البث المباشر

ما هو الدليل الوجداني المحسوس وليس الفلسفي العقلي على أن الله واحد وليس للكون أكثر من إله؟

الأربعاء 6 مارس 2019 - 09:49 بتوقيت طهران

الحلقة 43

سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات... وأهلاً بكم ومرحباً في حلقة اليوم من برنامجكم هذا وفيها نعرض على ثقلي الهداية السؤال التالي:
ما هو الدليل الوجداني المحسوس وليس الفلسفي العقلي على أن الله واحد وليس للكون أكثر من إله؟
فهل في القرآن الكريم وعدله أحاديث العترة المحمدية إجابة عن هذا السؤال؟
نبدأ، مستمعينا الأكارم بكتاب الله المجيد، فنقرأ قوله تبارك وتعالى في الآيات الكريمة ۲۱ إلى ۲٥ وفيها إشارات بليغة إلى الدليل الوجداني الحسي على استحالة تعدد الآلهة وعدم وجود أكثر من إله واحد تبارك وتعالى رب العالمين، قال عزّ من قائل: "أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ{۲۱} لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ{۲۲} لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{۲۳} أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ{۲٤} وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ{۲٥}".
أيها الأعزاء، وقبل أن نثبت الدلالات المستفادة من النص القرآني المتقدم نقرأ الآية الكريمة الحادية والتسعين من سورة (المؤمنون) إذ أن فيها تكملة لهذا الدليل الوجداني؛ قال الله عزوجل: "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ{۹۱}".
نثبت معاً، مستمعينا الأفاضل، معالم الدليل الوجداني المستفاد من هذه الآيات الكريمة على عدم وجود إله مع الله عزوجل بعد قليل، فتابعونا على بركة الله.
أيها الإخوة والأخوات، تنبهنا الآيات الكريمة المتقدمة إلى حقيقة وجدانية ملموسة وهي أن الوحدة الإنسجامية الملموسة في نظام الكون والخلقة هي دليل وجداني على أن الإله الخالق لها والمدبر لشؤونها واحد لا شريك له، وإلا لفسد واختل هذا النظام الكوني وهذا أمر ملموس مشهود وجدانياً في حياتنا العلمية، إذ أن الإنسان يدرك بالفطرة أن تعدد المسؤولين عن عمل معين يظهر في العمل نفسه بوضوح، نتيجة للإختلاف بين المسؤولين.
وهذا يصدق على أي عمل مشروع بسيط، فكيف مع نظام الكون بعظمته!
إذن، فهذا الإنسجام في النظام الكوني، دليل وجداني ملموس على وحدة الإله الخالق المدبر، ولو كان ثمة أكثر من إله، لفسد النظام الكوني إما بظهور الإختلاف فيه نتيجة لإختلاف الإرادات والمشيئات بين الآلهة، وإما لظهور التمايز بينهم وذهاب كل إله بما خلق كما تشير لذلك آية سورة (المؤمنون).
ولذلك قال الشاعر الحكيم:

وله في كل شيء آية

تدل على أنه واحد


مستمعينا الأفاضل، كما أن في الآيات الكريمة إشارة إلى دليل وجداني ثان على عدم وجود إله غير الله تبارك وتعالى، وهذا ما تنبه له آيات سورة الأنبياء وهي تطالب مدعي تعدد الآلهة بدليل وآثار تدل على وجود آلهتهم المزعومة، في حين أن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – يعرض عليهم آثار الإله الواحد القهار، فهو وسائر الأنبياء – عليهم السلام – جاؤوا منه تعالى بآيات ومعجزات تدل عليه وتصرح بأنه واحد لا شريك له، فأين آثار الآلهة الآخرين وأين رسلهم؟
يقول مولانا أميرالمؤمنين ومولى الموحدين في وصيته لولده – عليهما السلام -: "واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته ولكنه إله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد".
أيها الإخوة والأخوات، إذن يتضح من نصوص القرآن والعترة المحمدية الطاهرة أن أوضح دليل وجداني على وحدة الله وعدم وجود آلهة، غير تبارك وتعالى، هو الإنسجام في نظام الخلقة وعدم تطرق الفساد والإختلاف إليه، كما أن عدم وجود آثر لآلهة آخرين من الرسل وآيات الصنع والخلق هو دليل وجداني آخر على أن الله تبارك وتعالى هو الواحد القهار.
وبهذه النتيجة نختم لقاء اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله منكم حسن الإصغاء وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة