لذلك نقرأ في تاريخ الامام الباقر ان والده الامام السجاد عليه السلام التفت الى ولده وهو في مرض الموت وهم يجتمعون عنده, ثم التفت الى محمد بن علي ابنه فقال: يا محمد هذا الصندوق فاذهب به الى بيتك ثم قال..
اما انه لم يكن فيه دينار ولا درهم ولكنه كان مملوءاً علماً. وعلم الامام الباقر عليه السلام كسائر ائمه الهدى انبعث من مصدر الهي, فلم يكن غريبا, ما اظهر الله على لسانه من معارف الدين حتى قال الشيخ المفيد قدس سره: لم يظهر عن احد من ولد الحسن والحسين عليهما السلام من علم الدين والآثار وعلم القرآن وسيرة وفنون الاداب ما ظهر عنه. كان شائعا في ذلك العصر ان الائمة مؤيدون من عند الله يلقي عليهم علما بالالهام.
ولذلك نرى من العلماء من يقصدونه من كل افق بحثا عن علمه الالهي حتى روي عن عبد الله بن عطاء انه قال: ما رأيت العلماء عند احد قط اصغر عنهم عند ابي جعفر في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه.
وقد روي عنه محمد بن سلم ذلك الفقيه المتبحر ثلاثين الف حديث, اما بوابة جابر الجعفي فقد قال: حدثني ابو جعفر سبعين الف حديث لم احدث احدا ابداً. ولأن الظروف السياسية كانت تتسم ببعض الانفراج فلقد تسني الامام ان يحاجج الكثير من المخالفين له ويعيدهم الى جادة الصواب, والتاريخ يسجل لنا بعض تلك الاحتجاجات. وقد بث الامام من علمه بين الناس حتى سمي باقرا.
فقد جاء في لسان العرب لقب به(اي الباقر) لانه بقر العلم وعرف اهله. وقد افاض الامام على المسلمين من علمه عبر تربيته لطائفة عظيمة من الفقهاء والمفسرين وحكماء المعارف الإلهية, من امثال جابر بن يزيد الجعفي, ومحمد بن مسلم وابان بن تغلب ومحمد بن اسماعيل بن بزيع وابو بصير الاسدي الفضيل بن يسار وآخرين. كما انه نشر العلم عبر من روي عنه من علماء عصره من امثال: المبارك والزهري والاوزاعي, وابي حنيفة ومالك والشافعي وزياد بن منذر الهندي والبلاذري والسلامي والخطيب وغيرهم.