البث المباشر

احلى الكلام -۸۸

الثلاثاء 22 يناير 2019 - 11:20 بتوقيت طهران

الحلقة 88

بلغت كتب الكوفيّين إلى الحسين (عليه السَّلام) اثني عشر ألفا.
وكان آخر المبعوثين إليه بكتبهم هاني بن هاني السّبيعيّ، وسعيد بن عبد الله الحنفيّ.
فلمّا رأى ذالك دعا مسلم بن عقيل، وأمره بالرّحيل إلى الكوفة، وكتب إليها معه: أمّا بعد، فإنّ هانياً وسعيداً قدما عليّ بكتبكم، وكان آخر من قدم عليّ من رسلكم، وقد فهمت ما اقتصصتم من مقاله جلّكم أنّه ليس علينا إمام، فأقبل لعلّ الله يجمعنا بك على الحقّ والهدى.
وإنّي باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل.
فإن كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملأكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأت في كتبكم، فإنّي أقدم إليكم وشيكا، إن شاء الله.
فلعمري ما الإمام، إلاّ الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدّائن بدين الحقّ الحابس نفسه على ذات الله، والسَّلام.
وكتب الحسين (عليه السَّلام) إلى رؤساء الأخماس في البصرة، وأخماسها هي: العالية وبكر بن وائل، وتميم، وعبد قيس، والأزد بنسخة واحدة:
(أمّا بعد ، فإنّ الله اصطفى محمّداً على خلقه، وأكرمه بنبوّته، واختاره لرسالته، ثمّ قبضه الله إليه، وقد نصح لعباده، وبلّغ ما أرسل به.
وكنّا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته، وأحقّ الناس بمقامه في الناس.
فأستأثر علينا قومنا بذالك، فأغضينا كراهة للفرقة، ومحبّة للعافية، ونحن نعلم أنّا أحقّ بذالك الحقّ المستحق علينا ممّن تولاّه.
وقد بعثت رسولي إليكم بهاذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه (صلّى الله عليه وآله) فإنّ الّسنّة قد أميتت، وإنّ البدعة قد أحييت.
فإن تسمعوا قولي، وتطيعوا أمري، أهدكم سبيل الّرشاد، والسَّلام.
قال الإمام عليّ بن الحسين (عليهما السَّلام): سمعت أبي في الليلة التي قتل في صبيحتها يقول وهو يصلح سيفه:

يا دهر أفّ لك من خليل

كم لك بالإشراق والأصيل

من صاحب وطالب قتيل

والدّهر لا يقنع بالبديل

وإنّما الأمر إلى الجليل

وكلّ حيّ سالك سبيلي

فأعادها مرّتين أوثلاثاً، ففهمتها، وعرفت ما أراد، وخنقتني العبرة، ولزمت الّسكوت، وعلمت أنّ البلاء قد نزل.
وأمّا عمّتي زينب لمّا سمعت ذالك وثبت تجرّ ذيلها، حتى انتهت إليه، وقالت: واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياه. اليوم ماتت أمّي فاطمة، وأبي علي، وأخي الحسن.
يا خليفة الماضي، وثمال الباقي.
فعزّاها الحسين وصبّرها، وقال فيما قال لها: يا أختاه تعزّي بعزاء الله، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لا يبقون، وكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ.
ولي ولكلّ مسلم برَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
فقالت (عليها السلام): فتغتصب نفسك اغتصابا؟
فذاك أقرح لقلبي، وأشدّ على نفسي.
وبكى النسوة معها، ولطمن الخدود، وصاحت زينب، وامحّمداه، واعلياه، وإماماه، واحسيناه واضيعتنا بعدك.
فقال الحسين (عليه السَّلام): يا أختاه يا أمّ كلثوم، يا فاطمة، يا رباب، أنظرن إذا قتلت فلا تشققن عليَّ جيبا، ولا تخمشن وجها، ولا تقلن هجرا.
ثمّ إنّه (عليه السَّلام) أمر أصحابه أن يقاربوا البيوت بعضها من بعض، ليستقبلوا القوم من وجه واحد.
وأمر بحفر خندق من وراء البيوت يوضع فيه الحطب، وتلقى عليه النار إذا قاتلهم العدوّ، كيلا تقتحمه الخيل، فيكون القتال من وجه واحد.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة