السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج وسؤالنا فيه هو: (ما معنى كلمة التوحيد؟).
نلتمس الإجابة من نصوص مناري الهداية، كتاب الله المجيد وأهل بيت النبوة المحمدية عليهم الصلاة والسلام، تابعونا على بركة الله.
قال الله بارك وتعالى في الآية (۱۸) من سورة آل عمران:
" شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
هذه مستمعينا الأحبة هي شهادة أو كلمة التوحيد التي يشهد الله عزوجل بها من خلال قيامه بالقسط في تدبير شؤون عباده فتتوجه إليه القلوب متألهة إليه وحده لأنه هو العزيز الحكيم.
ويظهر ذلك من عرف الله عزوجل كالملائكة وأولي العلم والمعرفة به تبارك وتعالى، فمن عرفه عرف بأنه العدل العزيز الحكيم الذي لا يعادله شيئاً في كل كمالاته المطلقة.
روى الشيخ البرقي في كتاب المحاسن بسنده عن مولانا باقر العلوم المحمدية – عليه السلام – قال: "ما من شيء أعظم شهادة أن لا إله إلا الله، لأن الله لم يعدله شيئ ولا يشركه في الأمور أحد".
وروي في الكافي مسنداً عن الإمام الصادق – عليه السلام – قد سئل في رسالة بعثت عن اختلاف الناس في حقيقة التوحيد وعن المذهب الصحيح، فكتب (عليه السلام) في الجواب يقول: "سألت، رحمك الله، عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله بخلقه المفترون على الله" ثم قال – عليه السلام -"فاعلم، رحمك الله، أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل وعز، فإنف عن الله تعالى البطلان والتشبيه، فلا نفي ولا تشبيه، هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون، ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان".
إذن مستمعينا الأكارم، فمعنى كلمة التوحيد هو الإقرار بأن الله عزوجل هو وحده الذي ليس كمثله شيء في أي شيء من شؤونه عزوجل، ولا يعدله أحد، أي لا يمكن لأحد بلوغ كمالاته المطلقة تبارك وتعالى.
وبهذه الكمالات المطلقة، من سعة الرحمة والحكمة والتدبير وغيرها، تنجذب له قلوب الخلق فتعبده وتحمده على ما ينزل عليها من فيض كمالاته عزوجل.
وروي في الكافي عن محمد بن زيد قال: جئت إلى الرضا – عليه السلام – أسأله عن التوحيد، فأملى علي [قائلاً]: "الحمد لله فاطر الأشياء إنشاءً ومبتدعاً بقدرته وحكمته.. متوحداً بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته.. إحتجب بغير حجاب محجوب.. عرف بغير رؤية ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم لا إله إلا الله الكبير المتعال".
وقال الرضا – عليه السلام – أيضاً: "أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله جل اسمه توحيده، ونظام توحيده نفي التوحيد عنه، لشهادة العقول أن كل محدود مخلوق".
وفي ميزان الحكمة عن الإمام الباقر – عليه السلام – قال: "معنى قوله "اللَّهُ أَحَدٌ": المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته، فرد بإلاهيته، متعال عن صفات خلقه".
أيها الإخوة والأخوات، نلخص الآن الإجابة المستفادة من النصوص الشريفة المتقدمة عن معنى كلمة التوحيد، فنقول: إنها تعني الإقرار بأن الله تبارك وتعالى هو وحده الوجود الذي لا تحد كمالاته أية حدود، فلا حد لرحمته ولا حد لحكمته ولا حد لقدرته ولا حد لعلمه ولا حد لحياته، وهكذا الحال مع جميع صفاته العليا تبارك وتعالى، ولذلك لا تستطيع إدراكاتنا المحدودة أن تتصور كمالاته غير المحدودة، ولأنه فيض هذه الصفات العليا على خلقه مستمر متواصل تنجذب إليه القلوب، فتتأله له وتعبده وتنزهه عن جميع صفات خلقه في محدوديتها.
وبهذه الخلاصة ننهي، أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
تقبل الله منكم طيب المتابعة ودمتم في رعاية سالمين والحمد لله رب العالمين.