البث المباشر

احلى الكلام -۸۲

الثلاثاء 22 يناير 2019 - 11:14 بتوقيت طهران

الحلقة 82

إليكم ذوي آل النّبيّ تطلّعت

نوازع من قلبي ظماء وألبب

فطائفة قد كفـّرتني بحبّكم

وطائفة قالوا مسيء ومذنب

وقالوا ترابيّ هواه ورأيه

بذالك أدعى فيهم وألقـّب

سألني الأخ نجيب السّالم من بغداد عن قائل هاذا البيت:

قد كنت آمل أن أكون لك الفدا

ممّا ألمّ فكنت أنت فدائي؟

قلت للأخ السالم الكريم: قائل هاذا البيت هو الشريف الرّضيّ محمّد بن الحسين الموسويّ نقيب الطالبييّن الشاعر المشهور المعروف بأشعر قريش لكثرة شعره وجودته.
ولد ببغداد سنة تسع وخمسين وثلاث مئة للهجرة، وتوفي فيها منة أربع وأربعين وبيته هاذا أحد أبيات قالها في رثاء أمّه، وهي سيّدة صالحة فاضلة:

قد كنت آمل أن أكون لك الفدا

ممّا ألمّ فكنت أنت فدائي

لو كان مثلك كلّ أمّ برة

غنى البنون بها عن الآباء

رزة ان يزدادان طول تجدّد

أبد الزّمان فناؤها وبقائي

لو كان يبلغك الصّفيح رسائلي

أو كان يسمعك التراب ندائي

لسمعت طول تأوّهي وتفجّعي

وعلمت حسن رعايتي ووفائي

كتب إليّ مراد الزّيديّ من أرباض بغداد أن من القائل:

فيا نفس صبراً لست والله فاعلمي

بأوّل نفس غاب عنها حبيبها؟

قلت للأخ الّزيديّ العزيز: قائل هاذا البيت هو الشاعر الغزل، أحد عشاق العرب المتيمين المضروب بوفائهم المثل، وهو قيس بن ذريح المشهور بحبّه لبنى بنت الحباب الكعبيّة التي عشقها وتزوّجها وطلّقها مرغماً، وهام بحبّها نادماً، وهامت به حتى توفيا سنة ثمان وستين قيل: سبقته إلى الآخرة، فرثاها، ولم يطل البقاء بعدها، وقيل: مات قبلها ، فماتت به.
وأخبارهما في كتب الأدب والتاريخ كثيرة ومحزنة، وكلاهما مدنيّ، أي: عن المدينة المنوّرة برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وشعره فيها كثير، وكلّه عالي الّطبقة.
والبيت الذي ورد في سؤال الأخ الزّيديّ الكريم ثالث بيتين قبله، وهاذه صورتهنّ:

يقرّ بعيني قربها ويزيدني

بها كلفاً من كان عندي يعيبها

وكم قائل قد قال تب فعصيته

وتلك لعمري توبه لا أتوبها

فيا نفس صبراً لست والله فاعلمي

بأوّل نفس غاب عنها حبيبها

وكانت أمّه قد بعثت بفتيات من قومه يعبن إليه لبنى، ويعبنه بجزعه عليها وشوقه إليها، ويفرينه بوصالهنّ، فاجتمعن حوله، وما زحنه ولا طفنه، وعبن لبنى عنده، وعيّرنه ما يفعل بنفسه.
فلمّا أطلن ذالك، أقبل عليهنّ ، وقال تلك الأبيات.
بعث إليّ المستمع الكريم قصيّ الفخريّ من الموصل بالعراق أن لمن هاذا البيت؟ وفيمن قيل؟

فطائفة قد كفّرتني بحبّكم

وطائفة قالوا مسيء ومذنب

قلت للأخ الفخريّ العزيز: هاذا البيت من قصيدة رائعة شائعة للعبد الصّالح الشهيد الشاعر الشهير والخطيب البليغ الكميت بن زيد الأسديّ الكوفيّ.
ولد في الكوفة سنة إحدى وستين، ونشأ فيها فارساً شجاعاً سخيّاً رامياً ليس في قومه أرمى منه.
وكان عالماً بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها، ثقة في علمه، موالياً لبني هاشم كثير المدح لهم، وأشهر شعره الهاشميّات، وهي فيهم، وقد ترجمت إلى الألمانية. ومطلع القصيدة التي منها هاذا البيت:

طربت وما شوقاً إلى البيض اطرب

ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب

ولم يلهني دار ولا رسم منزل

ولم يتطرّبني بنان مخضّب

ولكن إلى أهل الفضائل والنهى

وخير بني حّواء والخير يطلب

إلى النفر البيض الذين بحبّهم

إلى الله فيما نالني أتقرّب

بني هاشم رهط النبيّ فإنني

بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب

فمالي إلاّ آل احمد شيعة

وما لي إلا مذهب الحقّ مذهب

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة