البث المباشر

ما معنى توحيد الله في الربوبية

الأربعاء 6 مارس 2019 - 09:46 بتوقيت طهران

الحلقة 41

سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة من الله وبركات.
أطيب تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج وسؤالنا الذي نعرضه على ثقلي الهداية فيها هو: ما معنى توحيد الله في الربوبية؛ فنشير إلى أن معنى الربوبية هو تدبير وتسيير شؤون الخلق، فكيف نكون موحدين لله عزوجل في هذا الجانب.
نتلمس الإجابة من مناري الهدى الإلهي فتابعونا على بركة الله...
أيها الأعزة، عندما نرجع إلى القرآن الكريم نجد أن في آياته الكريمة ما تصرح بأن الرب المدبر لشؤون الخلق هو الله وحده لا شريك له.
وإلى جانب هذه الطائفة من الآيات الكريمة نجد آيات أخرى تصرح بأن تدبير شؤون الخلق من قبل الملائكة وغيرهم.
فما معنى توحيد الله عزوجل على ضوء هاتين الطائفتين من الآيات الكريمة. للحصول على الإجابة نتدبر أولاً في نماذج من كلا الطائفتين، فنبدأ أولاً بقول الله عزوجل في الآية الثالثة من سورة يونس وهو:
"إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ".
فالآية الكريمة صريحة في نسبة تدبير شؤون الخلق إلى الله عزوجل لأنه هو الرب تبارك وتعالى.
وروى الشيخ الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا عنه – عليه السلام – في تفسير آية "الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" من سورة الفاتحة، قال: "الْحَمْدُ للّهِ" إنما هو أداء لما أوجب الله عزوجل على خلقه من الشكر، وشكر لما وفق [الله] عبده من الخير، وقوله "رَبِّ الْعَالَمِينَ" توحيد له وتحميد وإقرار بأنه الخالق المالك لا غيره".
وعلى ضوء هذه النصوص يتضح - مستمعينا الأكارم - أن معنى التوحيد في الربوبية، الإقرار بأن الله عزوجل هو وحده الذي يدبر شؤون خلقه بما فيه صلاحهم ولذلك وجب له الحمد عليهم.
وقد هدتنا الأحاديث الشريفة إلى نماذج عملية لهذا التدبير الإلهي لشؤون العباد بما فيه صلاحهم، فمثلاً روى الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في كتاب التوحيد عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – حديثاً قدسياً طويلاً عن الله تبارك وتعالى جاء في جانب منه قوله عزوجل: "وإن من عبادي المؤمنين.. لمن يريد العبادة فأكفه عنه لئلا يدخله العجب فيفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك.. وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو صححت جسمه لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك، إني أدبر من عبادي لعلمي بقلوبهم، فإني عليم خبير".
مستمعينا الأطائب، ونقرأ في القرآن الكريم كثيراً من الآيات التي تبين لنا مظاهر ربوبية الله عزوجل وجميل تدبيره لشؤون خلقه.
فمنها الآيات التي تتحدث عن رزقه لعباده وتوفيره عزوجل لكل ما يحتاجونه، ومنها الآيات الكريمة التي تبين تسخير الله عزوجل لما في السموات والأرض وتسييره لها بما يوفر جميع العوامل اللازمة لكي يتمكن الإنسان من أن يحيا الحياة الطيبة ويصل إلى كماله المقدر له.
وعلى ضوء ذلك كيف نفهم، أيها الأطائب، نسبة التدبير إلى الملائكة كما في قوله عزوجل في الآية الخامسة من سورة النازعات عن طوائف الملائكة؛ "فالمدبرات أمراً"؟
الجواب هو: أن تدبير الملائكة لشؤون العباد إنما يكون بهداية الله عزوجل وبإذنه وأمره تبارك وتعالى وذلك ضمن نظام الأسباب، فهو تبارك وتعالى بالتالي رب الأرباب.
وخلاصة الجواب على سؤال هذه الحلقة هو أعزاءنا: إن توحيد الله في الربوبية يعني الإقرار بأنه تبارك وتعالى هو وحده الذي يدبر شؤون الخلق بما فيه صلاحهم وإيصالهم إلى الكمال المقدر لهم.
وبهذه النتيجة ننهي، من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، أيها الأحبة، لقاء اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) نشكركم طيب الإصغاء ودمتم سالمين. 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة