وسرد عطوان في مقال نشره على صحيفة "رأي اليوم" اربعة اسباب للهجوم، وجاء في نص المقال:
استغرب الكثيرون، ونحنُ لسنا من بينهم، الهُجوم الذي شنّته حركة “أنصار الله” صباح الأربعاء على مطار أبها، أحد أهم مطارات المملكة العربيّة السعوديّة في الجنوب، بأربع طائرات مُسيّرة نجحت في إصابة أهدافها بدقّةٍ مُتناهيةٍ حسب المُتحدّث العسكري باسم الحركة العميد يحيى سريع.
مصدر الاستِغراب، تَزامُن هذا الهُجوم مع تصريحات للرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن في أوّلِ خِطابٍ له حول سياسة إدارته الخارجيّة، يُعلن فيه وقف جميع مبيعات الأسلحة للسعوديّة كمُقدّمة لإنهاء الحرب التي وصفها بأنّها كارثة إنسانيّة استراتيجيّة، وأبلغت إدارته الكونغرس بنيّتها شطب حركة “أنصار الله” من قائمة الإرهاب.
مصدر يمني عالي المُستوى أبلغ “رأي اليوم” أنّ هذا الهُجوم الذي استهدف مطار أبها صباح الاربعاء جاء لعدّة أسباب:
أوّلًا: الرّد على غارات طائرات التّحالف السّعودي على قوّات حُكومة صنعاء التي تشن حاليًّا هُجومًا شَرِسًا للسّيطرة على مدينة مأرب، المعقل الأخير لحُكومة هادي ويتواجد فيها حُقول النّفط اليمنيّة الرئيسيّة.
ثانيًا: مطار أبها مُقسّم إلى قسمين، قسم مدني، والثّاني حربي تنطلق منه الطّائرات الحربيّة لقصف اليمن، لأنّه الأضخم والأقرب إلى الحُدود اليمنيّة (120 كيلومترًا) والطّائرات المُسيّرة استهدفت الرّكن الحربيّ منه ودمّرت عدّة طائرات حربيّة.
ثالثًا: وجود قناعة راسخة لدى قِيادة انصارالله أنّ طائرات “إف 16” الأمريكيّة التي تَقصِف اليمن بصفةٍ شِبه يوميّة، لا يُمكن أن تقوم بهذه المَهمّة دُون مُساعدة من الحُكومة الأمريكيّة، وضوء أخضر من قبلها، واستمرار الغارات السعوديّة يتم بمُوافقةٍ أمريكيّة، وكُلّ الحديث عن وقف الحرب مُجرّد كلام فقط، للاستِهلاك الدّبلوماسي.
رابعًا: تكثيف إرسال الطّائرات المُسيّرة الملغومة في الأيّام الأخيرة هو وسيلة ضغط لرفع الحِصار، وإعادة فتح المطارات اليمنيّة ومطار صنعاء على وجه الخُصوص، ووقف احتِجاز سُفن وقود وبضائع أُخرى في ميناء الحديدة.
الدكتور هشام شرف وزير الخارجيّة في حُكومة صنعاء لخّص الموقف في رسالةٍ وجّهها إلى السّعوديين والأمريكيين، يقول مضمونها: عندما تتوقّف ضرباتكم على أرضنا ستتوقّف صواريخنا وطائِراتنا المُسيّرة التي تَضرُبكُم في العُمق.
اللّافت أنّ هذا التّصعيد، من قِبَل “أنصار الله” خاصّةً يتزامن مع زيارة المبعوث الدولي مارتن غريفيث لطِهران، للمرّة الأولى مُنذ سنوات، وقيام المبعوث الأمريكي الجديد لليمن تيموثي ليندركينغ بزيارة العاصمة السعوديّة الرياض في إطار الجُهود لصياغة مسودّة اتّفاق لوقف الحرب في اليمن، ولكنّ أيّ منهما لم يَلتقِ بمسؤولٍ في حُكومة صنعاء في إطار هذه الجُهود، ولعلّ الهُجوم على مطار أبها هو تَذكيرٌ بأنّ لا حلّ دُون التّشاور معها.
استِهداف مطار أبها، وإحراق أحد طائراته، تَطوّرٌ خطيرٌ في الحرب، بعد هجمات مُماثلة، وأكثر خُطورةً على مُنشآت شركة أرامكو في جدّة وبقيق وخريص، وضرب ناقلة نفطيّة في ميناء جدّة بزوارقٍ ملغومةٍ ورسالة تُؤكّد مُجدَّدًا أنّ أيّ سلام لا يُمكِن أن يتم إلا عبر بوّابة صنعاء.
السّيطرة على مأرب المدينة التاريخيّة هي التي ستَحسِم الفصل الأوّل والأهم من الحرب اليمنيّة بالنّظر إلى الحُشودات الضّخمة من طرفيّ الصّراع على الأرض، والثّروة النفطيّة هي العُنوان الأهم، والغنيمة الكُبرى، ويبدو أنّ معركتها ستكون الأضخم والأكثر حسمًا مُنذ بداية هذه الحرب قبل ستّ سنوات.. واللُه أعلم.