السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله، تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع اليوم من هذا البرنامج، وسؤالنا أيها الأعزاء في هذه الحلقة هو: كيف نكون موحدين لله عزوجل في العبادة؟
سؤال مهم وأساسي نسعى معاً للحصول على إجابته من مناري الهداية الإلهية كتاب الله وأحاديث أهل بيت النبوة – عليهم السلام – تابعونا مشكورين.
أحبتنا المستمعين، قبل الإجابة عن السؤال المتقدم نذكركم بمعنى العبادة ومعنى حصرها بالله تبارك وتعالى.
والمستفاد من مجموع ما ذكرته كتب اللغة لمعنى العبادة واستخدامات النصوص الشريفة، أن العبادة تعني الخضوع وذوبان إرادة العبد في إرادة معبوده.
ومن مظاهرها الطقوس التي يمارسها العابد للتعبير عن ذلك الخضوع والإتصال بمعبوده كالصلاة والدعاء والصوم والسجود ونظائرها.
كما أن من أهم مصاديق العبادة العملية هو طاعة العابد لمعبوده في جميع شؤونه وفيما جميع أوامره ونواهيه، وبناءً على ذلك يكون معنى توحيد الله جل جلاله في العبادة هو أن الموحد لا يخضع إلا لله ولا يطيع سواه تبارك وتعالى.
والنتيجة هي أن العابد لله عزوجل لا ينوي في جميع الطقوس التي يمارسها والأعمال التي يقوم بها سوى طاعة معبوده الحق تبارك وتعالى والخضوع له تعبيراً عن الذوبان في إرادته جل جلاله.
أيها الإخوة والأخوات، وبعد التعريف والجواب الإجمالي المتقدم، نشير أولاً إلى أن النصوص الشريفة قد دعتنا إلى توحيد الله عزوجل بالعبادة في كل مصاديقها، وسواءً الطقوس المعبرة عن الخضوع له أو المصاديق المعبرة عن طاعته واتباع أوامره جل جلاله.
قال الله عز اسمه في الآية ٦٤ من سورة آل عمران مخاطباً نبيه الأكرم – صلى الله عليه وآله -: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ".
وقال عزمن قائل في الآيات ۳۰ إلى ۳۲ من سورة الروم؛ "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{۳۰} مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{۳۱} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{۳۲}".
وكما تلاحظون – مستمعينا الأفاضل – فإن هذه الآيات الكريمة تبين أولاً أن أساس جميع الديانات السماوية هو توحيد الله في العبادة، فالقسم المشترك بين جميع أتباع الكتب السماوية هو: أن لا نعبد إلا الله وهذا هو أيضاً أساس الدين القيم الذي تدعو له الفطرة السليمة بمعنى أن التوحيد في العبادة هو الذي يحقق تطلعات فطرة كل إنسان لبلوغ مراتب الكمال ودرجات السعادة.
كما أن هذا التوحيد يطهر الإنسان من العلو في الأرض والتشتت واتخاذ الأرباب المتفرقين وكل ذلك يؤدي إلى الفساد في الأرض.
قالت مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله عليها في خطبتها الفدكية المباركة: "فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك والصلاة تنزهياً لكم من الكبر".
أي أن التوحيد العبادي لله عزوجل هو ضمانة الطهارة الذاتية للإنسان من الشرك والتكبر والفساد الناتج عنهما.
أما التوحيد العبادي بمعنى الطاعة لأوامر الله جل جلاله، فهو ما ينبهنا له الإمام الصادق – عليه السلام – في المروي عنه في كتاب المحاسن للمحدث الجليل الشيخ البرقي رضوان الله عليه.
قال – عليه السلام – في بيان معنى قول الله تعالى (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ (سورة التوبة۳۱) "أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون".
مستمعينا الأفاضل، نلخص الإجابة عن سؤال هذه الحلقة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) بما يلي:
إن توحيد الله في العبادة يعني أن لا نخضع إلا لله ولا نطيع سواه عزوجل، فكل خضوع لا يرجع إلى الخضوع لإرادته وكل طاعة لا ترجع إلا طاعته عزوجل، هي شرك بالله العظيم.
أجارنا الله من ذلك وجعلنا من خيار الموحدين ببركة التمسك بولاية محمد وآله الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين -.
نشكر لكم أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران طيب المتابعة وفي أمان الله.