله المعصومين – عليهم السلام – الناطقين عن الله عزوجل، ولذلك كان عدواً لله عزوجل وعبادته تؤدي إلى الإلحاد والشرك معاً.
قال مولانا إمام الموحدين علي – عليه السلام – في الخطبة القاصعة بعد حديثه عن خلق آدم – عليه السلام – واستكبار إبليس عن السجود له:
"فعدو الله – إبليس – إمام المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية ونازع الله رداء الجبرية وادرع لباس التعزز وخلع قناع التذلل.. ألا ترون كيف صغره الله بتكبره ووضعه بترفعه فجعله في الدنيا مدحوراً وأعد له في الآخرة سعيراً".
ونفهم – أيها الأفاضل – من هذه الكلمة العلوية أن عاقبة عبادة الشيطان هي أن يصبح الإنسان وضيعاً مهاناً في الدنيا وله في الآخرة العذاب الأليم، أعاذنا الله وإياكم من ذلك ببركة التمسك بولاية وإتباع أعلام توحيده وهداة عباده المخلصين محمد وآله الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين -.
مستمعينا الأفاضل، ويبقى هنا سؤال مهم، هو كيف ينجو الإنسان من عبادة الشيطان وإتخاذه ولياً من دون الله.
وهذا ما سنتناوله بإذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) يأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
فكونوا معنا ولكم خالص الدعوات ودمتم في أمان الله.