اكثر سياسات الحظر الامريكي هستيرية هي تلك التي مارسها الثنائي ترامب وبومبيو ضد ايران، والتي لم تستثن اي مسؤول ايراني مهما كان كبيرا او صغيرا، عسكريا او سياسيا، ولم تسلم اي شركة ايرانية من هذه السياسة، حتى قال احد الظرفاء انه لو كان بامكان ترامب ان يحظر الهواء عن الايرانيين لفعل، بعد ان حظر عنهم الدواء والغذاء، وهم سيواجهون وباء كورونا.
وصل الامر بوزير الخزانة الامريكي ستيفن منوتشين عندما لم يجد ما يفرض الحظر عليه في ايران ، فرض الحظر على وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف!!، في الوقت الذي يدعو المسؤولين الايرانيين الى التفاوض مع رئيسه ترامب، ولا ندري كيف سيتفاوض الايرانيون مع رئيسه عندما يفرض عقوبات على رئيس الدبلوماسية الايرانية المسؤول على التفاوض مع امريكا!!.
منوتشين هذا اخذ يطارد حتى العاملين في ناقلات النفط العالمية، حيث فرض عقوبات على بحارة وقباطنة تلك الناقلات، لانهم تعاملوا مع شركات او اشخاص لهم علاقة بايران، فاعلن الحرب على جميع دول العالم وهددها بفرض حظر وعقوبات عليها اذا ما تعاملت مع ايران!!.
نفس هذه السياسة ولكن بحدة اقل، تعاملت امريكا مع فنزويلا وكوريا الشمالية والصين وروسيا وسوريا واليمن، كما لم تسلم منظمات دولية واحزاب ووزراء وشخصيات سياسة في العديد من دول العالم من العقوبات الامريكية كحزب الله وحماس والجهاد الاسلامي وانصارالله والحشد الشعبي ومنظمة الصحة العالمية واليونسكو والانروا والمحكمة الجنائية الدولية، حتى باتت “العقوبات والحظر” العنوان الابرز لادارة ترامب.
ونحن نكتب هذا المقال تناقلت وكالات الانباء خبر ان منوتشين فرض عقوبات على وزير المالية اللبناني السابق النائب علي حسن خليل ووزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس لتعاملهما مع حزب الله، بينما العالم اجمع يعلم ان تعامل الوزيرين مع حزب لبناني كبير له يمثل شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني في البرلمان والحكومة، امر طبيعي ومنطقي، الا ان امريكا ترى في حزب الله عدوا للكيان الاسرائيلي وهذا العداء هو بالضرورة عداء لامريكا، وعندما يكون الامر كذلك فعلي جميع العالم ان يعادي حزب الله!!، حتى لو كانوا لبنانيين!!.
انطلاقا من هذا المنطق البلطجي، تعاملت امريكا مع المحكمة الجنائية الدولية، حيث اعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو قبل ايام إدراج كلٍّ من المدعية العامة لـلمحكمة فاتو بنسودا، ومدير إدارة الاختصاص والتكامل والتعاون في المحكمة، فاكيسو موشوشوكو، على لائحة العقوبات الأميركية، وسيُصار إلى تجميد أصولهما في الولايات المتحدة إن وُجدت، وسيُمنعان من دخول النظام المالي الأمريكي، والسبب هو تحقيق المحكمة في احتمال ضلوع جنود أمريكيين في ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية في أفغانستان.
بومبيو اعتبر كل الجرائم التي ارتكبها الجيش الامريكي في العالم هو شأن داخلي امريكي!!، ولا يحق بالتالي لاي جهة من محاكمة الجنود الامريكيين، حتى لو كانت المحكمة الجنائية الدولية التي اسست عام 2002 من قبل المجتمع الدولي لمنع اي جهة متورطة في جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية من الافلات من العقاب.
اللافت ان دارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب تستخدم نظام العقوبات وفرض الحظر لا من اجل الضغط على الطرف المستهدف بالعقوبات من اجل دفعه الى الجلوس الى طاولة المفاوضات للوصول الى حلول وسط للازمات السياسية، بل من اجل دفع ذلك الطرف للاستسلام للارادة الامريكية، بل وحتى من اجل اسقاط انظمة، الامر الذي جعل العالم يتمرد على امريكا، وهو ما ظهر جليا في مجلس الامن الدولي على خلفية اصرار امريكا على تفعيل الية اعادة العقوبات الاممية على ايران، بذريعة عدم موافقة المجلس على تمديد الحظر التسليحي على ايران والذي سنتهي مفعوله في شهر تشرين الاول اكتوبر القادم، وفقا للاتفاق النووي، حيث رفض جميع اعضاء مجلس الامن وبينهم فرنسا وبريطانيا والمانيا القرار الامريكي ، باستثناء دولة الدومنيكان، فتُركت امريكا وحيدة ومعزولة حتى من قبل حلفائها التقليديين، في اول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، هو موقف كان اشبه بالصفعة التي انهالت على وجه امريكا التي ادمنت على العقوبات.
الكاتب : فيروز بغدادي