بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته.
معكم في لقاء جديد من برنامجكم هذا نتلمس فيه إجابة مناري الهدي علي السؤال الذي عرضناه في ختام الحلقة السابقة وهو: «من أين نحصل علي معرفة الله، وكيف نضمن أن ما نحصل عليه هو حق المعرفة؟»
فقد عرفنا من نصوص الثقلين أن معرفة الله حق معرفته تعني معرفته عزّ وجل بالمعرفة المناسبة لعظمته بعيد عن تشبيهه بخلقه أو تحديد مظاهر عظمته جل جلاله. فمن أين نأخذ هذه المعرفة النقية من الشوائب؟
تابعونا مشكورين أيها الأعزاء للحصول علي الإجابة.
تمهيدا للإجابة نشير، مستمعينا الأفاضل، إلي أن المستفاد من النصوص الشريفة أن لمعرفة الله بحق معرفته مراتب ودرجات تتناسب مع درجة إيمان المؤمن فكلما ازداد إيمان الإنسان وتقواه فاز بمراتب أعلي من المعرفة الشهودية عموما ومنها معرفة الله عزّ وجل.
وهذا ما تناولناه في حلقات سابقة من هذا البرنامج ضمن الحديث عن مصادر المعرفة والعلم الإلهامي والنصوص الشريفة متظافرة في التأكيد علي حقيقة أن أعلي مراتب معرفة الله حق معرفته قد خص الله بها عزّ وجل نبيه الأكرم وأهل بيته الطاهرين –صلوات الله عليهم أجمعين–.
جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله –صلي الله عليه وآله– أنه قال لأمير المؤمنين –عليه السلام–: (يا علي ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك). وقال – صلي الله عليه وآله – في حديث صحيح آخر كما في مشارق الأنوار: (يا علي ما عرفك إلا الله وأنا، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرف الله إلا أنا وأنت).
من هنا نفهم، مستمعينا الأفاضل، أن الحصول علي معرفة الله حق معرفته إنما يتحقق بتلقيها من طريق أهل بيت النبوة –عليهم السلام– وبياناتهم المعصومة لحقائق القرآن الكريم. جاء في إحدي زيارتهم الجامعة –عليهم السلام–: (السلام علي محال معرفة الله ومشاكي نور الله ومساكن بركة الله ومعادن حكمة الله وخزنة علم الله وحفظة سر الله وحملة كتاب الله وأوصياء نبي الله وذرية رسول الله صلي الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته).
وتصرح أحاديث أخري، مستمعينا الأكارم، بأن صدق الولاء لمحمد وآله الطاهرين –عليهم السلام– هو ضمانة الفوز بمعرفة الله حق معرفته.
روي ابن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح عن مولي الموحدين وأمير المؤمنين الوصي المرتضي –عليه السلام– أنه قال: (ويحا للطالقان، فإن لله عزّ وجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ولكنها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي آخر الزمان).
وفي كتاب (تحف العقول) عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام– قال: (إن لمحبينا في السرّ والعلانية علامات يعرفون بها.. أولها أنهم عرفوا التوحيد حق معرفته وأحكموا علم توحيده، والإيمان بعد ذلك بما هو وما صفته، ثم علموا حدود الإيمان وحقائقه وشروطه) وقال –عليه السلام– أيضا ضمن حديث طويل مروي في كتاب كفاية الأثر: (إن العلماء ورثوا العلم بالطلب وإن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة، فمن أخذه بهذه السر إما أن يسفل وإما أن يرفع وأكثرهم الذي يسفل ولايرفع إذا لم يرع حق الله ولم يعمل بما أمر به، فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته فلم يحبه، فلايغرنك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم)، ثم قال –عليه السلام– لراوي الحديث: (يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فإنا ورثناه وأوتينا الحكمة وفصل الخطاب.. اصطفانا الله وطهرنا وأوتينا ما لم يؤت أحدا من العالمين).
مستمعينا الأكارم، إذن الجواب الذي نستفيده من هذه النصوص بشأن سؤال هذه الحلقة هو: إن الحصول علي معرفة الله حق معرفته يتحقق بأخذها من طريق أهل بيت النبوة المحمدية –صلي الله عليهم أجمعين–.
فهم أعرف الخلق بالله عزّ وجل، والأخذ منهم ضمانة أن نعرف الله عزّ وجل معرفة نقية من شوائب الشرك والتشبيه ونظائرهما.
وبهذه النتيجة نختم لقاء اليوم من برنامجكم(أسئلتنا وأجوبة الثقلين) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
تقبل الله أعمالكم وفي أمان الله.