المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد وسلام على احبتنا الكرام وهم يستمعون الينا في بيان ما اقترحتموه علينا واهلاً بهم في رحاب الطارف والتليد سارين مسرورين.
ويطيب لنا ان تكونوا معنا في الهواء الطلق بهواتفنا الثلاثة المفتوحة لحضراتكم طوال رفرفتنا في افياء المقامة الوارفة على الراغبين فيها ثلاثة ارباع الساعة نأمل ان تكون طريفة ولطيفة مادام قطافها.
وطبعاً نشكر لمستمعينا الذين اقترحوا علينا تناول موضوع هذه الحلقة اعني المقامة وفي طليعتهم مستمعنا الدائم الفعال الاستاذ الشاعر فاضل المغسل حفظه الله ورعاه وحفظكم ايضاً جميعاً وبودي ان اشد ازري بأخي الاستاذ الجزائري في بدأ المسير لعلنا نبلغ غايتنا المنشودة بأذن الله وكما طلبتم سنتحدث عن المقامات، اذن دعوني ارحب بأخي العزيز الاستاذ جزائري، اهلاً وسهلاً بالاخ العزيز الاستاذ الجزائري.
الجزائري: اكرمك الله، زاد الله اهلك وعرض سهلك وجعلك من اولئك الفائزين فيها وفيها ان شاء الله وانت عزيز وكريم.
المحاور: الحمد لله وشكراً لك، على كل حال استميحك والمستمعين الكرام عذراً واسمح لنا استاذ بشير.
المحاور: يبدو ان المخرج الكريم الزميل كاظم صادق هو ذهب ليستفيد من المقامات الموسيقية فأنتخب هذه الموسيقى ولكن نحن سنبقى في المقامات الادبية، انا احييك مرة اخرى استاذ بشير.
الجزائري: حياك الله واعزك وزادك فضلاً على فضل.
المحاور: شكراً جزيلاً، استاذ بشير لربما دعنا وبكل تقليدي نقول لربما العديد يعلمون ماهي المقامات وهناك لا يعلمون ما هي المقامات وهذا حق طبيعي، اذن أليس من المفروض ان نبدأ هكذا، كيف تعرف المقامات؟
الجزائري: اذا كان لي ان اتكلم بعد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
المحاور: وبكامل فمك تفضل.
الجزائري: اكرمك الله، وزيادة الحمد سبحانه تعالى عليه لأنه هو اهل الحمد واهل المن على جميع خلقه، سيدي الكريم المقامة شيء جميل جداً من فنون الادب لكنه مع الاسف قد انحسر في دنيانا اليوم، لم نجد له اليوم بين اظهرنا مثلاً من الامثلة حتى نذكره وحتى نذكر المستمع الكريم بوجوده لو كان موجوداً انما هو اثر تاريخي، اثر بعيد جداً ولكن رأيت استاذاً من اساتذة جامعة البصرة ذكره الله بألف خير وهو شيخ، كان قد قدم لأذاعة جمهورية ايران الاسلامية امثلة نادرة جداً قبل سنوات جميلة قدمت في شهر رمضان المبارك، اذا قرأها القارئ وسمعها السامع شعر انه بين يدي مدني ذلك الاستاذ البصري اي الحريري لأن الحريري كان بصرياً، على كل حال كانت تلك المقامات في غاية الجمال حتى الان انا اتحدث بها ولا اعرفها اذا اردت ان اعرفها لم يكن لي الا ان اقول للاخ الكريم رائد انها قصة وليست بقصة وانها مقالة وليست بمقالة فهي جامعة من المقالة والقصة لأنه كانت تقدم بعبارة قصصية اذا صح التعبير نسبة الى القصص والقصص مصدر وليس جمعاً للقصة ولو كان جمعاً لقالوا قِِصص وليس قَصص، قص يقص قصاً وقصصاً كلاهما مصدر على كل حال هذه يبدأها اول من ابتدعها وهو وطنيك، انا هكذا يعجبني ان اقول ولااقول مواطنك اي مشاركك بالوطن، وطنيك يعني ابن وطنك وبلديك ابن بلدك هكذا جميل وعصريك ابن عصرك، هذا هو الجميل في لغة العرب التي سادت ثم بادت مع الاسف الشديد.
المحاور: دعني اذكر لك فكاهة لكي نلطف الجو على المستمعين، يقال ان احداً سأل زميله وقال الاخ: من أين؟
قال: نعمي.
فقال له: والنعم وانت؟
قال: انا دلمي.
وقال: والدلم! نعم تفضل.
الجزائري: اكرمك الله وشكر لك هذا اللطف الكريم، سيدي ابن بلدك هذا الذي جاء بالمقامة قبل الناس كلهم كان من اهل القرن الرابع الهجري وهو بديع الزمان الهمداني ذلك الانسان العجيب جداً الذي كان قد ولد في هذه المدينة، مدينة الثلج كما انت تعلم، مدينة البرد والحياة التي لاتكاد تسري في الشتاء الا قليلاً ولكن اهلها كانوا يمتازون بالديانة والصيانة للروح في القدم وفي عصرنا هذا فهذا الرجل كان بطبعه البارد الحار كان قد قدم للناس مثالاً رائعاً في هذا الفن الذي سميته انت المقامة وهو جمع بين القصة وبين المقالة ولم تكن المقالة معروفة في ذلك الزمن الذي كان هو فيه وكان يبدأها بحدثنا او حدثني عيسى بن هشام وهو شخص او لنقل هو بطل مصطنع، بطل ابتدعه هو.
المحاور: خيالي.
الجزائري: نعم وجعل يضع على لسانه ما يريد ان يقوله من نقد للحياة التي كان يعيشها والحياة التي كان يعانيها الناس في ذلك الزمان بألوان مافيها من سرور وشقاء، من عذاب وسعادة الخ، على كل حال هكذا بدأت المقامة على يد هذا البطل المجهول بديع الزمان الهمداني.
المحاور: طيب استاذ بشير الجزائري حقيقة هناك تفصيلات تفضلت عليها، انت ذكرت انه انحسر، أليس انحساره يأتي بسبب صعوبة بيانه، اناقة كلماته او انه يميل الى السجع ويميل الى النثر ولأن الناس يميلون اكثراً الى الشعر فأخذت المقامة منحى النثر وظلت مهجورة، ألا ترى كذلك؟
الجزائري: هو كما تقول، هو كما تقول لأن مبتدعه كان غاية في العلم مثلما كان غاية في الفن، وحيثما حل كان نجمه متألقاً يعني فوق كل النجوم، كان في مدينته هكذا وخرج منها شاباً الى ان نزل بمدينتك الاخرى الري التي نحن في شِمالها الان على وجه التحديد وليس في شَمالها.
المحاور: نعم في شِمالها.
الجزائري: نعم رحم الله والديك فالشَمال هي ريحها اما الشِمال فهي جهتها، نزل في الري فكان له ايضاً وجوده الاخر الساطع ولما وجد نفسه هكذا وكان قريباً من ذلك العالم الاديب الفائق جداً والامير السخي الصاحب بن عباد محب اهل البيت رحمه الله كان قد شعر بنفسه انه قد بلغ مرماه، بلغ غايته وكان عليه ان يشد الرحال الى ارض اخرى يتألق فيها حتى يبقى كهذا الذكر الذي نحبه دائماً صاحب.
المحاور: طبعاً مستمعينا انا لا ازيد على الاستاذ العزيز بشير الجزائري فقد اخذت منه ايضاً، المقامات يقال انها هي جمع للمقامة وهو المجلس والمقصود في الادب هو القصة التي تدور حوادثها في مجلس واحد، اذن استاذ بشير الجزائري لو تسمح يبدو ان هناك اتصال من النجف الاشرف مدينة الجواهري وغيره وذكرت الجواهري لأنه اشهر من نهر على علم، على كل حال كل المدن عزيزة ولكن للنجف الاشرف مدينة امير المؤمنين علي بن ابي طالب.
الجزائري: وجمال الدين واليعقوب.
المحاور: ووادي السلام وكل شيء فيها، السيد نوري معنا على الهاتف، سيد نوري سلام عليكم اهلاً وسهلاً.
نوري: سلام عليكم مولاي.
المحاور: يا اهلاً وسهلاً.
نوري: استطيع ان اتكلم مع الاستاذ الجزائري.
المحاور: يااخي انفتح عليه كما تحب ولكن سيد نوري صوت الراديو، قلل صوت الراديو فأنت تسمع افضل.
نوري: استاذ بشير السلام عليكم.
الجزائري: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
نوري: جزاكم الله خيراً في الدنيا والاخرة.
الجزائري: اكرمك الله.
نوري: لدي طلب وسؤال، اما الطلب فهو نبذة عن دراستكم ومؤلفاتكم وحياتكم ان كان ممكناً اما السؤال المقامة هل هي علم ام فن؟ ومتى بلغت المقامة الحديثة مكانتها في الادب العربي واين هي منها الان ومن هم ابرز المتصدين لها في الوقت الحاضر؟ شكرتم وخلدتم في الجنة والمستمعين ان شاء الله.
المحاور: اشكرك الشكر الجزيل وطبعاً استاذ بشير انا اجبته لأني اعرفك.
الجزائري: لأنك نفسي والله اقول لأنك نفسي والله وهو شاهد علي لا انافقك ولا انافق.
المحاور: حاشاك.
الجزائري: ولا اتملقك ولا اتملقهم ايضاً وانما اقول حقيقة ساطعة سطوع ادبهم ولطفهم وخاصة لطف السيد نوري الذي هو لطف ابناء النجف نجف علي بن ابي طالب عليه السلام الذي كان ومازال ذلك القمر المتألق في سماوات الله سبحانه وتعالى، اريد ان اقول لحضرته.
المحاور: السؤال الاول.
الجزائري: جوابك كان حقيقياً انا لا استطيع ان اقول ان لي مؤلفات ولو ان صديقاً عزيزاً انت تعرفه.
المحاور: سيدي الكريم انت لك كتابات وانت تبخل ولاتبخل بكل شيء الا بكتاباتك وانا اعلم الناس بك.
الجزائري: لا اجود بها ولا ابخل والله ماعندي بها من بخل، اقسم بالله لاابخل بها ابداً واتمنى ان ينال منها كل من جاء ومن زارني وعثر عليها وانتفع بها اما نشرها فذاك عسير علي، اولاً لأنني لست من الجيوب الملئى ولست من البطون العراض كما تعرف.
المحاور: يعني ذهبنا الى، نحن في ندوة ادبية على كل حال.
الجزائري: لا اقول الحقيقة لأولئك الذين قد سمعوا قولك وقد تبخل بها فأريد ان ابرئ نفسي من ظاهرة واسمها بظاهرة.
المحاور: أليس البخل سيدي الكريم ان تخفي على الناس ما يريدوا ان يقرأوه.
الجزائري: لا ليس بخلاً.
المحاور: انا لا اقصد هنا يعني، حاشاك من ان اوجه لك، يعني انت تعلم قصدي من البخل.
الجزائري: اعلم ذلك.
المحاور: انت طيب وكريم لماذا تبخل على الناس ونعلم ان لديك كتابات.
الجزائري: اكرمك الله، اسمح لي، لو جاءني من هو قادر على نشرها بعيداً عني ووالله لا اطلب منه نفعاً فأنا سعيد غاية السعادة بذلك.
المحاور: اذن
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
الجزائري: احد اخواني الذي هو مثلك انت اذا سمح لنا.
المحاور: المخرج مخر اذني على كل حال ومعك استاذ بشير وقعت بين نارين، يقول عليك ان تجيب السؤال الثاني.
الجزائري: نعم طيب.
المحاور: لديك ثلاثين ثانية للسؤال الثاني تفضل.
الجزائري: السؤال الثاني ماذا؟
المحاور: متى بلغت المقامة الحديثة مكانتها في الادب العربي واين هي منها الان ومن هم الان المتصدين لها؟
الجزائري: والزهرة والعباس ما من مقامة حديثة ابداً انما كانت تلك المقامة هي التي تحدثنا بها بين رجلين، بين رجلين متقاربين في الزمان فبديع الزمان كان في القرن الرابع الهجري وتوفي قبل انتهاء ذلك القرن، يقال حدود سنة اثنتين وثمانين وثلاثمئة كان قد ودع هذه الدنيا او ان هذه الدنيا قد دفعته الى صاحبتها، الفانية دفعته الى الباقية واسأل الله له العافية ايضاً، وهذه مقامة.
المحاور: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
الجزائري: هذه المقالة التي سمعتها الان.
المحاور: هل سجعاً كان ام نثر؟
الجزائري: لا كان سجعاً وهو نثر مسجوع.
المحاور: طيب.
الجزائري: سيدي الكريم اما الثاني فهو الحريري والحريري رجل بصري كما تقدم القول عليه وهو ايضاً بارع براعة سابقه وهو نحوي عظيم جداً.
المحاور: استاذ بشير يعني لا اقاطعك ولكن انا كما تعلم اراجع جهاز الحاسوب وانت تسخر من هذا الجهاز عادة سيدي الكريم.
الجزائري: انا لا امارس الوقوف ازاء الاجهزة المتقدمة جداً.
المحاور: ليس كذلك سيدي الكريم ولكن استفيد منه على كل حال، سيدي الكريم انا قرأت انه لماذا يذهب مثلاً جورجي زيدان ويقول ان بديع الزمان الهمداني اقتبس اسلوب مقاماته من رسائل امام اللغويين ابي الحسين احمد بن فارس او يأتي مثلاً الدكتور زكي مبارك ويقول مقامات الهمداني هي مشتقة من احاديث بن دريد لأن فيها تشابه كثير، هل هناك تناص في الموضوع ام اقتباس ام سرقة ادبية ام ماذا؟
الجزائري: من انصف لا يستطيع ان يقول هذا القول، لا قول الدكتور احمد زكي رحمه الله ولا قول جورجي زيدان.
المحاور: عفواً الدكتور زكي مبارك.
الجزائري: زكي مبارك رحمه الله، زكي مبارك ايضاً كان يقال له الدكاترة لأنه كان صاحب دكتوراه في الادب ودكتوراه في الفلسفة، على كل حال ودكتوراه في الاخلاق ايضاً وتمنيت لو ان اخلاقه وسعت هذه الحقيقة ولم تنسب هذه النسبة الى بديع الزمان الهمداني، الرجل لم يكن قد استفاد من استاذه الكبير جداً احمد بن الحسين بن فارس وهو اللغوي الشهير صاحب كتاب مقايس اللغة ومجمل اللغة، كتابان رائعان جداً وكلاهما حققه المرحوم محمد عبد السلام هارون كبير المحققين وناس يسمونه شيخ المحققين وهو جدير بذلك ونحن ذكرنا كلمة الاخلاق في ذكر زكي مبارك رحمه الله فأعتقد ان الفارق كبير جداً بين ادب احمد بن فارس وادب تلميذه في اللغة، استفاد منه لغة، استفاد منه ذوقاً لغوياً لم يستفد منه ادباً مع ان ابن فارس كان اديباً ولكن ادبه لم يبلغنا ولا نستطيع ان ننسب ابداع هذا الاديب يعني الهمداني بديع الزمان الى احمد بن فارس او الى محمد بن الحسن بن دريد الازدي رحمه الله وهو بصري ايضاً والبصرة كما تعلم كانت معقل الادب واللغة والفن، كل الثقافات كانت قد تجمعت فيها كما تجمعت اليوم فيها كل صنوف التجارة.
المحاور: وهؤلاء هل انسلوا من القحطانيين من اليمن؟ أليس كذلك؟ الازدي؟
الجزائري: الازدي قد جاءوا من ارضهم التي ايضاً هي اليمن كما تفضلت وهي عمان لأن عمان كانت تعد جزءاً من اليمن ومازال يمانون، دعني اقول قولاً لغوياً فصيحاً ولا اقول يمانيون، ومازال يمانون يعتقدون اعتقاداً جازماً ان عمان هي يمن وكل ارض العرب ارض العرب.
المحاور: استاذ بشير انا ليس بودي ان اقاطعك ولكن اطلنا على المستمعين الافاضل والمخرج هو يؤكد على ان نذهب.
الجزائري: اعزك الله.
المحاور: الطارف والتليد مستمعينا الافاضل وذلك من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وعلى الهواء مباشرة والساعة تشير الى السادسة وتسع وثلاثين دقيقة واستمعنا معكم الى النغم الاصيل والمقام الاصيل الخاص بأيران وربما متأثر ايضاً بالمقام التركي ولو كان الاستاذ بشير ضالعاً في الموسيقى ايضاً والله لما تركته وسألته عن اصل هذا المقام ان كان صبا او غير صبا او بيات وغيره ولكن استاذي الكريم اعتقد انه من الصبا، ويبدو ان اتصال هاتفي من السعودية الاخ احمد الماجد من السعودية، اخ احمد الماجد اهلاً وسهلاً بك.
الماجد: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الماجد: تحية لك والى الاستاذ بشير الجزائري واشكركم على هذا البرنامج الذي تجودون به على المستمعين، لدي سؤال كيف اكتب المقامة الفنية الحديثة؟
المحاور: نشكرك الشكر الجزيل اخ احمد الماجد اذن سيدي الكريم.
الجزائري: مع تحيتي للاسم واللقب للاخ احمد الماجد حفظه الله وكرامي له، الواقع من اراد ان يكتب المقامة الفنية الحديثة اذا صحت هذه التسمية.
المحاور: اذا كانت لها وجود.
الجزائري: اذا كانت لها وجود يكون الاخ احمد من المبتدعين من الذين قد احيوا فناً عظيماً جداً قد زال من هذه الدنيا ولم يبق الا خبره الذي نتحدث به الان، ما عليه الا ان يعود الى مقامات بديع الزمان الهمداني يتأملها، يقرأها، ماعليه الا ان يعود الى مقامات الحريري البصري القريب ايضاً من تلك الديار من المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وحينما يقرأ ويتبصر تلك القراءة التي يقرأها في هذين الكتابين العظيمين جداً في تلك المقامات الرائعة جداً يكون قد استوفى ثروة لغوية هائلة جداً من تلك المقامات.
المحاور: وان توصيه بما اوصى ابو نواس.
الجزائري: احسنت، بما اوصى به ابو نواس، ابو نواس اوصي ان يحفظ اربعة الاف بيت من الشعر ثم اوصي بأن ينسى تلك الاربعة الاف بيت من الشعر وطبعاً الوصية الثانية اصعب من الاولى، على كل حال ومع ذلك نفذهما.
المحاور: وهذا هو من النبوغ.
الجزائري: احسنت وكان رأس المبدعين في الشعر العربي رحمه الله.
المحاور: طيب اذن استاذ بشير الجزائري نعود مرة اخرى سيدي الكريم هناك من يقول وهذا رأي اتفق عليه الكثير ان القصة في الادب العالمي قد سبق الشعر بكثير وبقي متنوعاً لكن دعني عن القصة التي قد يقرأها البعض انها هي ام المقامة الموضوع الذي نتحدث عنه، القصة القصيرة البعض يقول انها هي ام المقامة، سيدي الكريم تعريف للمقامة يقولون انه فن من النثر.
الجزائري: صحيح.
المحاور: طيب هل يمكن ان اسألك استاذ بشير او ما هي العلاقة اذا وجدت هناك علاقة، ما هي العلاقة بين المقامة والعروض؟
الجزائري: سيدي الكريم انت تفضلت بجانب في كلامك المتقدم آنفاً اي تواً بأن المقامة هي نثر او ضرب من ضروب النثر هذا جانب منها، انت اذا قرأت اي مقامة من المقامات لبديع الزمان او لتابعه الحريري رحم الله الاثنين وجدت كلاً منهما يبدأ بنثر، هذا يقول حدثني عيسى بن هشام وهذا يقول حدثني الحارث بن همام، كل منهما وضع له راوياً او وضع له محدثاً، وضع له بطلاً.
المحاور: كما نحن نقول قال بهلول.
الجزائري: ها بهلول.
المحاور: او قال جحا.
الجزائري: احسنت او قال جحا ولو عدت جحا لوجدته تركياً وفارسياً وعربياً وقرشياً وتميمياً ومن القبائل العربية المختلفة وفي كل الازمنة والامكنة ورحم الله العقاد الذي كتب جحا الضاحك المضحك، كتب عنه وبين ان هذا رجل انما اتخذ لكي يعبر به كل شعب او كل قوم عن مأساتهم، عما يعانون من ملوكهم الذين كانوا قد اخذوا بمقاليد امورهم في تلك الازمنة المتعاقبة، لا علينا ولا ندخل في السياسة ابداً فنحن ناس مساكين همنا ان نقول للناس حسناً، ان نقول لهم ان الادب الجميل الذي يحيي القلوب ويبعث الارواح انما هو ذاك الذي يبتعد عن كل ما يؤلم ولكنه يدل على ما يبعث الامل في نفوس الجميع، مرة اخرى وبأختصار المقامة نثر وشعر، منثورة ومنظومة اذا قرأت اي مقامة من هذه المقامات وجدتها ملئى من الوان الشعر الجميل جداً والقوي جداً والصعب جداً.
المحاور: كان بودي استاذ بشير ان نتحدث حول السجع والنثر يعني هل تسمح ولو اني اقطعك، هل تسمح ان نتحدث في الحلقة القادمة حول النثر وعلاقته بالسجع ام تسمح لي ان اقترح شيئاً آخر؟
الجزائري: انت صاحب الامر وانا بين يديك.
المحاور: وانا اشكرك، اذن اذا لم يكن هناك اقتراح سوف نتحدث في الحلقة القادمة العلاقة مابين النثر والسجع وكل منهما والطريقة التي تميز بها ومن امتاز بها ايضاً والان انا معك استاذ بشير، لا ادري اقطعك حول ضيفي.
الجزائري: ضيفك مقدم.
المحاور: هو ضيفنا على الهاتف الدكتور حيدر المقداد من لبنان سلام عليكم اهلاً وسهلاً.
حيدر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: يا مرحباً اهلاً وسهلاً.
حيدر: قبل كل شيء اجتمعتم انت واخي ابو محمد ونحن بينكم.
الجزائري: فديتك سالماً وغانماً.
حيدر: بارك الله فيكم، المقامة هي الادب الذي لو تصدقوا فيه لأرتقينا به، عرب الجاهلية كانوا بارعين سواء في فن الخطابة او الشعر، سحبان وائل وابن ساعدة واما الشعراء فكثيرون، جاء القرآن الكريم وهذب اللسان وجعله سلسلاً لذيذاً ولكن دخول الالسن الرومية والعجمية قد افسد قليلاً حلاوته فأضفى عليه سيدنا علي عليه السلام بفن يجعل منه علماً علمه الى ابو الاسود الدوئلي ليضبط ايقاع الكلام جعل له اسماً اسمه الصرف والنحو، حتى لا نطيل عليكم سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو ابو الفصاحة والبلاغة اللغوية وهذا هو الامر المذهل رغم عدم معرفته بالكتابة والقراءة ليثبت لنا ان المقامة فن في علم، سؤالين اخي ابو محمد.
الجزائري: تفضل.
حيدر: ما اثر الصحافة في تحرير المقامة، ألم ترفعه كثراً بفتح ابوابها له؟ السؤال الثاني لست ادري اذا كان مرتبطاً به، لماذا يضبط القرآن الكريم الحس اللغوي والبلاغة عند كثير من الناس رغم جهلهم بالقراءة والكتابة؟ وشكراً لكم.
الجزائري: الشكر لله سبحانه وتعالى ولك وانت عزيز.
المحاور: طيب اولاً.
الجزائري: نأتي الى الوقوف على الصحافة، انا والعياذ بالله كما يقول القائلون من قولهم انا اي انهم يفرون من الانانية من الاعتقاد بعظمة الذات، سيدي الكريم لن تكن المقامة في زماننا قد ظهرت انما شعت في القرن الرابع الهجري ثم اخذت انفاسها في القرن الخامس الهجري في بداياته حتى وانطفأت.
المحاور: في العصر العباسي.
الجزائري: نعم وانطفأت قبل ان ينطفأ العصر العباسي وهو كان منطفئاً بذاته ولا نريد الدخول في السياسة.
المحاور: سيدي الكريم انت توغل في السياسة وكل لحظة تقول لا ندخل في السياسة.
الجزائري: على كل حال بعض المرات.
المحاور: على وصية اخي العزيز من الناصرية من السماوة لحد الان انا اعاهده ان لا ازاحمك نعم تفضل.
الجزائري: اكرمك الله، عزيزي الكريم المقامة ليست في زماننا حتى تظهر في الصحافة، الصحافة ربما اعطت المقالة فرصة كبيرة جداً ولكنها بأعطاءها هذه الفرصة الكبيرة جداً قتلت المقالة الادبية التي كنا نتوق اليها ونأنس بها ونسعد غاية السعادة حينما نقرأ مقالات جبران خليل جبران او حينما نقرأ مقالات مصطفى صادق الرافعي او حينما نقرأ مقالات الكثير من الادباء الذين كانوا في الخمسين سنة من القرن الذي ودعناه يعني القرن العشرين، على كل حال هؤلاء كانوا قد قدموا لنا صوراً جميلة جداً قبل ان تمتد ايديهم الى الصحافة وحينما لا مست الصحافة اخذت حتى مقالات هؤلاء البارعين اخذت تتدنى، لماذا؟ لأن الصحافة تريد عملاً سريعاً وعملاً سهلاً ميسراً حتى يعرفه من يشتري تلك الصحيفة، حتى ينتفع به كما يتصورون او يتأثر به اذا كان هادياً او مضلاً وصاحب الصحيفة في اغلب الاحيان مع الاسف الشديد رجل تضليل لارجل هداية ولذلك تجد الاكاذيب والافتراءات زاخرة في الصحافة.
المحاور: ولا ندخل في السياسة.
الجزائري: ولا ندخل في السياسة.
المحاور: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اذن لو تسمح استاذ بشير.
نعم الطارف والتليد ونحن معكم من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران الساعة تشير الى السادسة واثنتين وخمسين دقيقة ولا ندخل في السياسة، نعود مرة اخرى الى الاستاذ بشير الجزائري، يبدو ان معي الاخ العزيز فاضل المغسل مرة اخرى، اخ فاضل سلام عليكم ان شاء الله وفينا لحد الان ام بقي شيء؟ سلام عليكم اهلاً بك.
فاضل: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيراً انت والاستاذ بشير الجزائري وكذلك الاخ خالد وكل كادر الاذاعة وهذا البرنامج المتميز.
المحاور: اهلاً بك.
الجزائري: اكرمك الله.
فاضل: بداية اقول بالايرانية سلام اقاي جزائري وسلام اقاي رائد.
المحاور: الاقا كانت فقط ايرانية سيدي الكريم، سلام اقاي مغسل.
فاضل: على اي حال هذين اليومين نتعلم اللغة الفارسية ونتحدث معكم ان شاء الله.
المحاور: ان شاء الله.
فاضل: نتكلمها جيداً بعد سنة.
المحاور: ان شاء الله، اضف عليها است وتصبح فارسية اخ مغسل، نعم تفضل.
فاضل: اولاً استاذي استاذ رائد والاستاذ بشير الاخوان الطيبان طبعاً وفيتم وكفيتم والذي اود ان اسأله في هذه اللحظة هو انه الشعر وكذلك بعض ضروب النثر تطورت كثيراً عبر الازمان والقرون واخذت اشكال وانماط متعددة وتقريباً وصلت الى مايمكن ان تصل اليه في الكمال والنمو، هل المقامة اخذت هذا المنحى الذي اخذته بقية تلك الانواع من انواع الفنون الادبية؟ شاكراً ومقدراً واقول خدا حافظ، خدا نكهدار.
المحاور: است، شكراً جزيلاً اخ فاضل المغسل اذن استاذ بشير بداية الدكتور حيدر، الوقت ضيق جداً، لدينا حوالي ثلاث دقائق، لماذا يضبط القرآن الكريم الحس لدى الانسان رغم انهم يعني حتى المستوى الادبي حتى وان كان لا يساعد؟
الجزائري: اعتقد لو ان الانسان اقبل على القرآن الكريم بقلبه لابفمه لكان فعلاً قد بلغ هذا المعنى الذي اشار اليه الدكتور حيدر مقداد حفظه الله وحفظ المقدادين جميعاً سواء اهل المقدادية في غرب العراق او المقدادين في سورية ولبنان.
المحاور: ان شاء الله يا
رَبِّ الْعَالَمِينَ.
الجزائري: على كل حال اقول اذا اقبل المرء على القرآن الكريم يتعلمه بقلبه اي يفطن اليه بكل دقة، انت تعلم كثير من الناس يقول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، هذا كلام اللسان اما كلام القلب فهو ذاك الجمال الذي يتدفق حياة في الوجود بأجمعه لا في كيان ذلك القارئ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
المحاور: ان تركتها العربية استاذ بشير لبساطتها فهي لا تقبل الخطأ تنساب كما ينساب الماء فلا يقول
إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، لا تأتي حتى في اللغة.
الجزائري: ما قلت لك من عندي وانما قلت لك ما سمعت وقلت لك ما رأيت.
المحاور: نعم نعم.
الجزائري: وهذا هو شأن الناس هذه واحدة حتى الان الناس لم يقبلوا على القرآن الكريم بقلوبهم حتى يكون ايضاً لجاماً لهم عن الخطأ حتى يبدعوا في كلامهم، ثانياً انا اريد ان اقول للاستاذ المغسل الكريم حفظه الله.
المحاور: هل المقامة وصلت الى ما وصل اليه الشعر؟
الجزائري: لا المقامة ليست بشعر وليست بنثر انما هي مزيج منهما، انما هي لغة جديدة هذا رأي انا انفرد به واقوله على رؤوس الاشهاد سابقاً به غيري ولست مفتخراً بهذا القول وانما اقوله مخبراً، الحريري وصاحبه الذي سبقه بديع الزمان رحمه الله ارادا ان يعلما الناس لغة عربية جميلة فاتخذا هذا الاسلوب مسلكاً لهذا التعليم الجميل اذن مقاماتهما كانت كتابي لغة ولم تكونا كتابي ادب، هذا الفرق بينها وبين غيرها ولذلك توقفت كما توقفت كل الكتب اللغوية، انت تعلم ان احمد بن فارس الذي هو استاذ بديع الزمان الهمداني كان له الصاحبي في فقه اللغة وسماه الصاحبي نسبة الى الصاحب بن عباد الذي مر ذكره كريماً لأنه كان في كنفه واكرمه فسماه الصاحبي في فقه اللغة وهو من اروع الكتب وله المجمل وله مقاييس اللغة وغيره هكذا حتى محمد بن حسن بن دريد توقف بالجمهرة.
المحاور: للاسف الوقت استاذ بشير.
الجزائري: اكرمك الله واكرم.
المحاور: الشهود العيان من المستمعين الافاضل، لك الخيار.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاور: نبقى في المقامات ام نتحدث عن النثر والسجع؟
الجزائري: خياري خيارك انت.
المحاور: استاذي الكريم انا اعتذر للمستمعين الافاضل الوقت داهمنا اذن سنبقى في المقامات مع الاستاذ بشير الجزائري لعلنا نستوفي وجهاً بسيطاً وهو معقد الى درجة كما تعلمون ويحتاج الى اوقات كثيرة، اشكركم واشكر الاستاذ بشير الجزائري وجميع الذين تابعونا وارجو ان لا نثقل عليكم دائماً بهذا البرنامج اقصد نفسي وليس الاستاذ بشير الجزائري.
الجزائري: اكرمك الله.
المحاور: تقبلوا تحياتي والى اللقاء في امان الله.
*******