البث المباشر

ماهي الآلهة التي تعبد من دون الله

الأربعاء 6 مارس 2019 - 14:22 بتوقيت طهران

الحلقة 50

السلام عليكم أيها الأكارم و رحمة الله ، تحية مباركة طيبة نحييكم بها و نحن نلتقيكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج نعرض فيها على كتاب الله و أهل بيت نبيه الأكرم – صلى الله عليه و آله – السؤال التالي : ما هي الآلهة التي يحذرنا الله عزوجل من عبادتها خاصة و نحن نعيش في زمان لا وجود فيه للأصنام الحجرية التي كان يعبدها المشركون ؟ نلتمس الإجابة معا عن هذا السؤال من النصوص الشريفة فكونوا معنا .
في البداية نشير أيها الأكارم إلى أن المستفاد من النصوص الشريفة إلى أن الله عزوجل قد حذر من عبادة آلهة هي الأصل الذي تفرعت منه عبادة الأصنام الحجرية في الأزمنة الغابرة . بمعنى أن عبادة تلك الآلهة هي التي تورث مظاهر متعددة تتناسب مع خصوصيات كل زمان الثقافية و الفكرية و الإجتماعية و غيرها . لذلك فإن من الضروري لمن أراد النجاة من الشرك بمختلف أنواعه أن يعرف ما هي هذه الآلهة التي يجب اجتناب عبادتها . و عندما نرجع إلى القرآن الكريم نجده يحذرنا بالدرجة الأولى من عبادة أقرب الأوثان إلى الإنسان و هو هواه ، قال الله تبارك و تعالى في الآية ٤۳ من سورة الفرقان : "أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً" و قال عز من قائل في الخمسين من سورة القصص "فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ". و نقرأ في الآية ۲۳ من سورة الجاثية قوله جل جلاله "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ".
أيها الأعزاء ، يتضح من التدبر في الايات الكريمة المتقدمة أن اتخاذ الإنسان لهواه إلاها يعبده من دون الله عزوجل ، يوقعه في الضلالة و يبعده عن عبادة الله الواحد القهار ، و معنى اتخاذ الهوى إلاها هو اتباع الإنسان لما يهوى و يحب دون مراعاة لما يريده الله عزوجل ، و هذا يعني أن عبادة الهوى هي عبادة جاهلية بغير علم ، و هي تعمي بصيرة الإنسان و تجعله لا يرى الحق و يعجز عن اتباعه و الرقي في معارج الكمال ، فيقع في مستنقعات الشرك روي في تفسير علي بن إبراهيم في الآية الثالثة و الأربعين من سورة الفرقان المتقدمة ، قال الباقر – عليه السلام – "نزلت في قريش ، وذلك أنه ضاق عليهم المعاش فخرجوا من مكة و تفرقوا فكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هواه فعبده" .
و قال – عليه السلام – في تفسير آية الجاثية : (نزلت في قريش كلما هووا شيئا عبدوه ، .. و جرى ذلك بعد رسول الله – صلى الله عليه وآله – فيما فعلوه بعده بأهوائهم و آرائهم) 
و هذا يعني أن عبودية الهوى لا تنحصر بزمان الجاهلية أو بعبادة الأصنام الحجرية بل تشمل حتى أرباب الديانات السماوية ، نعم و القرآن الكريم يحدثنا عن قصة بلعم بن باعورا و كان من علماء بني إسرائيل إلا أن اتباعه الهوى حرمه من العروج إلى الكمال .
قال عزوجل في الآيتين ۱۷٥ و۱۷٦ من سورة الأعراف "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ{۱۷٥} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{۱۷٦}" . و روي في مجمع البيان عن مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – أنه قال في هاتين الآيتين الكريمتين : "الأصل فيه بلعم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة". 
إذن خلاصة الجواب عن سؤال هذا اللقاء هي : إن خطر الآلهة التي يحذرنا الله عزوجل من عبوديتها هو هوى الإنسان نفسه فهذا خطر يهدد الجميع حتى الذين أوتوا الإسم الأعظم كما كان حال بلعم بن باعورا .
و هنا نسأل ما هي مصاديق عبادة الهوى ؟ و كيف ننجو منها ؟ و كيف نعرف أننا ابتعدنا عنها ؟
الإجابة عن هذه الأسئلة نتناولها معا في اللقاءات المقبلة من برنامجكم ( أسئلتنا و أجوبة الثقلين ) يأتيكم بإذن الله من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران .
شكرا لكم و دمتم بألف خير .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة