والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين والطاهرين.
روى القاضي ابا محمد الكرخي في كتابه عن الصادق(ع) ان فاطمة الزهراء(ع) قالت: لما نزل قول الله تعالى: «لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا» هبت رسول الله ان اقول له يا ابه لان القران نهى ان يدعى الرسول كما يدعى الناس العاديون فكنت اقول يا رسول الله، ذات مرة حينما دخل رسول الله عليّ قلت: يا رسول الله فاعرض عني مرة او اثنتين او ثلاث ثم اقبل عليّ وقال: يا فاطمة ان هذه الاية لم تنزل فيك ولا في اهلك ولا في نسلك، انت مني وانا منك انما نزلت في اهل الجفاء والغلظة من قريش واصحاب البذخ والكبر اما انت فقولي يا ابه فانها احيا للقلب وارضى للرب.
ان هذه القصة الخالدة تعلمنا اشياءاً جليلة في مجال التعامل مع رسول الله(ص). الامر الاول الذي نستلهمه من هذه القصة هو ان الرسول(ص) ليس انساناً عادياً انما هو افضل البشرية واكمل الانسانية. هو في الدرجة السامقة والذروة العليا من الكمال والشخصية ولهذا ينبغي ان لا يعامل كما يعامل الاخرون. ومن جملة ذلك يجب ان لا ينادى كما ينادى الاخرون فالناس قد تعارفوا بين انفسهم على ان ينادى احدهم الاخر باسمه وربما في شكل غير لائق يناديه اما من وراء الجدار يناديه من بعيد يأتي باسمه مجرداً عن اية كلمة فيها تكريم ولكن هذا لا يمكن ان يعامل به رسول الله(ص)، لان رسول الله اولاً افضل البشرية واكرم افراد الانسان على الاطلاق، ثم هو القائد الاعظم للمسلمين. مضافاً الى ذلك هو المربي هو المعلم الاكبر هو المرشد الاعظم ولابد للناس ان يحترموا مرشدهم الاكبر ويوقروا معلمهم الاعظم فان مثل هذا سيساعدنا على التوجه الى اخلاق رسول الله(ص) وشخصيته وجعله محوراً لحياتنا ومقتدى لنا ومشعلاً نتأسى به ونسير في ضوئه. اما اذا انزل الرسول(ص) منزلة الناس العاديين العاميين منزلة الناس السطحيين منزلة الناس الذين ليس لهم فضيلة سوى انهم بشر فقط لا انه نبي ولا انه خاتم الانبياء ولا انه سيد المرسلين، فان مثل هذه النظرة الى رسول الله(ص) لن تدفعنا الى احترامه واحترام اعماله والاقتداء به والتأسي به والتوجه الى مكارم اخلاقه والى فضائله و سجاياه. ان الانسان اذا عرف قدر شيء وانزله منزلته الصحيحة يحتفظ به ويعتز به ويفتخر به. اما اذا انزله منزلة عادية وسطحية فانه لن يوليه ذلك الاهتمام اللائق واللازم هذا هو درس مهم. نحن حينما نأتي باسم رسول الله(ص) يجب ان نأتي به بصورة لائقة فينبغي ان نقول رسول الله، نبي الله، خاتم النبيين، خاتم المرسلين، يجب ان نأتي بأسمائه التي تدل على جلالة قدره وعظمة شأنه وسمو مقامه، فان مثل هذا سيدفعنا الى التدبر في شخصيته و فضائله. لقد ورد عن الامام الصادق(ع) انه سأل شخصاً ذات يوم هل رزقت ولداً قال نعم قال ما اسميته قال اسميته محمد فاطرق الامام الصادق(ع) برأسه قليلاً الى الارض ثم رفع رأسه وقال: يا هذا لا تؤذيه ولا تشتمه ولا تضربه مادمت سميته محمداً. طبعاً النصيحة التربوية الدائمة تقتضي عدم الضرب وعدم ايذاء الطفل مطلقاً ولكن الطفل اذا سمي بمحمد او احمد او اسم من اسماء رسول الله(ص) فان هذا يكسبه منزلة مضاعفة، منزلة ارفع لا جل الفات نظر الناس الى هذا الاسم وقداسة هذا الاسم اعني خاتم الانبياء وسيد المرسلين(ص) هذا هو الدرس الاول، والدرس الثاني ادب فاطمة فانها رغم انها كانت ابنة رسول الله وكانت العلاقة علاقة حميمة بينها وبين ابيها وعلاقة حب بنوة وابوة وعادة الاشخاص حينما تكون بينهم مثل هذه العلاقة لا يكاد يحترم احدهم الاخر بشكل اللائق ولكن الادب الذي تميؤت به فاطمة الزهراء(ع) واكتسبته عن طريق الالهام اوعن طريق التربية النبوية الشريفة دفعها الى ان تحترم والدها وان تعمل بالاية فلا تناديه بما كانت تناديه من قبل، قبل نزول الاية أي لا تناديه بقولها يا أبه بل تقول يا رسول الله(ص) نهاها عن ذلك وقال قولي أبه لأنك تعرفين شأني ومنزلتي. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين.