البث المباشر

مقتل الامام الحسين عليه السلام ملخص مكتوب.. القسم الثالث

الإثنين 15 يوليو 2024 - 11:08 بتوقيت طهران
مقتل الامام الحسين عليه السلام ملخص مكتوب.. القسم الثالث

واقعة مقتل الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

 

الصلاة

 

وقام الحسين إلى الصلاة، فقيل إنّه صلّى بمَن بقي من أصحابه صلاة الخَوف، وتقدّم أمامه زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي في نصف من أصحابه، ويقال إنّه صلّى، وأصحابه فرادى بالإيماء.

 

ولمّا اُثخن سعيد بالجراح سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهمّ العنهم لعن عاد وثمود وابلغ نبيّك منّي السّلام وابلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإنّي أردت بذلك ثوابك في نصرة ذريّة نبيّك (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والتفت إلى الحسين (ع) قائلاً: أوفيت يابن رسول الله؟ قال: «نعم، أنت أمامي في الجنّة»، وقضى نحبه فوُجد فيه ثلاثة عشر سهماً غير الضرب والطعن.

 

ولمّا فرغ الحسين (ع) من الصلاة قال لأصحابه: «يا كرام، هذه الجنّة قد فتحت أبوابها، واتصلت أنهارها، وأينعت ثمارها، وهذا رسول الله والشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله يتوقّعون قدومَكم ويتباشرون بكم، فحاموا عن دين الله ودين نبيِّه، وذبّوا عن حرم الرسول». فقالوا: نفوسنا لنفسك الفداء، ودماؤنا لدمك الوقاء فوالله لا يصل إليك وإلى حرمك سوء وفينا عرق يضرب.

 

الخيل تعقر

 

ثمّ إنّ عمر بن سعد وجّه عمرو بن سعيد في جماعة من الرماة فرموا أصحاب الحسين وعقروا خيولهم ولَم يبقَ مع الحسين فارس إلاّ الضحّاك بن عبد الله المشرقي يقول: لمّا رأيت خيل أصحابنا تُعقر أقبلتُ بفرسي وأدخلتها فسطاطاً لأصحابنا. واقتتلوا أشدّ القتال. وكان كلّ مَن أراد الخروج ودّع الحسين (ع) بقوله: السّلام عليك يابن رسول الله. فيُجيبه الحسين (ع): «وعليك السّلام، ونحن خلفك»، ثمّ يقرأ (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).

 

زهير وابن مضارب

 

وخرج سلمان بن مضارب البجلي ـ وكان ابن عمّ زهير بن القين ـ فقاتل حتّى قُتل. وخرج بعده زهير بن القين فوضع يده على منكب الحسين وقال مستأذناً:

 

أقدم هديت هادياً مهديّاً

فاليوم القى جَدَّك النبيّا

وحسناً والمرتضى عليّاً

وذا الجناحين الفتى الكميّا

وأسد الله الشهيد الحيّا

 

فقال الحسين (ع): «وأنا ألقاهما على أثرك». وفي حملاته يقول:

 

أنا زهير وأنا ابن القين

أذودكم بالسّيف عن حسين

 

فقتل مئة وعشرين، ثمّ عطف عليه كثير بن عبد الله الصعبي والمهاجر بن أوس فقتلاه. فوقف الحسين (ع) وقال: «لا يبعدنّك الله يا زهير، ولعن قاتليك لعن الذين مُسخوا قردةً وخنازير».

 

عمرو بن قرظة

 

وجاء عمرو بن قرظة الأنصاري ووقف أمام الحسين (ع) يقيه من العدو ويتلقّى السّهام بصدره وجبهته فلم يصل إلى الحسين (ع) سوء، ولمّا كثر فيه الجراح التفت إلى أبي عبد الله وقال: أوفيت يابن رسول الله؟ قال: «نعم، أنت أمامي في الجنّة، فاقرأ رسول الله منّي السّلام، وأعلِمه أنّي في الأثر». وخرَّ ميّتاً.

 

فنادى أخوه علي وكان مع ابن سعد: يا حسين، يا كذّاب، غررت أخي حتّى قتلته؟ فقال عليه السّلام: «إنّي لَم أغر أخاك، ولكنّ الله هداه وأضلّك». فقال: قتلني الله إنْ لَم أقتلك. ثمّ حمل على الحسين ليطعنه، فاعترضه نافع بن هلال الجملي فطعنه حتّى صرعه، فحمله أصحابه وعالجوه وبرئ.

 

نافع الجملي

 

ورمى نافع بن هلال الجملي المذحجي بنبال مسمومة، كتب اسمه عليها وهو يقول.

 

أرمي بها معلمة أفواقها

مسمومة تجري بها اخفاقها

ليملأنَّ ارضها رشاقها

والنفس لا ينفعها اشفاقها

 

فقتل اثنى عشر رجلاً سوى من جرح، ولمّا فنيت نباله جرّد سيفه يضرب فيهم، فأحاطوا به يرمونه بالحجارة والنصال حتّى كسروا عضديه وأخذوه أسيراً فأمسكه الشمر ومعه أصحابه يسوقونه، فقال له ابن سعد: ما حملك على ما صنعت بنفسك؟ قال: إنّ ربّي يعلم ما أردتُ. فقال له رجل وقد نظر إلى الدماء تسيل على وجهه ولحيته: أما ترى ما بك؟ فقال: والله لقد قَتلتُ منكم اثني عشر رجلاً سوى مَن جرحت، وما ألوم نفسي على الجهد، ولَو بقيت لي عضد ما أسرتموني. وجرّد الشمر سيفه فقال له نافع: والله يا شمر لَو كنتَ من المسلمين لعظم عليك أنْ تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدَي شرار خلقه. ثمّ قدّمه الشمر وضرب عنقه.

 

واضح وأسلم

 

ولمّا صُرع واضح التركي مولى الحرث المذحجي استغاث بالحسين (ع)، فأتاه أبو عبد الله واعتنقه، فقال: مَن مثلي وابن رسول الله (ص) واضع خدّه على خدّي! ثم فاضت نفسه الطاهرة.

 

ومشى الحسين إلى أسلم مولاه، واعتنقه وكان به رمق فتبسّم وافتخر بذلك ومات!

 

برير بن خضير

 

ونادى يزيد بن معقل: يا برير كيف ترى صنع الله بك؟ فقال: صنع الله بي خيراً، وصنع بك شرّاً. فقال يزيد: كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّابا، أتذكر يوم كنت اُماشيك في بني لوذان وأنت تقول: كان معاوية ضالاً وإنّ إمام الهدى علي بن أبي طالب؟ قال برير: بلى، أشهد إنّ هذا رأيي. فقال يزيد: وأنا أشهد إنّك من الضالّين. فدعاه برير إلى المباهلة فرفعا أيديهما إلى الله سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله، ثمّ تضاربا فضربه برير على رأسه قدّت المغفر والدماغ، فخرّ كأنّما هوى من شاهق، وسيف برير ثابت في رأسه. وبينا هو يريد أنْ يخرجه إذ حمل عليه رضي بن منقذ العبدي واعتنق بريراً واعتركا فصرعه برير وجلس على صدره، فاستغاث رضي بأصحابه، فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل على برير، فصاح به عفيف بن زهير بن أبي الأخنس: هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يقرؤنا القرآن في جامع الكوفة، فلَم يلتفت إليه وطعن بريراً في ظهره، فبرك برير على رضي وعض وجهه وقطع طرف أنفه، وألقاه كعب برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله.

 

وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وقال: لقد أنعمت عليَّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبداً.

 

ولمّا رجع كعب بن جابر إلى أهله عتبت عليه امرأته النوار وقالت: أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيّد القرّاء، لقد أتيت عظيماً من الأمر، والله لا اُكلّمك من رأسي كلمة أبداً.

 

حنظلة الشبامي

 

ونادى حنظلة بن سعد الشبامي: يا قوم، إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، وما الله يريد ظلماً للعباد. يا قوم، إنّي أخاف عليكم يوم التناد يوم تولّون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد. يا قوم، لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى.

 

فجزاه الحسين (ع) خيراً وقال: «رحمك الله إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين». قال: صدقت يابن رسول الله أفلا نروح إلى الآخرة؟ فأذن له، فسلّم على الحسين (ع) وتقدّم حتّى قُتل.

