تلك البقعة الطاهرة التي انطلق منها النداء الحسيني الخالد لإحياء شريعة الرسول الاكرم محمد المصطفى ـ صلى الله عليه وآله وسلم..!
مما لاشك فيه بان المدينة المنورة منطلق الاسلام والنعمة الكبرى على الانسانية جمعاء وكربلاء المقدسة هي المحيي والمجدد لشريعة التوحيد المحمدية وهذا بحد ذاته يمثل مصداقا لحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ المشهور والذي تناقلته كتب الفريقين(( حسين مني وانا من حسين..! ))
مما يؤكد ان هناك ارتباطا وثيقا بين مدينة الرسول وكربلاء الحسين من الناحية العقدية والانسانية!
إلتقاء الجموع الكبيرة في كربلاء المقدسة وعند مرقد سبط الرسول الاكرم وأخيه ابي الفضل العباس ـ عليهما السَّلام ـ يمثل النهضة الواعية للامة ولصوت الحق الهادر بنصرة المظلوم ومقارعة الظالم..!
لقد أكد أئئمتنا الكرام ـ عليهم السَّلام ـ بضرورة إحياء زيارة الاربعين لما لها من آثار معنوية وتربوية وثواب وأجر كبير وانها المكملة لإيمان المؤمن وعلاماته البارزة ومظهر من مظاهر الولاء والوحدة والانسجام ورسالة تحدي لجميع الطغاة والظلمة تتجدد من خلالها الوقفات البطولية الرائدة لأنصار الحق والفضيلة..!
كل عام يفوق الاعوام التي سبقته من حيث عدد الزوار الوافدين الى كربلاء لاسيما من ايران ومحافظات العراق والدول المجاورة حيث من المحتمل أن يبلغ العدد لهذا العام عشرين مليون زائر! وهو عدد لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري ناهيك عن الخدمات المجانية التي تقدم من قبل العراقيين على شكل مواكب ومجاميع ممتدة على طويل الطرق المؤدية الى المدينة المقدسة بل حتى البيوت تفتح ابوابها لإستقبال وايواء واطعام الزوار !!
النقطة اللافتة أنك تشعر عند مسيرك بنوع من السكينة والطمأنينة تتفاعل معك أيما تفاعل وتخلق في عمق ذاتك حبا وعشقا لم تعهده من قبل وهذا بحد ذاته يمثل معجزة وكرامة صاحب الذكرى ألا وهو السبط الشهيد !
لقد سلطت بعض وسائل الاعلام الاجنبية الضوء على مسيرة الاربعين واعتبرتها أكبر مسيرة في تاريخ البشرية متساءلة لماذا لم تكن محط انظار العالم الاسلامي ومحطاته الاعلامية!؟
مضيفة أن هذه الاعداد البشرية الهائلة والتي تضم جميع الفئات العمرية والاصناف والمهن الفنية والعملانية تتطلب من الجميع دراسة دوافعها واسبابها وعفويتها..!
ولعمري لو علموا بأن الحسين قد بنى الله تعالى له عرشا في قلب كل مؤمن ومؤمنة لايمكن أن تناله أيدي الطغاة والظلمة ولا يمكن للانسان ان يهتدي الى ظل عرشه إلا بمعرفته والسير على خطاه واحياء ذكراه..!
كرامة الأئمة عند الله كبيرة وعظيمة جدا لأنهم منهل العطاء للبشرية كلها وهم قادة العباد وسادتها وساستها العدول الذين لم تغرهم الدنيا وقد فتحت منافذها اليهم لكنهم رفضوها وطلقوها !
وعندما نسلط الضوء على حركة الامام الحسين ـ عليه السَّلام ـ نجد انها قد أختزلت الزمن وبرزت الكثير من الاسرار وأعطت مثالا حيا لكل مسلم بضرورة الاقتداء والسير بمنهح الأئمة الطاهرين التسعة من ولده عليهم ـ الصلاة والسَّلام ..!
طارق الخزاعي / لموقع اذاعة طهران العربية