ففي ظُلمات تلك المعتقلات اللانسانية تمارس قوات تحالف العدوان ومرتزقتهم مختلف أنواع التعذيب، وكما صرَّح الأسرى المحررون في الصفقة الأخيرة أن ما عرفه الناس من اجرام في سجن أبو غريب بالعراق، مورس بحقهم.
وبحسب التقارير فإن قوات تحالف العدوان ومرتزقته مارسوا شتى أنواع الانتهاكات بحق أسرى الجيش والمدنيين على السواء، بدءً من التعذيب النفسي إلى الجسدي، وسوء التغذية والرعاية الصحية، وسلب أموالهم والعبث بمقتنياتهم، وطريقة احتجازهم وأماكن الاحتجاز، ناهيك عن التعذيب حتى القتل، ودفنهم أحياء، والتمثيل بالجثث، وبيعهم للقوات الإمارتية و السعودية، وقوائم من الانتهاكات الوحشية تكاد لا تنتهي، بل ابتكروا وسائل وأساليب جديدة لاشباع دمويتهم ووحشيتهم.
مثال لذلك الاجرام ما حدث مع الشهيد الأسير نجيب محمد حسن الجنيد البالغ من العمر 35 عاماً والذي تم اختطافه من قبل جماعات "داعش" والقاعدة بمحافظة تعز، وقاموا بصب كل أنواع التعذيب من ضربٍ وحرقٍ، وأبشعُ من ذلك أن عمدوا إلى قلع عينه اليمنى وكسر أنفه وتعذيبه حتى الموت، وهذا ما كشفه تقرير الطبيب الشرعي الذي قام بمعاينة وتشريح جثة الشهيد بعد استلامها في عملية تبادل للأسرى بواسطة اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى وبالتعاون مع لجنة الصليب الأحمر الدولي.
الأستاذ أحمد أبو حمراء عضو اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في تصريحٍ خاصٍ لـ "العهد" يقول : "هناك العديد من الانتهاكات التي يتعرض لها أسرانا بما فيها القتل والذبح والسحل، والتمثيل بالجثامين، والقتل تحت التعذيب، وغيرها من الانتهاكات والتعذيب بشتى وأبشع الوسائل".
ويمعن مجرمو العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته في تشويه الأسرى والتمثيل بهم، كقيامهم بسحل جثث الأسرى في الطرقات بعد ربطهم خلف السيارات، وتعليقهم بعد قتلهم في الجسور والتمثيل بهم، وقطع أنف الأسير وأذنيه وسمل عينيه من وجهه بعد قتله .
كذلك يقومون بتقطيع جسم الأسير إلى أجزاء صغيرة، كما حدث في الرابع من آب/أغسطس عام 2018 حينما نشر مرتزقة العدوان فيديو يوثق اعدام ثلاثة أسرى رمياً بالرصاص، ومن ثم قاموا بتقطيع أجسادهم إلى قطعٍ صغيرة والتمثيل بها، كل هذا الاجرام بعد أن تم ربطهم وعصب أعينهم وتكبيل أيديهم إلى الخلف ونقلهم على متن سيارة اسعاف إلى صحراء الساحل الغربي لقتلهم والتمثيل بجثثهم و تقطيعها.
واشتهرت قوات العدوان ومرتزقته أيضًا بفصل رأس الأسير عن جسده وتعليقه، وغير ذلك من صنوف التمثيل المقيتة والوحشية.
ويَعتقلُ مرتزقة العدوان كلَّ من يلاقونه في طريقهم طفلاً كان أم امرأة، مريضًا أم مسافرًا، ممن يمكن أن يسجلون به رقمًا إضافيًا في قوائمهم، ويوضح أبو حمراء لـ"لعهد": " أن الفئات التي يأسرها ويعتقلها ويختطفها مرتزقة العدوان تشمل الجميع بما فيهم النساء وسميرة مارش خير شاهد، ويعتقل المسافرين، والمرضى، والطلاب المبتعثين إلى الخارج لإكمال دراستهم، وكذلك حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين، إضافة إلى التجار والمغتربين، كما يقومون باعتقال واختطاف الأطفال".
ويجيب عضو اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عند سؤاله عن عدد الأسرى من الجيش اليمني لدى العدوان: " ملف الأسرى هو جريمة حرب من جرائم العدوان، وطالما والحرب مستمرة فإن لدى دول العدوان ومرتزقته الآلاف من الأسرى من أبناء الجيش واللجان الشعبية، وغيرهم من المدنيين".
كيف تتعامل قوات تحالف العدوان ومرتزقتهم مع أسراهم
في الوقت الذي تولي فيه القيادة اليمنية ممثلة بالسيد القائد السيد عبدالملك الحوثي وحكومة الانقاذ الوطني اهتمامًا بالغًا بملف الأسرى، وتضعه في أولى الأولويات، وحين الافراج عن بعضهم نراهم يُستقبلون رسميًا وشعبيًا استقبالَ الأبطال، واستقبالَ فخرٍ واعتزازٍ كما حدث في صفقة التبادل الأخيرة، نجد تحالف العدوان ومرتزقته يتعاملون بطريقةٍ مغايرةٍ تمامًا مع أسراهم حيث يؤكد أبو حمراء لـ"العهد": " العدوان لم يولى أسراه أي اهتمام، وخاصةً المرتزقة اليمنيين، بل أن طيرانه يقتلهم في أرض المعركة بعد أن يأسرهم أبطال الجيش واللجان الشعبية، وكذلك يستهدفهم ويقتلهم في السجون كما حدث عندما استهدفت غارات التحالف سجن كلية الشرطة و قُتل العشرات من أسراهم وجُرح المئات، وكذلك استهداف سجن الأسرى في كلية المجتمع بمحافظة ذمار وقتل المئات منهم وغيرها".
ويضيف أبو حمراء: "ومما يدلل على عدم اهتمام العدوان بأسراه أنه لم يكن لديه قوائم وكشوفات بأسماء أسراهم، وإنما عملوا اعلانات في صفحات التواصل الاجتماعي لمن لديه أسير أن يسجل اسمه ويرسله إليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
الجدير بالذكر أن ممن تم أسرهم من مرتزقة العدوان لدى الجيش اليمني كانوا أطفالاً، وفي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الإدانة الأممية وهي تدعي تجنيد الجيش اليمني للصغار، لا نسمع حتى همسًا تجاه من يجندهم العدوان من الأطفال، يُفيد عضو اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى لـ"العهد": "الأطفال المأسورين لدينا ممن جندهم العدوان بالعشرات، وقد تم الافراج عن أكثر من 100 طفل، وأعمارهم أقل من 15 سنة".
الأمم المتحدة تلتزم الصمت
لقد جرت العادة أن تعبر منظمة الأمم المتحدة عن قلقها الدائم من الوضع في اليمن، وأمام قضايا متعددة وجرائم مروعة كانت تكتفي بتعبيرها عن قلقها فحسب، إلا أن ملف الأسرى ومظلوميتهم الكبرى لم تنل حتى نصيبًا يسيرًا من قلقها.
فقد لزمت الصمت رغم ما تم توثيقه من جرائم بحق أسرى الجيش واللجان الشعبية، ويؤكد عضو اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى:" لا يوجد أي تحركٍ ملموسٍ من قبل الأمم المتحدة تجاه ما يتعرض له أسرانا من انتهاكات وجرائم، ولا يوجد حتى تنديدًا أو قلقًا من قبل الأمم المتحدة، والتزامها الصمت وسكوتها عن هذه الجرائم هو ماشجع العدوان ومرتزقته بتكرار واستمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى".
من بين آلام الأسرى الجمة هناك ثمةَ صمودٌ اسطوري يسطرونه خلف قضبان أسرهم، ويسطرونه شهادةً إثر ما يلاقوه من تعذيب، ويسطرونه شوقًا لميادين القتال، كما كان لسان حالهم في حفل استقبال المحررين منهم بتشرين الاول/ أكتوبر المنصرم.