مستمعينا الأفاضل، كتبت هذه الأخت الجزائرية قصتها تحت عنوان (واحسيناه) ونشرتها بتاريخ (۲٦/٤/۲۰۰٦) ميلادية، على موقع (ملتقى البحرين) من المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت، قالت فيها:
(بسم الله الرحمن الرحيم... الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأشهد أن أمير المؤمنين علي ولي الله... عشت ما يقارب ۲۰ سنة على المذهب المالكي الشائع بوطني الجزائر وذلك تقليداًَ كأغلب الناس دون امتلاك أي معارف إسلامية غير التي تعلمتها بالمدرسة في الساعة الوحيدة بالأسبوع المخصصة لدرس التربية الإسلامية، وعلى ذكر هذه الحصة تذكرت أنه في يوم من الأيام سألنا أستاذ المادة: لماذا نترضى على كل الصحابة إلا علي، حيث نقول عنه كرم الله وجهه، بدل رضي الله عنه؟ فأجاب وهو مطأطئ الرأس: إستمعوا للجواب جيداً لأنني لم أكرره مرة أخرى لأنه فيه شيء من الحرج؛ إننا نقول ذلك لأنه كرم الله وجهه لم يسجد لصنم قط؛ فسكتنا جميعاً ولم نذكر علياً سلام الله عليه بعدها طوال السنة الدراسية).
أيها الإخوة والأخوات، مقدمة قصة هذه الأخت الجزائرية تشير إلى حالة التغييب المتعمد لما يرتبط بأهل البيت – عليهم السلام – عن المسلمين لإبعادهم عن نهجهم المحمدي، ولكن لله الحجة البالغة والمشيئة النافذة التي توصل طلاب هداهم إلى مناهم مهما كانت ضخامة الحجب والأستار.. تتابع أختنا الجزائرية قصتها، فتكتب قائلة:
(شاءت الأقدار أن أهاجر إلى فرنسا للإلتحاق بزوجي المقيم هناك، فهاجرت وقلبي غير مطاوع، ثمة مخاوف تسايرني لفكرة العيش ببلاد الكفر، ولكن شاء الله وأراد وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وجدت عند زوجي المالكي المذهب آنذاك العديد من كتب الشيعة قد انتقاها لإعجابه الشديد بالعلوم والأدعية التي لا نجدها عند أهل السنة والجماعة، ولكن لتعصبي الأعمى لم أكن أفتحها لمعرفة ما فيها من العلوم وذلك نتيجة غسيل المخ الذي عمل لنا بأوطاننا عن الشيعة أنهم، وحاشاهم ذلك، كفار وأنهم نصبوا علياً مقام لا يليق به وتعلقوا به حتى العبادة وأنهم، وأنهم إلى آخر ما سمعناه..)
إذن، مستمعينا الأفاضل، فإن هذه الأخت الجزائرية لم يقتصر حالها على الجهل بمنزلة أهل البيت – عليهم السلام -، بل امتد إلى اتخاذ موقف سلبي من مذهبهم وشيعتهم والإعتقاد بكفرهم، وهذا مما يجعل أمر اهتدائها في غاية الصعوبة، لكن نور عاشوراء أقوى من تلكم الصعاب، وهذا ما يتضح من تتمة حكاية هذه الأخت، حيث كتبت تقول:
(وشاءت الأقدار ثانية أن نحضر أنا وزوجي في يوم من الأيام، أحد مجالس الحسينية صدفة وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء، وتعجبت يومها لما شاهدت من حشد كلهم بلباس أسود يبكون الحسين سلام الله عليه وفجيعته ودهشت لما سمعت عنه سلام الله عليه لأن معلوماتي كانت جد محدودة وخاطئة عنه روحي لتراب نعليه فداء، ارتبكت في بادئ الأمر ثم ارتجفت لمصيبته وأصبت بالخجل الشديد لأنني لم أكن أعرفه، فأجهشت بالبكاء دون توقف لم أعد أحتمل هذه الطامة التي نزلت بي وأنا أتساءل لماذا لم ندرس عنه حتى بالمدرسة؟ لماذا أخبرونا عن هذا وذاك ولم يخبرونا عن الحسين – عليه السلام -؟ .. بدت لي أمواج من الأسئلة تلاطمني من هنا وهناك فأصبحت كالغريقة التي تبحث عن قشة لتتعلق بها...)
أيها الأطائب، لقد شملت رحمة الله ولطفه هذه الأخت الكريمة، إذ يسر تبارك وتعالى تعرفها على الملحمة الحسينية لكي تهز كيانها وتهديها إلى مراجعة قناعاتها واكتشاف التزوير والتعتيم على العقائد الحقة، وهكذا بدأت بالدمعة على الحسين – عليه السلام – رحلة البحث عن الحقيقة، تقول أختنا الجزائرية:
(رجعت إلى بيتي حزينة كئيبة محطمة لما لم أكن أعرفه عن الحسين سلام الله عليه.. كنت أحس وكأننا خدعنا، نعم هذه هي الكلمة بأتم معانيها وأنا أبحث في كتب السنة عن الحسين وأصحابه إذ أنهم ذكروا فاجعته ولكن بكل بساطة وبرودة، والمصيبة في ذلك أن قاتله ابن صحابي جليل عندهم، حيث أنه - أعني معاوية – أخطأ فله أجر وعلي (عليه السلام) أصاب فله أجران حسب تحليلهم، واطلعت على كتب الشيخين فوجدتهما يقران بولاية علي سلام الله عليه في العديد من الأحاديث وبحثت في تاريخ الصحابة فصدمت لما فيه من حقائق، حيث أن في الصحابة من لم يمتثلوا للرسول صلى الله عليه وآله في العديد من المناسبات وخالفوه حياً وميتاً، وارتدوا من بعده على أدبارهم القهقري وتنافسوا على الدنيا حتى سلوا سيوفهم واقتتلوا فيما بينهم وارتكبوا جريمتهم الشنعاء ضد فاطمة سلام الله عليها وتسببوا في مرضها وموتها غاضبة على من اعتدى عليه فحرمنا ليومنا هذا معرفة قبرها، روحي لتراب نعليها فداء..
كما قتلوا سبط رسول الله وعترته الطاهرة في كل زمان ومكان وتساءلت: أين كان هؤلاء الصحابة العدول عندما كان يلعن ولي الله علي أميرالمؤمنين على المنابر لأكثر من ستين سنة دون أن يحركوا ساكناً حتى تأتي خلافة ابن العزيز لقطع تلك العادة اللعينة مثل أصحابها الذين حاولوا اغتياله على ذلك... ولو ذكرنا سيرتهم مع أهل البيت الذين أوصاهم رسولهم عنهم صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين لكتبنا مجلدات).
مستمعينا الأكارم، بالحسين – عليه السلام – يسر الله تبارك وتعالى أمر هداية هذه الأخت الكريمة فعرفت الحقيقة.. ثم أعانها جل جلاله، على العمل بالمقتضيات العملية للدين الحق ونقض ركام القناعات الموروثة وذلك بحديث نبوي هداها إليه؛ تقول أختنا الجزائرية عن ذلك:
(أيقنت بعد كل هذا أننا ضحية التاريخ المزور وضحية علماء القصور، حيث تجدهم يعتمون الأخبار ويحاولون قدر الإمكان طمس الحقيقة، تجدهم تارة يبترون الأحاديث وأخرى يشككون في راوي الحديث ويضعفون سنده وتجدهم يضعون الحديث في طبقة ثم يحذفونه أو يبترونه في طبقة أخرى.. الخ من الغلطات التي لا يتقبلها بسطاء العقول، لكن رغم كل هذه الحقائق التي وجدتها كنت لا أزال خائفة ومرتبكة لفكرة تغير مذهبي،، الأمر ليس بالهين كما يتصوره البعض ولكن الحق حق ويجب إتباعه والباطل باطل ويجب اجتنابه ومن حسن حظي وجدت حديثاً قاطعاً جازماً عند السنة لم يترك لي أي اختيار بل قطع علي كل حجة ومسح من قلبي كل الشكوك والمخاوف والضنون ولله الحمد، والحديث هو[ من سره أن يحيا ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال علياً من بعدي وليوال وليه وليقتدي بأهل بيتي من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي] الله أكبر..
حديث سني وموجود بمستدرك الحاكم والطبراني في الجامع الكبير وكنز العمال وكتب أخرى سنية، هذا ما كنت أبحث عنه فعلاً ووجدته ولله الحمد، لم يعد لدي إذاً أي حجة بعد هذا فإنني إذا لم أوال علياً وأقتدي بأهل البيت عترة الرسول، فأنا محرومة من شفاعة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكما منّ الله عليّ من فضله برؤيا طيبة عطرة أدخلت على قلبي الطمأنينة والسرور وزادتني ايماناً على ايمان بأنني اخترت الحق ولله الحمد).
وما أعظم رحمة الله ولطيف صنعه بطلاب الحقيقة من عباده إذ ييسّر هدايتهم إلى دينه الذي ارتضاه لعباده بكل الوسائل ومنها الرؤيا الصادقة التي هي من وسائل الله في تثبيت قلوب المؤمنين على الإيمان وتحصينهم من وساوس الشيطان.. تختم هذه الأخت الجزائرية قصتها قائلة:
لم يعد عندي أي مصدر للشك بأن الشيعة مع علي وعلي مع الحق والحق مع علي... لقد وجدت القشة التي كنت أبحث عنها فتعلقت بها وأوصلتني إلى سفينة النجاة فركبتها مع زوجي برحمة من الله وبركة من أهل البيت سلام الله عليهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون أحياء ولله درّ من قال: كثر الشك والإختلاف وكل يدعي أنه الصراط السوي، فتمسكت بلا إله إلا الله وحبي لأحمد وعلي وفاز كلب بحب أصحاب الكهف، كيف أشقى بحب آل النبي والحمد لله رب العالمين على نعمة الإستبصار والصلاة على سيد المرسلين وعلى آله الطاهرين المنتجبين المظلومين والسلام عليك يا أبا عبد الله الحسين يا من كنت وما زلت نعمة المستبصرين ما دام الليل والنهار).
وبهذا مستمعينا الأفاضل، ننهي من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران حلقة اليوم من برنامج (بالحسين اهتديت) تقبل الله منكم جميل المتابعة ودمتم في رعاية سالمين.