وكشفت الوثائق السوفياتية، التي رفعت عنها السرية، أنّ بريطانيا وفرنسا، في بداية عام 1940، عوّلتا على إطالة أمد الحرب السوفياتية الفنلندية من أجل شن هجوم مشترك على الاتحاد من أراضي فنلندا في الوقت المناسب.
ومن بين الوثائق التي نشرت مذكرة من الإدارة الخامسة للمديرية الرئيسة لأمن الدولة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وهو جهاز الاستخبارات الخارجية، "بشأن معلومات استخبارية وردت من الصين بأنّ بريطانيا العظمى وفرنسا تريدان شن حرب ضد الاتحاد السوفياتي في فنلندا، من دون استبعاد أن تنضمّ إليهما ألمانيا".
وذكرت الوثيقة، المؤرخة في 4 آذار/مارس 1940، أي في نهاية "حرب الشتاء" بين الاتحاد السوفياتي وفنلندا، أنّ مصادر الاستخبارات السوفياتية في الصين أفادت بأنّ "فرنسا وإنكلترا ترغبان بشدة في أن تستمر الحرب لفترة طويلة من أجل إضعاف قوة الاتحاد السوفياتي".
وأشارت الوثيقة إلى أنّ لندن وباريس كانتا تحاولان استخدام الحرب الفنلندية لإثارة الرأي العام في بلديهما ضد الاتحاد السوفياتي، وإجبار السكان على دعم حكومتيهما في جميع الإجراءات الموجهة ضد الاتحاد.
ومنذ بداية "حرب الشتاء" لم يساند الغرب فنلندا دبلوماسياً فحسب، بل أيضاً بالدعم العسكري. وقد قاتلت بوجه خاص وحدة دولية بحجم فرقة، أي أنّ تعدادها يبلغ نحو 10 آلاف شخص، مكونة من السويديين والنرويجيين والدنماركيين إلى جانب الفنلنديين.
وأتى كذلك الأميركيون والبريطانيون والإستونيون إلى فنلندا، وتلقى الجيش الفنلندي 350 طائرة مقاتلة، و1500 قطعة مدفعية من عيارات مختلفة، ومليوني ونصف مليون قذيفة، و6 آلاف رشاش و100 ألف بندقية.
علاوةً على ذلك، قررت بريطانيا وفرنسا تشكيل قوة استطلاعية. وفي الواقع، كان البلدان يستعدان لشن عدوان على الاتحاد السوفياتي، وهو ما لم يحدث، لأن الحرب بين الاتحاد وفنلندا انتهت في 13 آذار/مارس 1940.
ولم تقتصر لندن وباريس على خطط لإنزال القوات في الشمال، ففي عامي 1939-1940 كانتا تستعدان بنشاط لهجوم مشترك على جنوب الاتحاد السوفياتي وتدمير حقول النفط في باكو. ولهذا الغرض، تمركزت الآلاف من القوات في الشرق الأوسط، بحسب وثائق للاستخبارات السوفياتية نشرت في وقت سابق.
وفي قضية أخرى، أظهرت وثائق أرشيفية للاستخبارات الخارجية السوفياتية رفعت عنها السرية أنّ الدوائر السياسية والمالية الأميركية ساعدت عشية الحرب العالمية الثانية سراً في ضخ النظام النازي بمليارات الدولارات، وكانت متخوفة من انكشاف تفاصيل عن هذا الأمر.
ومن بين الوثائق التي نشرت مؤخراً مقتطفات لمعلومات لجهاز الأمن الخارجي السوفياتي "بشأن مشاركة رجال دولة أميركيين وبريطانيين في معاملات مالية لمصلحة ألمانيا النازية".
وكشفت وثيقة مؤرخة في 24 تموز/يوليو 1939 أنّ الاستخبارات السوفياتية تلقت من مصدر، لم يكشف عنه، معلومات حول محاولات الجانب الأميركي والبريطاني إخفاء استعداد لندن بالتنسيق مع واشنطن منح قرض كبير للنازيين، تبلغ قيمته 5 مليارات دولار.
وقالت الوثيقة إنّه "في الوقت نفسه، ظهرت تقارير في الصحف مفادها بأنّ بريطانيا لن تكون قادرة وحدها على جمع مثل هذا القرض، لذلك من المفترض أن تحصل على مساعدة المتعاملين الماليين المحليين في وول ستريت".
وفي قضية ثالثة، أظهرت وثائق للاستخبارات السوفياتية أنّ بابا الفاتيكان، بيوس الثاني عشر، كان على علم في نيسان/أبريل 1941 بهجوم ألمانيا النازية الوشيك على الاتحاد السوفياتي.
وكشفت الوثائق أنّ بابا الفاتيكان حينها أمر أتباع الكنيسة في الأراضي السوفياتية الغربية بالاقتراب من الحدود.
ومن بين الوثائق التي نشرت، كذلك، برقية مشفّرة وصلت من روما إلى موسكو في 3 أيار/مايو 1941 "حول رسالة البابا إلى اليسوعيين، وحول هجوم ألمانيا الوشيك ضد الاتحاد السوفياتي".
وجاء في الوثيقة: "يوم الأربعاء الموافق 23 نيسان/أبريل، جرى تجمع سري ضم 400 يسوعي مع البابا الذي ناشدهم زيادة نشاطهم في الشرق".
وأشارت الوثيقة إلى أنّ "اليسوعيين الموجودين في دول البلطيق وأوكرانيا الغربية وبيلاروسيا تلقوا تعليمات بالتمركز تدريجياً قرب الحدود، حيث من المتوقع شن هجوم ألماني ضد الاتحاد السوفياتي بعد فترة وجيزة من تصفية المسألة اليونانية".
الجدير ذكره أنّ جهاز الاستخبارات الخارجية السوفياتي كان قد تأسس في 20 كانون الأوّل/ديسمبر 1920، وهو يواصل عمله في روسيا في الوقت الحالي مع أجهزة الأمن الأخرى، ويتولى هذا الجهاز حماية البلاد من التهديدات الخارجية.