بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله.
تحية مباركة طيبة يسرنا أن نهديها لكم في مطلع حلقةٍ أخرى من هذا البرنامج، وسؤالنا فيه أيها الاحبة هو عن العوامل التي تفتح امام الانسان آفاق الفوز بالعلم الالهامي اللدني ونور الحكمة الذي يقذفه الله، فيقلب المؤمن.
وهو سؤال عرضناه في حلقة سابقة على منارى الهداية الربانية القرآن الكريم وأحاديث أهل بيت النبوة -عليهم السلام-.
وعرفنا من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة أن أهم هذه العوامل هما تقوى الله عزوجل والتمسك بمحبة وولاية أهل بيت النبوة المحمدية –عليهم السلام-.
فماهي العوامل الاخرى للفوز بنور العلم الالهي؟ نبحث عن الاجابة في النصوص الشريفة،فتابعونا على بركة الله عزّ وجل.
الجهاد في الله هو أحد العوامل المهمة للفوز بالعلم الالهامي كما يصرح بذلك القرآن الكريم في الآية الاخيرة من سورة العنكبوت حيث يقول عزّ من قائل:
«وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ».
ومعنى الجهاد في الله هو التقرب الى الله عزّ وجل وابتغاء رضاه ببذل الجهد في ترويض النفس لإرادته وطاعته أو في مجاهدة أعدائه جلّ جلاله.
ومن يفعل ذلك يلهمه الله عزّ وجل علم سبل التقرب اليه ويعرّفه بما يقربه اليه وما يبعده عنه تبارك وتعالى.
العامل الاخر للفوز بنور الحكمة والهداية الالهية الخاصة، هو صدق الايمان بالله عزّ وجل.
نعم أحباءنا فهذا هو المستفاد من قوله عزّ وجل في الآية ۱۱ من سورة التغابن حيث يقول «وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ».
ومعنى (يَهْدِ قَلْبَهُ) هو قذف نور الحكمة فيه وإلهامه ما يقرّبه اليه عزّ وجل.
كما أن طاعة الله عزّ وجل والعمل بما عرفه الانسان من الأوامر الإلهية سبب للفوز بنور الهداية الخاصة.
قال الله تبارك تعالى في الآية ٥٤ من سورة النور «قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا».
يعني تهتدوا ببركة النور الذي يقذفه الله في قلوب المؤمنين الى الهداية الالهية الخاصة.
ونقرأ في كتاب الفصول المختارة للسيد المرتضي الحديث المروي من طرق أهل السنة والشيعة عن رسول الله –صلى الله عليه وآله – انه قال: (من عمل بما يعلم ورثه الله علم ما لم يعلم).
وفي البحار عن امامنا جعفر الصادق –عليه السلام- قال: (من عمل بما يعلم علّمه الله ما لم يعلم).
مستمعينا الأفاضل كما ان الاخلاص في العمل لله عزّ وجل هو من أهم عوامل الفوز بنور الحكمة.
فقد روي من طرق الفريقين عن الحبيب المصطفي –صلى الله عليه وآله –قال: (ما أخلص عبد لله عزّ وجل أربعين صباحاً الا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه).
وفي كتاب (غرر الحكم) عن الوصي المرتضي –عليه السلام- قال: (هدى من أخلص ايمانه).
-وقال عليه السلام: (عند تحقق الاخلاص تستنير البصائر).
أيها الإخوة والأخوات وتهدينا الأحاديث الشريفة الى أن التحرر من أسر الدنيا وصدق الزهد في زخرفها سبب للفوز بنور الحكمة والعلم الإلهامي.
أجل، فقد روي في كتاب حلية الاولياء وكتاب تحف العقول وغيرهما أن رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم – كان يوصى أصحابه قائلاً:
-(هل منكم من يريد أن يؤتيه الله علماً بغير تعلمٍ وهدى بغير هداية؟! هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا؟! ألا إنه من رغب في الدنيا وأطال أمله فيها أعمل الله قلبه على قدر ذلك، ومن زهد في الدنيا وقصر أمله فيها أعطاه الله علماً بغير تعلم وهدى بغير هداية).
وروي في كتاب الكافي وتحف العقول وغيرهما عن أمير المؤمنين –عليه السلام- قال: (من زهد في الدنيا ولم يجزع من ذلّها ولم ينافس في عزّها هداه الله بغير هدايةٍ من مخلوق وعلّمه بغير تعليم وأثبت الحكمة في قلبه وأجراها على لسانه).
وثمة عامل مهم آخر للفوز بالعلم اللدني تهدينا الى أحاديث أهل بيت النبوة –عليهم السلام- وهو عامل الحرص على تناول الطعام الحلال البعيد عن الشبهات.
فقد روي في كتاب عدة الداعي وكتاب أحياء العلوم وغيرهما عن رسول الله –صلى الله عليه وآله –أنه قال: (من أكل الحلال أربعين يوماً نوّر الله قلبه وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه).
وفي كتاب مجمع البحرين عنه –صلى الله عليه واله – قال: (من أكل من الحلال صفا قلبه ورقّ ودمعت عيناه ولم يكن لدعوته حجاب).
وفي كتاب مسند زيد بن علي عن جده أمير المؤمنين –عليه السلام- قال: ( من أخلص لله اربعين صباحاً يأكل الحلال صائماً نهاره قائماً ليله أجرى الله سبحانه ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه).
وفي كتاب المواعظ العددية عن الوصي المرتضى –عليه السلام- قال: (ضياء القلب من أكل الحلال).
كما هدتنا الأحاديث الشريفة الى ان الصوم من العوامل المهمة في استجلاب العلم الالهامي، فقد روي في حديث المعراج أن الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وآله- سأله ربه قائلاً: (يا رب وما ميراث الصوم)؟
فأجاب تبارك وتعالى: (الصوم يورث الحكمة، والحكمة تورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين).
وأخيراً فإن من الوسائل المهمة للفوز بالعلم الإلهامي المبارك هو الدعاء وقد نبهتنا لذلك كثير من النصوص الشريفة، نظير قوله عزّ وجل («وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا».
ودعاء رسول الله –صلى الله عليه وآله- الشهير: (اللهم أرنا الحقائق كما هي).
وكذلك دعاء مولانا الامام زين العابدين -عليه السلام- (اللهم هب لي نوراً أمشي به في الناس وأهتدي به في الظلمات، واستضئ به من الشك والشبهات..).
اللهم آمين يا رب العالمين. بهذا الدعاء مستمعينا مستمعاتنا، نختم لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، شكرا لكم ودمتم بكل خير. الى اللقاء.