البث المباشر

شرف الدين محمد البوصيري

الخميس 14 فبراير 2019 - 18:16 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 281

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين في موالاة الرسول وآله هو المرحوم المجاهد والشاعر شرف الدين محمد المشهور بالبوصيري ولا اعتقد ان احداً لم يمر عليه هذا الاسم او هذا العنوان لان البوصيري رحمه الله هو صاحب القصيدة الشهيرة الميمية في مدح الرسول الاكرم(ص)والمشهورة بقصيدة البردة، البردة اشتهرت بهذا ومنشأ هذه الشهرة قيل رأى بالمنام رسول الله(ص) فخلعه بردة فلما استيقظ البوصيري نظم قصيدته وسميت بقصيدة‌ البردة ويبدو ان الشاعر المصري احمد شوقي رحمه الله نظم علي وزنها وعلي غرارها او جاراها في النظم بقصيدته حول النبي والتي مطلعها: 

ريم علي القاع من نهج الطلا بدم

احل سفك دمي بالاشهر الحرم

وعرفت بقصيدة نهج البردة، والشيخ شرف الدين البوصيري لم نعثر على مكان ولادته ولا تاريخ ولادته ولكنه من شعراء القرن السابع الهجري وجاء في المصادر التي ترجمته هذه القضية انه اصاب سعد الدين الفارقي رمد شديد بعينه حتى اشرف على العمى فرأى في منامه قائلاً يقول له اذهب الى الصاحب بهاء الدين وخذ منه البردة وضعها على عينك فنهض سعد الدين الفارقي وجاء الى الصاحب واخبره فقال له انا ما عندي شيء يسمى بالبردة وانما عندي قصيدة في مدح النبي اسمها البردة انشأها البوصيري ونحن احياناً نتبرك بها فقال اعطنيها ثم وضعها على عينيه وشفي سعد الدين من علته في عينيه ببركة‌ الرسول(ص)، وروى صاحب فوات الوفيات قال: قال البوصيري: كنت قد نظمت قصائد كثيرة في مدح النبي(ص) ثم انقطعت فترة واصابني مرض الفالج وتعطل نصف بدني عن الحركة ‌ففكرت في نظم قصيدة في مديح الرسول(ص) ونظمت هذه القصيدة واستشفعت بها الى الله ان يعافني من علتي ببركتها وكنت اردد شعرها واتوسل الى الله وابكي وتصور لي في المنام ارى نوراً يخال لي انه الرسول(ص)فمسح بيده على وجعي ثم القى علي بردته فأستيقظت ورأيت نفسي معافاً، اقدر على النهوض فقمت وخرجت اتمشى فرحاً بشفائي فلقيني جاري وكان من البؤساء ففاجئني قائلاً يا شيخ شرف الدين اعطني القصيدة التي مدحت بها رسول الله وانت في مرضك وقرأ مطلعها تعجبت لان لا احد يعلم وسألته من اين استخبرت؟ ومن أين حفظت مطلعها قال والله لقد سمعتها البارحة بالمنام وهي تنشد بين يدي رسول الله ورأيت النبي اعجبته ابياتها والقى على ذلك الذي كان ينشدها، والقى على ذلك الذي كان ينشدها بردة، يقول البوصيري رحمه الله فأعطيتها اياه وهذا يعتبر من ادب المنام والقصيدة هذه تربو على المئة وثمانين بيتاً عبها المرحوم البوصيري بالحكمة والمواعظ ومنها ثلاثون بيتاً يذكر فيها ثلاثين فضيلة للنبي وفيها مقاطع في الموعظة والحكمة والعبرة ومما جاء فيها من الحكمة مثلاً يقول:

من لي برد جموح في روايتها

كما يرد جماح الخيل باللجم

والنفس كالطفل ان تهمله شب

على حب الرضاع وان تفطمه ينفطم

كم حسنت لذة للمرء قاتلة

من حيث لم يدر ان السم في الدسم

مثلاً مقطع في الغزل ثم الحكمة وهكذا وبعد ذلك ينطلق صوب مديح الرسول(ص) فيقول:

محمد سيد الكونين والثقلين

والفريقين من عرب ومن عجم

نبينا الآمر الناهي فلا احد

ابر في قول لا منة ولا نعم

هو الحبيب الذي ترجى شفاعته

لكل هول من الاهوال مقتحم

فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلقٍ

ولا يدانوه في علم ولا كرم

اجمالاً اقول ان هذه القصيدة قصيدة غراء جميلة وكثيراً ما كان الناس يتبركون بقراءتها في الاحتفالات التي تقام بمناسبة ميلاد النبي او المبعث النبوي وهناك بعض الطوائف جرت العادة عندهم يقرؤوها عند تشييع موتاهم تبركاً او استغفاراً للميت مثلاً كنت في القاهرة ايام كنت ادرس هناك وكان بعض المؤمنين يأتون بجنائزهم لمشهد السيدة نفيسة(رض) حفيدة الامام الحسن(ع)كانوا اثناء التشييع يقرؤون بعض ابيات هذه القصيدة، وفي ختامها يقول البوصيري مخاطباً النبي(ص):

يا اكرم الخلق مالي من الوذ به

سواك عند حلول الحادث العمم

يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت

ان الكبائر في الغفران كاللمم

يارب واجعل رجائي غير منعكس

لديك واجعل حسابي غير منخرم

والطف بعبدك في الدارين

ان له صبراً متى تدعه الاهوال ينهزم

واذن لصحبه صلاة منك دائمة

على النبي بمنهل ومنسجم

هنا انا أاكد ان هذه القصيدة شرحت بشروح كثيرة من مختلف علماء الفريقين كالنحوي والازهري والقصطلاني والفيلسوف الملا صالح المازندراني كما اعتنى جمع من الشعراء بتخميسها وتشطيرها وايضاً هذه القصيدة لا حظت ان بعض مقاطعها ترجمت الى بعض اللغات كالانكليزية والفارسية والتركية في بعض المتاحف في تركيا مكانين وفي متحفين رأيت ترجمة لهذه القصيدة باللغة التركية ويجدر هنا ان اذكر ان حالة اخرى جرت لشاعر مع النبي كساه النبي بردته وهو معاصر للنبي والقى قصيدته امام النبي بعد اسلامه وهي:

بانت سعاد فقلبي اليوم مذهول

متميم اثرها لم يفد مكبول

فألقى عليه النبي بردته وهذه الحالة للبوصيري القى عليه النبي في المنام بردة وعوفي من مرضه ونظم هذه القصيدة، توفي البوصيري رحمه الله عام 694 هـ ولم يذكر المؤرخون مكان مدفنه. أسأل الله له العزة في الدنيا والفلح في الآخرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة