المحاور: له الحمد وسلام على انبياءه ورسله وعباده الصالحين. حين يمر بخاطر الانسان معنى الصورة والتصوير يجد نفسه مستغرقاً بقول الله تعالى:
«بسم الله الرحمن الرحيم، وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ» صدق الله العلي العظيم.
ولا يملك نفسه عندئذ الا ان يخشع لذكر الله المقدس سبحانه وتعالى جل شأنه شاكراً له هذا اللطف العظيم الكريم الرحيم بنا متجلياً بخلقنا احسن الخلق وتصويرنا احسن التصوير وامره الملائكة بالسجود لأبينا اكرم الاباء آدم (عليه السلام) فما اعظم هذا اللطف الالهي الذي لا يبلغ وصف مهما حلى ومهما كمل.
ولا يتمالك احد نفسه اذا استيقظ قلبه وهو يقرأ قول ربه عز وجل:
«بسم الله الرحمن الرحيم، اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ».
فأنت في فيض من النعم التي لا تدري كيف تشكر احداها حتى ترتفع لشكر اخرى، من قرار مريح الى بناء كريم ومن صورة حسنى الى صورة احسن منها والى رزق - والله ليس في الوجود ما هو اطيب منه- فأنت في اطيب صحة واطيب لباس واطيب زاد واطيب مشرب وفوق كل هذا بر مستدام لك لا تنفك منه البركة وارجو ان ينظر كل منا الى نفسه ليشعر بجماله الفائق على كل جمال، على كل جمال حوله فأين هو من الشجر والحجر وأين هو من الغزال والاسد ومن هاهنا كانت الصورة الادبية شعاعاً من نداء الله جل شأنه لعبده الانسان الذي استخلفه في كونه البديع.
دعونا نأخذ من وقت الاستاذ الكريم السيد الاستاذ بشير الجزائري وانا قد مازحته حينما قلت العراك فأنا لازلت اركض واركض خلفه ولم احصل سوى على غبار قدميه، على كل حال وهذا ليس وصف ولكن استاذ الجزائري يعني اليس من الحق ان نبدأ الكلام عن الصورة الادبية بما لها من امثلة رائعة فريدة في القرآن الكريم هذا الكتاب القيم الذي انزله الله سبحانه وتعالى بشرى للعالمين؟
الجزائري: لله ما احلى ما تقول، بلى والله فخير الكلام كلام الله عزوجل، ما في ذلك ادنى شك وصور هذا الكلام الذي هو اطيب كل كلام ابدع الصور وابلغها ولا نزاع في ذلك ابداً ابداً فهو الاول وهو الاخر غير مدافع هكذا تقول العرب اي لايدفعه دافع مهما كان ذلك الكلام بليغاً حتى اذا كان كلام الانبياء والمرسلين والاولياء والصالحين سلام الله عليهم فأنه لايبلغ ذلك الجمال الالهي المتشعشع في عيني وعينك وعين ذاك وتلك وفي القلوب كلها، وقد بدأنا اذا كنت ذاكراً بالتصوير القرآني، التصوير الفني في القرآن الكريم، حضرت انت في طليعته ثم حالت دون سعادتي بك نوازع الايام، ليت الايام تنازعنا فيك ولكن ماذا نفعل ولا اريد الان سيدي ان نلم ببحار النور الالهي فليس من الحق ان نجمع ماليس له نظير ويمكن ان يكون له هذا النظير مما هو ممكن ان يتعدد نظراءه، كل كلام له نظير ما عدا كلام الخالق عز وجل ومع ذلك انا اعدك اذا دعوتني ثانية وشجعتني ان اكون بين يديك وان اكون محط هاتين العينين الكريمتين وهما تجودان علي بالخلق النبيل الذي يأنس به من يستمع اليك وانت تقول خير الكلام، هذه من صفات الكرام، منصفات المؤمنين الصالحين الذين من الله سبحانه وتعالى عليهم ان جعلهم نوراً لغيرهم.
المحاور: استاذي الكريم الصورة القرآنية اجد ان من يدقق يكفي له وضوح كلمة
بسم الله الرحمن الرحيم اذا ما قاسها مع بسمك اللهم.
الجزائري: الله اكبر.
المحاور: فيكفيه هذا يعني العرب اذا ما تحدثت عن البلاغة وقالوا ان فلان قال اول من قال اما بعد من فلان الى فلان فان الله سبحانه وتعالى قد دحض كل هذه الامور بأعظم كلمة لهم للآله عندما كانوا يقولون بسمك اللهم وجاء رسول الله واذا بجبريل يبشره بكلمة هي آية للعالمين يكفي ان تكون كل القرآن اذ يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الجزائري: هي كل الرحمة، رحمة لمن عرف ومن لم يعرف.
المحاور: والحقيقة انا لم اجرأ على ادخل في هذا الموضوع لأنني قرأت بعض الشيء عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (سلام الله عليه)، هذا الرجل الذي لا نستطيع ان نماشيه ابداً عندما يصف
بسم الله الرحمن الرحيم وكان الامام الخميني ايضاً (رضوان الله تعالى عليه) له شرح وافي في تفسير
بسم الله الرحمن الرحيم ايضاً وهو من مدرسة امير المؤمنين، لا اطيل عليك الحديث.
الجزائري: هذا وقد اجتنبت المرور بتصوير القرآن الكريم فكيف اذا كنت قد عنيت بأن تصور القرآن الكريم؟
المحاور: والله انا اخشى استاذي الحقيقة لا اريد ان انحرف عن البرنامج لأن عينا المخرج تتلئلئان ويريد قتلنا بالسرعة العظمى على كل حال انا عندما اقرأ بعضاً من سورة النجم وان الله سبحانه وتعالى حين يقول:
«انه اضحك وابكى».
الجزائري: سبحانه وتعالى.
المحاور: هذا يكفي.
الجزائري: كل القرآن كاف، كل القرآن كاف.
المحاور: لنعد اذن من الصور التي انفرد بها الخالق البارئ المصور جل وعلا الى ما صوره ويصوره عباده المخلوقون بيده الحكيمة الفريدة التي احسنت كل شيء خلقته.
المحاور: قبل ان اعرج على استاذي الكريم دعوني استقطب اتصالاً هاتفياً من الاخ حبيب من البحرين، اخ حبيب سلام عليكم اهلاً بك.
حبيب: وعليكم السلام ارحب بكم وارحب بالاستاذ الكريم، عندنا سؤال احب ان اطرحه عليكم اذا ممكن.
المحاور: نعم تفضل.
حبيب: ما هي العناصر اللازمة لأبداع صورة ادبية في الشعر او النثر، كيف نحصل على صورة ابداعية في شعرنا او نثرنا لتكون صورة قوية ذات معنى؟
المحاور: نعم اذن هذا هو سؤالك اخ حبيب الستراوي من البحرين، طيب سيدي الكريم كان بودي ان اذهب الى تفاوت العصور في التصوير الادبي ولكن سأترك سؤالي الى ما بعد ودعنا نذهب الى الاخ حبيب الستراوي من البحرين، يعني استاذ الجزائري العناصر اللازمة للصورة في الشعر والنثر؟
الجزائري: سيدي ليست اكثر من ان يكون ذلك المرء قد عرف لغته اي الكلمات التي لابد له من استعمالها وليست كل كلمة مؤهلة ان تكون في هذه القصيدة او في هذا البيت انما هناك كلمات اختارها الله سبحانه وتعالى على السنة عباده الذين يقولون وما تلك الملكة التي يقولون بها الا هبة من هباته السنية التي لاحد لها للعباد يعني الذي قد كان قد خبر اللغة وحفظ هذه اللغة يعني تمكنت اللغة منه لا تمكن هو منها، اذا تمكنت اللغة منه استطاع ان يكون قد نال الدرجة الاولى والقاعدة الاساسية في الشعر او في النثر بعد ذلك يفاوض هو يقارن بين الكلمات من من الجميلات اولى هذه او تلك او الثالثة او العاشرة فوجد التاسعة اولى فأختارها فوضعها وهكذا يجمع بين رصانة المبنى وبين اشراق المعنى بمثل هذا يستطيع ان يقدم لنا صورة ادبية كريمة ورائعة.
المحاور: يعني هذا في حين ان يكون شاعراً ينتفض من النوم ويكتب لا ان يقرر غداً يكتب ابياتاً لمناسبة فلانية فالكلمة اعتقد انه سوف تكون مصطنعة أليس كذلك؟
الجزائري: والله ما اعتقد ان شاعراً من الشعراء كان قد قرر ان ينظم ونظم.
المحاور: لدينا الان شعراء معاصرين في المناسبة الفلانية يكتب مئتي بيت من ابيات الشعر للمناسبة الفلانية والحمد لله رب العالمين وكأنه يرتب بالكلمات، انا اقصد هؤلاء الشعراء.
الجزائري: اكرمك الله اما السيد مصطفى جمال الدين الذي هو قدوة الشعراء الذي قيل للجواهري ان مصطفى جمال الدين متقدم عليك كثيراً فضحك رحمهما الله كليهما لأن كليهما قد خرج من هذه الدنيا الى تلك الباقية، قيل ان مصطفى جمال الدين متقدم عليك في قول الشعر فضحك وقال حسبي انه من النجف الاشرف.
المحاور: نعم النجف.
الجزائري: نبع الشعر والشعراء، الشعراء الكبار اعمدة البيان وانوار هذا البيان هم النجفيون وحدهم في الاول ومع الاخرين ايضاً.
المحاور: والحقيقة هذا امر غريب ان النجف، لماذا النجف على كل حال لا ندخل فيه ولكن سيدي الكريم نتحدث عن الشعراء ومن يستيقظ، طيب لنذهب الى العصور ونعود مرة اخرى الى البرنامج نفسه، الى موضوع البرنامج يعني لم تفاوتت العصور في التصوير الادبي وبم؟
الجزائري: مسألة يسيرة جداً، انا وانت عندما كنا في الثانية او في الثالثة من العمر كل منا لديه مجموعة من الخبرات نستطيع ان نسميها خبرات طفلية، خبرات محسوسة لأننا نرى فنفهم ونسمع فنفهم ونلمس فنفهم وهكذا بقية الحواس، في السنة الرابعة تكون لنا خبرات مختلفة عن الخبرات التي كانت في الثانية وفي العاشرة لنا خبرات تختلف عن خبرات السنوات الماضيات، أليس كذلك؟ فهذا من ناحية الزمن، تطور الانسان ومرور الزمان عليه يمنحه خبرة اوسع وعمقاً اعمق ثم بعد ذلك الثقافة التي ينالها بالدراسة وبالتلقين وبالحضور وبالمشاهدة هي التي تجعله يكون قد استوفى اسباب او مادة ان يكون شاعراً او ان يكون اديباً.
المحاور: وطبعاً يعني استاذ الجزائري لو لم يكن تجاوزاً على فضلك في هذا البرنامج سيدي الكريم انا اعتقد ان الاتونولوجيا او بشكل من الاشكال علم الاجتماع له تأثير كامل في اللغة وطريقة انتقاء الكلمات والحروف وطريقة البلاغة وطريقة البيان ايضاً ولاحظت ايضاً انال نظرة النقدية لما يخص الاغراض الشعرية عند العرب هي نظرة اخلاقية مستقاة من علاقاتهم الاخلاقية والاجتماعية الموجودة ومن ثم ارتقت بالاسلام حتى وصلت الى وصلت اليه.
نستفيد من خلال هذه الدقائق وايضاً لدينا اعزاء لا يمكننا ان نردهم، من البحرين لدي السيد حسين الموسوي، السيد الموسوي سلام عليكم اهلاً بك.
الموسوي: وعليكم السلام تحياتي اليك والى استاذ الاساتذة السيد بشير الجزائري.
الجزائري: كرامة والله دونها ولا اردها.
الموسوي: بارك الله فيك استاذ، اخي الكريم نحن تربينا الحمد لله تحت منابر الحسين (سلام الله عليه) وحتى شهداء الطف سواء من بني هاشم او من انصار الحسين يعني ما كانوا دخلوا معركة الا بأبيات شعرية، عندي سؤالين لغاية اهمية الشعر في ان الانسان يعرف نفسه وهو داخل المعركة وداخل الى الشهادة، هل لها اهمية في هذا الجانب يعني؟ والسؤال الثاني هو انه اي فرق بين ادب زاخر في الصور الجمالية وآخر لا يعنى بها الا اذا جاءت عفو الخاطر؟ ان شاء الله السؤال واضح؟
المحاور: نعم جداً واضح شكراً شكراً، السيد حسين انت ذكرتني هناك استاذي الكريم قبل ان ندخل دعني اذكر هذه النقطة الضرورية جداً، رحم الله مثواه مصطفى العقاد في فيلمه الرسالة اكد على نقطة صورية هي من عمق التاريخ العربي ولكن الكثير من الناس اعتقد انهم لم يلتفتوا الى هذه النقطة الحساسة، ان حمزة كان يضع ريشة على صدره والعرب كانت تضع الريش كي تؤكد مكانتها الاجتماعية عند البقية فيعلم من يعلم ليخرج اليه ويخرج اليه كل من يريد الخروج الى عراكه او قتاله وهذه الريشة هي تذكرني بالشهيد الفلسطيني ابو الريش حيث قال سليمان حيدر من الكويت هذا اخينا العزيز الحاج سليمان في حينها قال يكفيها فخراً انها تريشت وذابت وهذا الموضوع يبكيني انا في الحقيقة، على كل حال كيف يمكن لرجل ان يخرج الى القتال وفي خضم القتال والسنان والرماح والظلم والضيم ثم لا ينسى جذوره المتجذرة في اعماق الارض؟
الجزائري: هو شيء جميل جداً ان يلتفت المرء الى ان المثير موجود بين يديه يعني الشاعر لا يمكن كما قلنا في الاول وقد قطعتنا وذهبت.
سيدي العزيز طبيعة كل انسان ان يتأثر بمثير، المصير جمالياً كان جلالياً كان كمالياً كان تتعدد هيئاته وصوره والوانه وانواعه المهم ان يكون هناك مثير، لا يمكن لشاعر ان يجيد في الغزل من غير ان يحب، تأمل جمالاً معيناً وتأثر به فتغزل وذاك الاخر هزته الاريحية الى ان يسدي كل ما عنده لفقير مر ببابه بكلمة طيبة فأعطاه كما فعل الكثير من العرب اذا كانوا امراء واذا كانوا عامة الناس، اعطوا كل ما يملكون، حاتم الطائي كان معروفاً عنه ان يعطي كلما كان بين يديه اذا سؤل ولا يبقي شيئاً ومن هذا فارقته امرأته وكذلك سواه وسواه.
المحاور: وهذا ما جعل رسول الله ان يعفو عن قبيلته بالاكمل.
الجزائري: احسنت احسنت وقال لها لكي ما بين جبلين اي يعني من الحجاز الى البحرين، هذه الارض كلها وما عليها اعطاها سفانة بنت حاتم الطائي وهي جديرة بذلك وقالت، خرجت بنا انت الان واجبرتنا.
المحاور: هذا شيء يجب ان يذكر استاذي الكريم انت عليك ان تبقى في سياق البرنامج، على كل حال انا اثرث لأني لا استطيع ان اخفي ما في هذا الجمال التاريخي.
الجزائري: لا انت تنثر الدر وعلي ان التقط شيئاً منه واقدمه الى هؤلاء الطيبين الذين نحن بين ايديهم، على كل حال نرجع الى الشاعر الذي يقبل على المعركة ساعة يرى الجمع منهم تهزه الاريحية بالكرم، منهم تهزه الاريحية بالنزول الى القتال وسبق الابطال يعني سبق الابطال من قومه من انصاره، من اعوانه لايريد ان يتقدم احد من احبته عليه، يريد ان يكون هو الاول فمادامت نفسه هكذا ذات حمية وجرأة واقدام وبسالة فلابد ان يكن بهم محاضراً ومن ذلك كما انت تذكر في التاريخ ان امير المؤمنين (عليه السلام) في ليلة الهرير اشد الليالي قتالاً في صفين كان قد استسقى اي طلب الماء فجاءه فتى او غلاماً له جاءه بماء وذلك الماء كان قد مزج بعسل فساعة جرع الجرعة الاولى من الماء التفت اليه وقال ان عسلك لطائفي يا فتى اي ان عسلك من الطائف، ان عسلك لطائفي يا فتى يعني ان احساسه، احساس امير المؤمنين (عليه السلام) وفكره وعقله كان ثابتاً في موقعه ولم يتزلزل ولم يشعر انه يخوض معركة هي اقسى معركة في تاريخ حياته (سلام الله عليه).
المحاور: أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وهذا يكفي.
الجزائري: احسنت هذا جانب، من ها هنا يقبل الشعراء على المعركة وهم يقولون الشعر رجزاً او شعراً لأنه ايضاً يقدم نفسه كما قلت انت كانوا يضعون الريش في خوذهم او على صدورهم، الاكثر في خوذهم وكان بعدد الريش يعرف الشجاع، يعرف البطل فحمزة كان مثلاً ذا ثلاث ريشات في خوذته اي انه بطل الابطال في زمانه سلام الله عليه ولذلك سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله) اسد الله ورسوله ولم تقل هذه الكلمة من رسول الله لأحد غيره انما وضعها الناس على غيره بوضعهم اما هي حق حمزة وحده لا شريك له.
المحاور: طيب انا ذهبت بعيداً ام انت استاذي الكريم، دعنا نذهب الى الشق الثاني من السؤال الذي طرحه الاخ، سيدي الكريم بأختصار مع انني لا احب الاختصار.
الجزائري: ما اجبت السيد حسين عن سؤاله الثاني.
المحاور: نعم هو يقول اي فرق بين ادب زاخر بالصورة الجمالية وآخر لا يعنى بها الا اذا جاءت بعفو الخاطر؟
الجزائري: يا سيدي الكريم الاول هو كلام الله سبحانه وتعالى والثاني هو كلام البشر ولكن كلام البشر يتفاوت حينما تنظر انت في الحديث الشريف لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترى فيه الجمال، ترى فيه البهاء والرونق الاخاذ حينما تلتفت الى نهج البلاغة وما ضم ورحم الله السيد الشريف الرضي كان قد ضمنه هذه المعاني الرفيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وكلها صور ادبية، هل تستطيع ان تقيس كلام امير المؤمنين (عليه السلام) بكلام احد الادباء في زماننا، خذ اي اديب شئت، خذ اولئك الذين احسنوا القول في امير المؤمنين (عليه السلام) من المسلمين وغير المسلمين.
المحاور: يبدو ان هناك مشاركة من الاخ امين الموسوي من العراق، اخ امين سلام عليكم اهلاً بك.
الموسوي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته استاذ رائد حياك الله وحيى الطارف والتليد وحيى السيد ابو محمد السيد بشير الجزائري.
الجزائري: حيى الله الامين الكريم.
المحاور: نعم تفضل.
الموسوي: اهلاً بك سيدنا، البداية ابارك لكم هذه الايام العظيمة من شهر رجب، لدي سؤال، من هو الشاعر الذي يستغني عن هداية الناس في الوصول الى اجمل الصور الفنية؟
المحاور: السيد الموسوي اذن هذا هو السؤال اشكرك الشكر الجزيل، طيب لنذهب الى الاستاذ بشير، من الشاعر؟
الجزائري: ليس من شاعر يستغني عن هداية النقاد الى الصور الادبية الجميلة او الى المعاني الكريمة التي يتوق اليها الا اذا كان الجدار او الا اذا كان ما وازنه.
المحاور: وضح يعني تحدث وكأنك في الارض سيدي الكريم دعني افهم.
الجزائري: والله هذا انا، على ما قلت انا وانت وكل الناس مهما علو في المنزلة اذا كانوا ذوي ذرة من عقل فأنهم لا يستغنون عن بعضهم لا الملك يستغني عن الناس، عن الرعية ولا الرعية تستغني عن الملك ولا القوي يستغني عن الضعيف ولا الضعيف يستغني عن غيره حتى اذا كان ضعيفاً مثله ايضاً اذن انا بحاجة الى من يدلني ويقول لي: يا اخي انت قلت هذه الكلمة وهي كلمة تقال في الحزن وانت جئت بقصيدة سارة فما كان ينبغي لك ان تستعمل هذه الكلمة او ان هذه الصورة من صور الافراح ينبغي لك ان لاتستعملها في الاتراح اي في الاحزان.
المحاور: لكن ايضاً عند النقاد استاذ الجزائري وانت تعلم اكثر مني ايضاً هناك نقد لمسائل تختلف عن الكلمات مثلاً انا قرأت ان الغزل، يعني العرب لم يتغزلوا يعني لم يصبح شاعراً غزلياً الا وهو يستميت على حبيبته، الا وهو يتهاوى ويهيم على وجهه في الصحراء بينما في بعض الشعوب المتقاربة الى العرب وليست بعرب هم يقولون العكس ان المخاطب والمحبوب هي تأتي من جهة المرأة الى الرجل لذلك انا اعتقد ان بعض النقاد عابوا على عمر ابن ابي ربيعة عندما وصف ان النساء يصفنه فائضاً ليس بالكلمات فقط بل بالموقف الاجتماعي، اليس كذلك؟
الجزائري: صحيح ومن ذلك يقولون المواقف الادبية وهناك كتب ظهرت في مثل ذلك تبين مواقف الناس من الحوادث ومن الاشخاص ومن التواريخ، كثير من الاشياء للشعراء او للادباء مواقف خاصة منها، على كل حال انا اريد ان اقول للسيد الكريم السيد امين الموسوي كل شاعر محتاج الى ان يفتح قلبه لا اذنه فقط للناقد الذي يهديه الى الصورة البديعة، الصورة الجميلة التي يظهر شهره بها ويسير في الافاق، نحن بحاجة الى من يأخذ بأيدينا مهما كنا اقوياء انت الان تستغني عن ان يكون معك احد يتحدث بالشأن الذي تقدمه انت الان لمستمعيك الكرام مهما كان ذلك الاحد ضئيلاً انا لا استغني ايضاً عن احد يسألني او عن احد يستعملني في الوصول الى غاية كريمة يمكن ان ينتفع بها الناس فأذن ليس من حق الشعراء او الادباء ان يستغنوا عن النقاد بدعوى انه لو كانوا شعراء او لو كانوا ذوي موهبة رفيعة لكانوا مثلنا شعراء لا النقاد ناس رفيعون جداً ولكن بالله عليك انا الان مريض واصف لك الطريق الصحيح الذي يوصلك الى المدينة الفلانية وتصل به انت فعلاً ما العيب في انا؟
المحاور: لاعيب ولاضير في ذلك بل فخر وفضل.
الجزائري: ألم انفع؟
المحاور: بل انفع من النحل.
الجزائري: فما عسى اخونا الشاعر يستنكف عن ان يأتمر او ان يستمع لأخيه الناقد الذي هو هادي له ودال على.
المحاور: هناك ترجمة ارجو ان تكون ترجمة وافية سيدي الكريم لمثل فارسي حيال الرجل الذي يحمل ثقل العلم ويعلم قدر نفسه، يمثلونه بشجرة الصفصاف المتدلي يقولون ان الشجرة مهما حملت اكثر تدلت وتدنت الى ايادي الناس اكثر وتذللت لهم ايضاً، كيف لرجل؟
الجزائري: احسنت هذه ذكرتنا بالصورة الادبية، الادب الفارسي مفعم بأمثال هذه الصورة الجميلة جداً علماً بأنها استاذي الكريم سارية في كل لغات الارض في كل بني الانسان لأن الناس لا يختلفون الا بألسنتهم اما قلوبهم وعقولهم فهي واحدة، يحبون ويكرهون.
المحاور: طيب استاذ الجزائري، انت تحدثت عن النقاد وتحدثت عن الشاعر وكيف على الشاعر ان يسير في مسراه وكيف ان لاينزعج وطيب سيدي الكريم تحدثنا ايضاً عن العصور نعود مرة اخرى الى سياق البرنامج لو صح التعبير، نريد ان نقيس وقياسنا حول جمال الصورة الادبية، بماذا نقيس جمال الصورة الادبية تارة نرفعها وتارة نخفضها عن مستوى النظر سيدي الكريم؟
الجزائري: بمقدار تأثيرها في نفسي ونفسك، هناك صورة تؤثر في انا وهناك صورة تؤثر فيك انت وصورة تؤثر في وفيك وفي الاخ كاظم صادق مخرج البرنامج وفي الاخ محمد ساور مهندس الصوت وفي كل الناس من حولنا والقريبين والبعيدين، البعيدين منا والقريبين عنا تؤثر فيهم فبمقدار تأثيرها يا سيدي الكريم تكون صورة ادبية رائعة وبمقدار بعدها عن التأثير او ضئالة تأثيرها لا تكون ادبية.
المحاور: نعم، طبعاً الاخ المخرج هو يومأ ويدندن في اذني عادة ويقول شجاركم دعوه او عراكم دعوه الى آخر البرنامج.
الجزائري: رفع الله عنهم ذلك جميعاً.
المحاور: انا اخذت عهداً من الاستاذ الجزائري ان شاء الله اطال الله عمره ان تكون لنا في البرنامج القادم سوف نتحدث عن الصورة الادبية في القرآن الكريم وما اجمل هذه الصور المتكاملة في القرآن الكريم.
الجزائري: وهو الطارف والتليد.
المحاور: طبعاً وهو الطارف والتليد وهو القديم والحديث وهو القرآن والحديث النبوي وهو كل شيء وهو الاول والاخر وهناك جمالية شعرية حتى في الدعاء المرتبط في الله سبحانه وتعالى فترى كميل بن زياد يقول ما يقول ولا يسعك الى ان تردده دائماً ويبقى خالداً الى الابد، على كل حال مستمعينا الكرام لا يسعني سوى ان اشكركم الشكر الجزيل على سعة الصدر واشكر ايضاً جميع الذين شاركونا في هذا البرنامج وايضاً اشكر استاذي العزيز الاستاذ بشير الجزائري وقد اطلنا عليكم على الاقل انا بل استفدنا من الاستاذ شكراً لكم في امان الله.
*******