وقال الخبير أنه عندما يصدر مجلس الأمن القومي الأمريكي تصحيحا أو توضيحا لتصريح الرئيس بايدن، فلأنهم رأوا في الأمر شيئا خطيرا، مستطردا أن الرئيس الأمريكي تحدث عن "تحرير إيران"، وكان يمكن للمتحدث باسم الرئاسة أن يدلي ببيان يقول مثلا إن تصريح بايدن تم فهمه بطريقة خاطئة، أو يقدم التصحيح، أو يتجاهل الأمر، فلماذا صدر ذلك من مجلس الأمن القومي الأمريكي؟.
وأجاب الباحث أن مجلس الأمن القومى الأمريكي رأى فيه إعلانا للحرب على إيران، التي سبق أن توعدت بالإنتقام من الدول المحركة للإضطرابات والإرهاب، وعدم الإكتفاء بالتصدي لمرتكبي أعمال الشغب والإضطرابات والقتل، وقد وجهت تهديدا واضحا للسعودية والإمارات، وآخر لإسرائيل، وشمل كردستان العراق التي انطلق منها بعض المهاجمين. وفي ذلك التهديد تغيير في قواعد الإشتباك بشأن الثورات الملونة، التي كانت خفية في أدواتها ومحركيها.
ورأى الباحث أن مجلس الأمن القومي أخذ تلك التهديدات على محمل الجد، ويمكن أن توجه إيران ضربات إلى السعودية، سواء حقول النفط أو القواعد الأمريكية، أو إغلاق مضيق هرمز، وهو ما سيؤدي إلى أزمة عالمية في الطاقة، في وقت يعاني فيه الغرب من أزمة خطيرة، لتصل الأزمة إلى حدود الكارثة العالمية، وهذا ما يمكن أن تفعله إيران إذا رأت أن الهجوم الشامل عليها، سيكون برد شامل أيضا، وبذلك يكون الغرب قد دخل نفقا لا يمكن الخروج منه، مما استدعى تدخل مجلس الأمن القومي الأمريكي بسرعة الرد، وسحب التصريح، وتعديله، ليصبح مجرد تأييد للإحتجاجات.
وتابع: "يبدو أن بايدن قد إرتكب خطأ كبيرا عندما أعلن عن "تحرير إيران قريبا"، فالتقارير الأخيرة تشير إلى تعثر النسخة الأكثر تطورا من الثورات الملونة في إيران، رغم الإنفاق الضخم ومشاركة واسعة من أجهزة مخابرات أمريكية وإسرائيلية وأوروبية وعربية في النسخة الجديدة، التي كانت كلمة السر فيها وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها في مقر للشرطة، وكانت إختراقات مهمة قد نجحت في عدد من الأعراق والمذاهب في إيران، بالإضافة إلى حزبين هما مجاهدي خلق والديمقراطي الكردستاني، وتجنيد شبكات في اوساط متعددة، والإستفادة من تسلم المتشددين السلطة، وخروج الإصلاحيين إلى المعارضة. وكانت صحف إسرائيلية قد نشرت تصريحا لمسئول سابق في الموساد أن الثورة الإيرانية سوف تندلع في عيد النيروز الماضي، لكن يبدو أنها تأجلت أو كانت مناورة، واستخدمت النسخة الجديدة من الثورات الملونة تقنيات جديدة، منها بث الإنترنت عن طريق أقمار إصطناعية، وبث عشرات القنوات الفضائية المتحدثة باللغة الفارسية والكردية والعربية ولغات أخرى مستخدمة في إيران، مع غرف عمليات في بلدان مجاورة، بالإضافة إلى ألبانيا وبريطانيا، ولعب المال الخليجي دورا كبيرا مع التعاون المخابراتي لدعم فصائل مسلحة، واستمالة مجموعات عرقية ودينية".
وذكر الباحث أن "إيران كانت لديها ثقة مبالغا فيها بقدرتها على كبح أي ثورة ملونة، إعتمادا على إفشالها 3 ثورات سابقة، بالإضافة إلى تشكيلاتها الجماهيرية والأمنية، خاصة الباسيج، وهي الشرطة الشعبية للدفاع عن الفقراء والمستضعفين، والتي يقدر إحتياطياتها بنحو مليونين في حالة استدعاء الإحتياط، إلى جانب الحرس الثوري عند الضرورة القصوى. علامات الفشل بدت واضحة بعد خروج مظاهرات مليونية مؤيدة للنظام، وبلغت أضعاف أعداد المحتجين، كما أن عسكرة الإحتجاجات دون تقويض مؤسسات الدولة خطأ كبيرا، فلا يمكن لعمليات قتالية أن تواجه منظومة أمنية منظمة ومتماسكة وضخمة".
وختم بالقول: "جاءت تصريحات بايدن ثم بلينكن وعقد إجتماعات مع شركاء أوروبيين حول الوضع في إيران ليؤكد للشعب الإيراني أنها حرب خارجية تستخدم أدوات في الداخل. كما كان إتهام أمريكا بأن روسيا ساهمت في تقديم المشورة في قمع الثورة الملونة مؤشر آخر على الفشل، الذي سيترتب عليه تراجع الثقة في الثورات الملونة، خاصة أن النسخة الإيرانية كانت مدعومة بكل أنواع المساعدات، مع مشاركة دولية واسعة استخدمت فيها كل أنواع أسلحة الحرب الناعمة والخشنة".
القاهرة- ناصر حاتم
المصدر: RT