 

عابس

 

وأقبل عابس بن شبيب الشاكري على شَوذب مولى شاكر ـ وكان شَوذب من الرجال المخلصين وداره مألف للشيعة يتحدثون فيها فضل أهل البيت ـ فقال: يا شَوذب، ما في نفسك أنْ تصنع؟ قال: اُقاتل معك حتّى اُقتل. فجزاه خيراً وقال له: تقدّم بين يدَي أبي عبد الله (ع) حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك وحتّى أحتسبك فإنّ هذا يوم نطلب فيه الأجر بكلّ ما نقدر عليه. فسلّم شَوذب على الحسين، وقاتل حتّى قُتل.

 

فوقف عابس أمام أبي عبد الله (ع) وقال: ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليَّ منك، ولَو قدرت أنْ أدفع الضيم عنك بشيء أعزّ عليَّ من نفسي لفعلت، السّلام عليك، أشهد أنّي على هداك وهدى أبيك. ومشى نحو القوم مصلتاً سيفه وبه ضربة على جبينه فنادى: ألا رجل؟ فأحجموا عنه؛ لأنّهم عرفوه أشجع النّاس. فصاح عمر بن سعد: أرضخوه بالحجارة. فرُمي بها، فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره وشدّ على النّاس وإنّه ليطرد أكثر من مئتين، ثمّ تعطّفوا عليه من كلّ جانب فقُتل.

 

جون

 

ووقف جون مولى أبي ذرّ الغفاري أمام الحسين يستأذنه فقال (عليه السّلام): «يا جون إنّما تبعتنا طلباً للعافية، فأنت في إذن منّي». فوقع على قدميه يقبّلهما ويقول: أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدّة أخذلكم، إنّ ريحي لنتن، وحسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفّس عليَّ بالجنّة؛ ليطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيّض لوني، لا والله لا اُفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين، فقَتل خمساً وعشرين وقُتل. فوقف عليه الحسين (ع) وقال: «اللهمّ بيِّض وجهه وطيِّب ريحه، واحشره مع محمّد (ص) وعرِّف بينه وبين آل محمّد (ص)».

 

فكان مَن يمرّ بالمعركة يشمّ منه رائحةً طيّبة أذكى من المسك.

 

أنس الكاهلي

 

وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي شيخاً كبيراً صحابياً، رأى النبي وسمع حديثه وشهد معه بدراً وحنيناً، فاستأذن الحسين (ع) وبرز شاداً وسطه بالعمامة رافعاً حاجبيه بالعصابة، ولمّا نظر إليه الحسين (ع) بهذه الهيئة بكى وقال: «شكر الله لك يا شيخ». فقَتل على كبره ثمانية عشر رجلاً وقُتل.

 

عمرو بن جنادة

 

وجاء عمرو بن جنادة الأنصاري بعد أنْ قُتل أبوه ـ وهو ابن إحدى عشرة سنة ـ يستأذن الحسين (ع) فأبى وقال: «هذا غلام قُتل أبوه في الحملة الاُولى، ولعلّ اُمّه تكره ذلك». قال الغلام: إنّ اُمّي أمرتني. فأذن له فما أسرع أنْ قُتل ورُمي برأسه إلى جهة الحسين (ع) فأخذته اُمّه ومسحت الدم عنه، وضربت به رجلاً قريباً منها فمات وعادت إلى المخيّم فأخذت عموداً وقيل سيفاً وأنشأت:

 

إنّي عجوز في النّسا ضعيفة

خاوية بالية نحيفة

أضربكم بضربة عنيفة

دون بني فاطمة الشريفة

 

فردّها الحسين (ع) إلى الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجلَين.

 

الحَجّاج الجعفي

 

وقاتل الحجاج بن مسروق الجعفي حتّى خضب بالدماء، فرجع إلى الحسين (ع) يقول:

 

اليوم ألقى جدّك النبيّا

ثم أباك ذا النّدى عليا

ذاك الذي نعرفه الوصيّا

 

فقال الحسين: «وأنا ألقاهما على أثرك». فرجع يقاتل حتّى قُتل.

 

سويد

 

ولمّا اُثخن بالجراح سويد بن عمرو بن أبي المطاع سقط لوجهه، وظُنَّ أنّه قُتل، فلمّا قُتل الحسين (ع) وسمعهم يقولون: قُتل الحسين. أخرج سكّينةً كانت معه فقاتل بها، وتعطفوا عليه فقتلوه، وكان آخر مَن قُتل من الأصحاب بعد الحسين (عليه السّلام).

مقتل الامام الحسين مكتوب.. القسم الرابع

يتبع...

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة