البث المباشر

احلى الكلام -۸٤

الثلاثاء 22 يناير 2019 - 11:16 بتوقيت طهران

الحلقة 84

وسألني الأخ مهدي السنوسي من ليبية أن من القائل:

قالت تخّلّيت قلت عن جلدي

قالت تغيّرت قلت في بدني

فقلت للأخ السّنوسيّ الكريم: قائل هاذا البيت هو الشاعر الكبير المرهف الإحساس، الرائع التصوير عبدالعزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم الطائي المعروف بصفيّ الدّين الحلّيّ.
ولد في الحلّة سنة سبع وسبعين وستّ مئة، وتوفي ببغداد سنة خمسين وسبع مئة.
وبيته المسئول عنه هو أحد أبيات قصيدة في عتاب حبيبين، منها:

قالت كحلت الجفون بالوسن

قلت ارتقاباً لطيفك الحسن

قالت تسلّيت بعد فرقتنا

فقلت عن مسكني وعن سكني

قالت تشاغلت عن محبّينا

قلت نعم بالبكاء والحزن

قالت تخلّيت قلت عن جلدي

قالت تغيّرت قلت في بدني

عرف بمدائحه النبويّة الرائعة كلّ الرّوعة.
ومن آثاره المطبوعة ديوان شعره، والعاطل الحالي.
أمّا الخطّيّة، فمنها صفوة الشعراء، وخلاصة البلغاء، والأغلاطيّ، وهو معجم للأغلاط اللغويّة.
سألني الأخ راغب الحمدانيّ من الموصل بالعراق أن من القائل:

وما رضيت بغير الله مقتصماً

ولا رأيت لغير الله سلطانا

قلت لسائلي الكريم الحبيب: قائل هاذا البيت هو الشاعر السوريّ الكبير حقاً بدوي الجبل.
وهو محمّد سليمان الأحمد المولود سنة تسع مئة وألف في قرية ديفة باللاذقية.
كان عضواً في مجلس الشعب مرّات، واستقبله المجمع العلميّ العربيّ بدمشق عضواً، وعيّن وزيراً للصحّة، ووزيراً للإنباء في الأربعينيات والخمسينيات.
وعرف بنضاله الغزو الفرنسيّ لبلاده.
وفارق الدنيا في التاسع عشر من آب سنة إحدى وثمانين ويسع مئة وألف.
وبيته الوارد في السّؤال هو من قصيدة نونيّة طويلة بديعة في تكريم الشعر منها قوله:

شاد على الأيك غنانا فأشجانا

تبارك الشعر أطياباً وألحانا

أيطمع الشعر بالإحسان يغمره

والشعر يفحر دنيا الله إحسانا

لو شاء عطّر هاذا الليل غالية

ونضّر الرّمل أشوقاً وريحانا

لوشاء نمنم هاذا النجم قافية

ونغم الفجر أحلاماً وأوزانا

ولو سقى الشمس من أحزانه نديت

على هجير الضحى حبّا وتحنانا

تضيع في نفسي الجلّى وقد نزلت

من كبريائي آفاقاً وأكوانا

ولا عكفت بقرباني على صنم

أكرمت شعري لنور الله قربانا

وما رضيت بغير الله معتصماً

ولا رأيت لغير الله سلطانا

وهاذا هو البيت المسئول عنه.
وسألني الأخ عبدالرحمن الأمين من دمشق عاصمة سورية أن لمن هاذا البيت:

فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا

ولكن على أقدامنا تقطر الدّما؟

قلت للأخ الأمين الكريم: هاذا البيت هو للشاعر الفارسي الجاهليّ أبي يزيد الحصين بن الحمام ابن ربيعة اطرّيّ الذبيانيّ سيّد قومه بني سهم بن مرّة من ذبيان.
لقب مانع الضيم، في شعره حكمة، وهو ممّن نبذوا عبادة الأوثان في الجاهليّة.
مات قبيل الإسلام، وقيل: أدركه.
له ديوان شعر وبيته هاذا أحد أبيات ثلاثية له وردت في حماسة أبي تمام، وحماسة الأعلم الشنتمريّ، وخزانة الأدب للبغداديّ، وهي:

تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد

لنفسي حياة مثل أن أتقدّما

فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا

ولكن على أقدامنا تقطر الدّما

نفلّق هاماً من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعق وأظلما

فالبيت المسئول عنه هو ثانيها.
وذكر ابن هشام في كتابه السيرة النبويّة أن من جملة من فرّ يوم بدر خالد بن الأعلم، وهو القائل متمثلاً بهاذا البيت، فما صدق في قوله، فهو أوّل من فرّ يوم بدر، فأدرك وأسر.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة