البث المباشر

احلى الكلام -۸۳

الثلاثاء 22 يناير 2019 - 11:15 بتوقيت طهران

الحلقة 83

سألني الزّميل الرّقيب مكي رحيم أن لمن هاذا القول:

ملأ الهوى قلبي فضقت بحمله

حتى نطقت به بغير تكلّف

قلت لزميلي الشاعر الكريم مكي رحيم: هاذا القول للشاعر المشهور في العصر الأمويّ بحبّه ليلى الأخيليّة التي خطبها على نفسه، وردّه أبوها عنها، وزوّجها غيره، فقال الّشعر فيها، فاشتهر بها، وسار الرّكبان بتشبيبه بها حتّى قتله سنة خمس وثمانين في غزوة على بني عوف بن عقيل.
وذالك الشاعر العاشق الجيّد الشعر هو توبة بن الحميّر بن حزم بن خفاجة العقيليّ العامريّ المكنيّ أبا حرب.
وبيته المسئول عنه ثالث بيتين قبله، وهما:

قالت مخافة بيننا وبكت له

فالبين مبعوث على المتخوّف

لو مات شيء من مخافة فرقة

لأماتني للبين طول تخوّفي

وكتب إلىّ الشريف أحمد الحسنيّ من مهوى القلوب مكّة المكرّمة أن من القاتل؟

رجاك ضميري كي تخلّص جملتي

وكم من فريق شافع لفريق

قلت لأخي الشريف المكّيّ: قائل هاذا البيت هو البارع الأدب الرائع الشعر علم النحو واللغة والتاريخ والعروض وأخبار الأمم يحيى بن عبدالله بن محمّد بن أحمد بن عبدالسلام الغرناطيّ المتوفى سنة تسع وعشرين وستّ مئة زاهداً مقبلاً على الصوم ومدح الرسول وقبل بيته الذي نحن بصدده هاذا البيت:

إليك بسطت الكفّ في فحمة الّدجى

نداء غريق في الذنوب عريق

وسألني الأخ أيّوب القانع من الموصل في شمال العراق أن لمن هاذان البيتان:

إنّي لأبفض كلّ مصطبر

عن إلفه في الوصل والهجر

الصّبر يحسن في مواضعه

ما للفتى المشتاق والصّبر؟

قلت للأخ القانع الموصليّ العزيز: هاذان من سحر أرحب الشعراء نفساً، وأعمقهم حسّا، وأجملهم خيالا، وأكملهم حظاً من رفعة الذّوق البديع في كلّ ما يأتي به.
أعني فاتح أبواب التجديد البليغ ببراعته النادرة فيه الحسن بن هانى المعروف بأبي نواس المولود بالأهواز على قول، وبالبصرة على قول سنة ست وثلاثين ومئة، وقيل: سنة أربعين ومئة، وعاش يتيماً بائساً، إذ فقد أباه وهو في الثانية من عمره.
وتوفي سنة خمس وتسعين، أو ست وتسعين، أو سبع وتسعين ومئة.
وإنما قيل له: أبو نواس لذؤابتين - أي: ضفيرتين- كانتا تنوسان على عاتقيه.
وبعث إليّ المستمع الكريم عبد اللطيف الدّوريّ نزيل القاهرة أن لمن هاذا القول:

وإذا الّطيوف إلى المضاجع أرسلت

بتحيّة منه فعيني تسمع؟

فقلت للأخ الدّوريّ العزيز: هاذا القول من قصيدة صرّدر العينيّة المشهورة في عميد الّدولة ابن فخر الدولة بن جهير الوزير الثعلبيّ، ومطلعها:

قد بان عذرك والخليط مودّع

وهوى النفوس مع الهوادج يرفع

ومنها:

لك حيثما سمت الرّكائب لفتة

أترى البدور بكلّ وادٍ تطلع

في الظاعنين من الحمى بدر له

الأحشاء مرعىً والمآقي مكرع

ومنها بيت السّؤال الكريم:

وإذا الّطيوف إلى المضاجع أرسلت

بتحيّة منه فعيني تسمع

وصرّ درّ الشاعر هو أبو منصور عليّ بن الحسن بن عليّ بن الفضل الكاتب، أحد نجباء عصره وشعره رائق فائق جيّد السّبك حسن المعنى، وله ديوان صغير.
وكان أبوه يلقب صرّ بعر لشحّه، فلمّا قال ولده عليّ الشعر، وأجاد فيه قيل له: صرّ درّ.
وكلا اللقبين مركّب تركيب أحد عشر، وهو من فعل واسم.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة