جاء هذا على لسان الرئيس الأمريكي في حوار مع "فوكس نيوز"، معربا خلاله عن معارضته الشديدة لتغيير أسماء القواعد العسكرية التي تمت تسميتها على شرف القيادات في قوات الجنوب (الاتحاد الكونفدرالي) إبان الحرب الأهلية، بما فيها قاعدتا "فورت براغ" في كاليفورنيا و"فورت لي" في فيرجينيا، اللتين تحملان هذه الأسماء منذ عقود طويلة، مضيفا أنه لا يهتم بموقف العسكريين بهذا الشأن لأن القرار النهائي يعود إليه.
وشدد ترامب على أنه لا يعرف أحد اليوم من هو الجنرال براكستون براغ، أحد أبرز قيادات القوات الأمريكية إبان الحرب الأهلية، مضيفا: "انتصرنا في الحربين العالميتين الجميلتين".
وأكد ترامب استعداده لاستخدام حق الفيتو الرئاسي ضد مشروع الميزانية الدفاعية للعام المالي القادم إذا تضمنت هذه الوثيقة بنودا تتعلق بتغيير أسماء تلك القواعد.
وسبق أن قدمت السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وارن تعديلا خاصا بتغيير أسماء تلك القواعد وجاءت هذه المبادرة على خلفية موجة الاحتجاجات الكبرى التي هزت الولايات المتحدة بعد مقتل الشاب الأسود المظلوم جورج فلويد على يد شرطي أبيض عمداً وخنقاً خلال توقيفه في مدينة مينيابوليس في 25 أبريل الماضي.
تذكرت الحكمة المعروفة لأمير المؤمنين علي عليه السلام في نهج البلاغة رقم ٣٨٩ "المرء مخبوء تحت طي لسانه"، حيث إن لسان ترامب قد فضح مكنونات قلبه ونمط تفكيره واستخفافه بدماء البشر.
ولعل الجيل الحالي لا يعلم كم بلغت ضحايا الحربين الطاحنتين العالميتين وما هي المآسي المروعة التي خلفتاهما. فقد بلغ عدد ضحايا الحرب العالمية الأولى 8.538.315 شخص قتلوا، وأكثر من 21.000.000 شخص جرحوا، وأكثر من 7.000.000 شخصٍ بين أسيرٍ ومفقودٍ.
أما عدد قتلى الحرب العالمية الثانية فبلغ 61.820.315 مليون قتيل بينهم ما يقارب 18 مليوناً من العسكريين والآخرين من المدنيين، وهو ما يقارب 2.5% من تعداد السكان في العالم في ذلك الزمان، ولم تكن نتائج الحرب تقتصر على هؤلاء القتلى، إذ إنّ الجرحى والمتضررين من الأسلحة الكيميائية والذرية كانوا أكثر بكثير، وما تزال هيروشيما وناجازاكي شاهدتين على الفضاعة البشرية التي حدثت في ذلك الزمان، حيث ما تزال آثار القنبلتين الذريتين موجودتين حتى الآن في تلك المناطق.
لقد كانت الحرب العالمية الثانية مدمرةً بشكلٍ جنونيٍّ بسبب طبيعة الأسلحة المخربة الجديدة وأسلوب الحرب الذي اعتمدته ألمانيا، إذ اعتمدت على استهداف المدن في قصفها لإلحاق أكبر عدد من الخسائر البشرية والمادية عند أعدائها مما اضطر الدول الأخرى على الرد بنفس الخطة والأسلوب.
فضلاً عن ذلك؛ ففي نهاية الحرب، حصد وباء إنفلونزا عالمي أطلق عليه اسم "الإنفلونزا الإسبانية" عشرات الملايين من الضحايا في أوروبا.
وفي البلدان الاسلامية كأقطار الوطن العربي وإيران وتركيا، فقد حصدت الحربان العالميتان ملايين الضحايا الأبرياء والجرحى والاسرى ومات المسلمون جوعا بسبب جنون العظمة لدى أطراف الحضارة المتوحشة غربيها وشرقيها.
ثم يأتي صاحب الذوق الرفيع! والحس المرهف! والقلب الرؤوف! ترامب الممقوت البشع الكريه ليعبّر عن ارتياحه وإعجابه بتلك المجازر الوحشية للحضارة الغربية فيقول "إن الحربين العالميتين جميلتان"!".
قال تعالى {سنكتب ما قالوا}آل عمران: 181. وقال عز وجل {ولعنوا بما قالوا... كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين } المائدة: 64.
د رعد هادي جبارة
باحث ومستشار ثقافي