البث المباشر

احلى الكلام -۸٦

الثلاثاء 22 يناير 2019 - 11:18 بتوقيت طهران

الحلقة 86

كتب إليّ الأخ عبد الأعلى التميميّ من الأهواز أن لمن هاذا القول:

أبى عليه الكبر أن يورث

الأفراخ ذلّ القيد من بعده

وفيم قيل؟
قلت للأخ التميميّ الأهوازيّ: هاذا القول البديع للشّاعر السّوريّ العذب الألفاظ الّرائع الصّور، الزّاهي الإبداع عمر أبي رب المولود في منبج في سورية عام عشرة ويسع مئة وألف، دخل الجامعة الأمريكيّة في بيروت، ونال الشهادة العليا في النسيج من بريطانية، وقُبِلَ عضواً في المجمع العلميّ العربيّ بدمشق، وأمضى سنين متمادية سفيراً لسورية في الشرق والغرب، وتوفّى بالرّياض عام تسعين وتسع مئة وألف وهاذا القول من قصيدة قديمة له نظمها سنة أربع وأربعين وتسع مئة وألف عنوانها بلبل وختامها البيت المسئول عنه، وهاذه هي القصيدة:

حلم تخلّى عنه في رغده

هل يقدر النّوح على ردّه

لو يعلم الصّيّاد ما صيده

لم يجعل البلبل في صيده

ألفيته ينثر ألحانه

كأنّما ينثر من كبده

وإلفه المشفق ظلّ له

باق كما كان على عهده

مدلّه اللفتات مستوحش

طاو جناحيه على وجده

كم أطبقت منقاره غصّة

فمدّه ينقر في قيده

أسقمه العيش على وفره

لمّا رآه ليس من كدّه

وأين مخضلّ الجنى حوله

من زنبق الرّوض ومن ورده

فعاف دنياه ولم يتخذ

عشاً ولم يحمل سوى زهده

كأنّه من طول ما مضّه

من عبث الدّهر ومن كيده

أبى عليه الكبر أن يورث

الأفراخ ذلّ القيد من بعده

كتب إليّ الأخ منتصر المؤيّد من بغداد العامرة أن ما معنى هاذا البيت:

عفّ صليب إذا ما جلبه أزمت

من خير قومك موجوداً ومعدوما

ومن قائله؟
قلت للأخ المؤيّد البغداديّ:
العفّ: هو العفيف، أي: الذي يكفّ عمّا لا يحلّ.
والصّليب: الجلد على المصائب، الصّبور على النّوائب.
والجلبة: القحط.
وأزمت: اشتدّت.
ومن خير قومك موجوداً ومعدوماً يعني من خيرهم حيّاً وميّتا.
أمّا قائل هاذا البيت، فهو الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن جندل بن نهشل بن دارم، وهو الأعشى النهشليّ، ويكنى أبا الجرّاح، وهو شاعر جاهليّ مقدّم ، فصيح فحل.
كان ينادم النعّمان بن المنذر، ولمّا أسنّ عمي.
وبيته هاذا من أحد عشر بيتاً في شكوى الهجر، وفي الفخر، ومنها قوله:

قد أصبح الجعل من أسماء مصروما

بعد ائتلاف وحبّ كان مكتوماً

واستبدلت خلّة منّي وقد علمت

أن لن أبيت لوادي الخسف مذموماً

عفّ صليب إذا ما جلبة أزمت

من خير قومك موجوداً ومعدوماً

لمّا رأت أنّ شيب المرء شامله

بعد الشباب وكان الشيب مشئوماً

صدّت وقالت أرى شيباً تفرّعه

إنّ الشباب الذي يعلو الجراثيما

وتفرّعه: صار في فروعه، وفرع كلّ شيء أعلاه
والجراثيم: جمع جرثومة، وهي أصل الشجرة، تجمع إليه الرّياح الغبار، أراد بهاذا أنّ الشباب يعلو، ويرتفع ما لا يقدر عليه الّشيوخ، وإنّما هاذا مثل.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة