البث المباشر

داوود بن القاسم المعروف بابي هاشم الجعفري

الخميس 14 فبراير 2019 - 18:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقه 296

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين المصدقين المرحوم المحدث الفذ داوود بن القاسم المشهور بأبي هاشم الجعفري، والذي ظاهراً جعفري ينتهي منشأه ونسبه الى جعفر الطيار بن ابي طالب عم النبي كافله وحاميه، داوود بن القاسم وهو ابو هاشم الجعفري من احفاد جعفر الطيار وهو فذ من افذاذ الاسلام وعلم من اعلام العقيدة واشتهر بولاءه الشديد للائمة الطاهرين(ع) وقد عاصر الامام الرضا والامام الجواد والامام الهادي والامام العسكري(ع) وكان منقطعاً اليهم ومنتهلاً من علومهم وله نماذج من الشعر الجيد فيهم ومن شعره في الامام الهادي(ع) عندما اعتل بأبي هو وامي علة الموت فقال ابو هاشم:

مادت الارض بي وادمت فؤادي

واعترتني موارد العدواء

حين قيل الامام نضو عليل

قلت نفسي فدته كل الفداء

مرض الدين لاعتلالك واعتل

وغارت له نجوم السماء

عجبا ان منيت بالداء والسقم

وانت الامام حسم الداء

انت آسي الادواء دنيا

ومحيي الاموات والاحياء

ابو هاشم الجعفري له مكانه مرموقة عند الائمة الاربعة الذين عاصرهم وقد قال له الامام الهادي(ع) ذات يوم يا ابا هاشماي نعم الله عزوجل عليك تود شكرها فقال ابو هاشم وجمت، تحيرت ولم ادر ما اقول فأبتدر وقال يا ابا هاشم رزقك الله الايمان فحرم به بدنك على النار ورزقك العافية‌ فأعانتك على الطاعة ورزقك القناعة فصانك عن التبذل كما ان ابا هاشم الجعفري امتاز بالاحترام والتعظيم عند كافة الاوساط وكان ورعاً زاهداً ناسكاً عالماً عاملاً ولم يكن احد في آل ابي طالب في زمانه في علو النسب ومن كانت هذه صفاته فهو جدير بالاحترام والتقدير وقد سجل التاريخ له مواقف شجاعة مع الطغاة فكان يدلي بكلمة الحق في احرج الظروف وهذا نوع من المع انواع الجهاد فقد ذكر المؤرخون ان ابا هاشم الجعفري كان حاضراً حينما احضر المتوكل الامام الهادي فترجل الناس اجلالاً واكباراً حتى دخل القصر فضاق بهم ذرعاً من ذلك وقال قائل منهم لمن نترجل لهذا الغلام يعني الامام الهادي لا هو بأشرفنا ولا هو بأكبرنا سناً والله لن نترجل اذا خرج من الخليفة فرد عليهم ابو هاشم الجعفري قائلاً والله لتترجلن له صغاراً وكباراً اذلة فعلاً خرج الامام الهادي فعلت اصوات التكبير والتهليل ونهض الناس كلهم اجلالاً بدون اختيار ولم يتأخر احد فصاح ابو هاشم الم تزعمون انكم لن تترجلون له فلم يملكوا انفسهم واعجابهم بالامام وصاحوا والله ما ملكنا انفسنا حتى نزلنا من خيولنا وترجلنا احتراماً له وذكر المؤرخون في هذا السياق انه حين ادخل رأس يحيى الثائر العظيم الى بغداد كان بعض الناس قد اجتمعوا حول قاتله وهو محمد بن عبد الله بن طاهر وجعلوا يقدموا التهاني بأغتياله يحيى وهنا يفاجئ هذا الطاغية وهو قاتل يحيى فأذا صرخ ابو هاشم الجعفري صاح ايها الامير قد جئتك مهنئاً بما لو كان رسول الله حاضراً لعزي به فسيطر الذهول على الجمع بما فيهم هذا الطاغية ولم ينطق احد بكلمة واحدة ابداً وهنا يخرج ابو هاشم حزيناً كئيباً وهو يقول: 

يا بني طاهر كلوه وبيلاً

ان لحم النبي غير مري

ان وتراً يكون طالبه الله

لوتر نجاحه بالحري

وابو هاشم الجعفري(رض) وهنا انوه ان هذا العلوي العظيم مصرعه في الواقع من الاحداث الجسام المرة في تاريخ الاسلام انذاك حيث ثار هذا الرجل الغيور على الكيان العباسي مطالباً بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع فيء المسلمين على الضعفاء والفقراء وقد التف حوله المحرومون وذلك لحسن طويته وما كان يهمه من رفع مستوى الحياة‌ العامة والفقراء والمستضعفين وفعلاً استولى على الكوفة واخرج من كان في سجونها من المطلوبين من المظلومين المضطهدين لكن بالتالي اجهزت عليه السلطة العباسية فقمعت حركته واستشهد رحمه الله ورفع رأسه الشريف الى عبد الله بن طاهر الآنف الذكر وهو من جلادي العباسيين في ذلك العصر فسيره بعد ما قتله الى الخليفة المستعين العباسي ونصب الرأس ليكون عبرة للآخرين واشاعة الفزع وكان فصلاً حزيناً لآل البيت ومحبيهم لذلك انبرى الكثير من الناس لتأبينه، جاء في احدى قصائد رثاءه:

بكت الخيل شجوها ببكاها

وبكاها المهند المصقول

وبكاه العراق شرقاً وغرباً

وبكاه الكتاب والتنزيل

ثم يقول: 

كيف لم نسقط السماء علينا

يوم قالوا ابو الحسين قتيل

الظاهر ان هذا العلوي كنيته ابو الحسين الذي انتزعناه من هذا البيت.

قطعت وجهه سيوف الاعادي

بأبي وجهه الجسيم الجميل

ان يحيى ابقى بقلبي غليلاً

سوف يؤذي بالجسم ذاك الغليل

قتله مذكر لقتل علي

وحسين ويوم غاب الرسول

وطبعاً رثاه شاعر العصر ابن الرومي رحمه الله بقصيدة عصماء تعد من ذخائر الادب وقد استهلها بقوله:

امامك فأنظر اي نهجيك تنهج

طريقان شتى مستقيم واعوج

الا يا بني العباس طال خريركم

بآل رسول الله فأخشوا او ارتجوا

اكل اوان للنبي محمد قتيل

زكي بالدماء مضرج

تبيعون فيه الدين شرائمة

فلله دين الله قد كان يمرج

وفي هذه القصيدة تعريض لمساوئ بني العباس التي سودت وجه التاريخ الاسلامي، اذن اعود الى حديث داوود بن ابي القاسم وهو ابو هاشم الجعفري صاحب الموقف الشجاع من مصرع يحيى بن عمر الطالبي، ابو هاشم الجعفري لموقعه وهو الذي كلفه الامام الهادي لينوبه في زيارة لجده الحسين(ع) انتقل ابو هاشم الجعفري الى جوار ربه في جمادي الاولي عام 261 هـ وذلك بعد وفاة الامام الحسن العسكري بعام واحد أسأل الله له المزيد من الرحمة‌ والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة