البث المباشر

الشاب الليتواني المهتدي بالمظلومية الحسينية

الأحد 21 أكتوبر 2018 - 18:36 بتوقيت طهران

السلام عليكم إخوة الإيمان.. معكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نتعرف فيه أولا على بعض جوانب المظلومية الحسينية ثم نتعرف على بعض المهتدين للدين الحق بسببها ومنهم الشاب الليتواني(مبارك كوندريسكاس).. تابعونا مشكورين. 

إخوتنا الأحبة الأكارم.. لقد توافدت على الإمام الحسين كتب أهل الكوفة آلافا تسأله القدوم لأنهم بغير إمام، وتكاثرت تلك الكتب حتى اجتمع عنده عليه السلام في يوم واحد ستمائة كتاب، ومن نوب متفرقة اثنا عشر ألف كتاب، وفي كل ذلك يشددون الطلب، إلى أن أجابهم الحسين عليه السلام، حتى إذا وصل إليهم رسوله مسلم بن عقيل رضوان الله عليه خذلوه، ثم أسلموه، فانفرد به أزلام عبيدالله بن زياد فقتلوه.

لكنهم حين وصل الحسين
صلوات الله عليه إنحاز أهل النفاق وأصحاب المطامع إلى عسكر عبيد الله، وقد كشف الحسين هذه الحقيقة في مواقف عديدة، منها أيها الإخوة الأعزة أنه لما فرغ من الصلاة بجند الحر بن يزيد الرياحي، أقبل عليهم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله، ثم قال: "أيها الناس، إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله، ونحن – أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله – أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلا الكراهية لنا والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم، انصرفت عنكم".

نعم، إخوتنا الأفاضل.. لكن عبيد الله بن زياد أعد عدته الباغية المشؤومة وتكامل عند عمر بن سعد لست خلون من المحرم عشرون ألفا، ثم لم يزل عبيد الله يرسل العساكر إلى ابن سعد حتى تكامل عنده ثلاثون ألفا. قال الإمام الصادق عليه السلام: "إن الحسين دخل على أخيه الحسن في مرضه الذي استشهد فيه، فلما رأى ما به بكى، فقال له الحسن: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكي لما صنع بك، فقال الحسن عليه السلام: إن الذي أوتي إلي سم اقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله! وقد ازدلف إليك ثلاثون ألفا يدعون أنهم من أمة جدنا محمد صلى الله عليه وآله وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك".
ويكون يوم عاشوراء، فيدعوا سيد شباب أهل الجنة براحلته فيركبها، ثم ينادي بصوت عال يسمعه جلهم، فيخطب خطبته الواعظة الموقظة، حتى يقول: "يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا زيد بن الحارث! ألم تكتبوا إلي أن أقدم، قد أينعت الثمار واخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجندة؟!" فقالوا: لم نفعل! فقال عليه السلام: "سبحان الله! بلى والله لقد فعلتم"ثم قال في خطبة ثانية "تباً لكم أيتها الجماعة وترحا، أحين استرخصتمونا والهين، فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم.. ويحكم! أهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون! أجل والله غدر فيكم قديم، وشجت عليه أصولكم، وتأزرت فروعكم، فكنتم أخبث ثمرة، شجى للناظر، وأكلة للغاصب!"
أجل أحبتنا الأفاضل هذا فريق وتلك فئة خذلت دعوة أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه فشقيت، وهنالك فئة نصرت دعوة الإمام السبط صلوات الله عليه فسعدت..

وذلك بعد أن اختارت حبيب رسول الله وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، إماما ووليا، وشفيعا ووفدا إلى الله تبارك وتعالى، فانضمت إلى ركبه الزاكي، متثبتة في عهدها، راسخة في إيمانها وولايتها، معاهدة ربها على النصرة حتى يحكم العذر بينها وبينه بالشهادة بين يدي ولي الله.


مستمعينا الأكارم، لقد شكلت مظلومية الإمام الحسين(عليه السلام) في ملحمته الخالدة إحدى أهم عوامل الهداية الحسينية إلى الدين الحق، وهي التي كشفت حقيقة أرباب الضلال الذين حرفوا الدين الحق وحكموا باسمه..


وبهذه المظلومية اهتدى الكثيرون إلى الدين الإلهي وتبرأوا من الأئمة المضلين ومن هؤلاء المهتدين إلى الحق ببركة الحسين المظلوم الشاب الليتواني(مينداغوس كوندريسكاس).. وهكذا كان اسمه قبل اعتناقه للإسلام سنة ۱۹۹۷ للميلاد حيث أصبح اسمه بعدها(مبارك)..


ورحلة اهتداء هذا الشباب طويلة.. فقد ولد في ليتوانا سنة ۱۹۷۸ يوم كانت إحدى جمهوريات الإتحاد السوفيتي.. كان والده ملحدا يسخر من والدته إذا قرأت شيئا من الإنجيل..

وبقي الشاب تحت أسر إلحاد والده إلى أن تطلقت أمه من أبيه، فشعر بالحرية والقدرة على مطالعة الكتب الدينية والمسيحية بالطبع، فأقبل عليها إلى أن أنهى دراسته الثانوية بمعدل عال أهله للحصول على بعثة دراسية إلى لندن وفيها اطلع على الإسلام وعلى ترجمة إنجليزية للقرآن الكريم، فشرح الله صدره للإسلام فاعتنقه سنة ۱۹۹۷ للميلاد.


شعر هذا الشاب الليتواني بالسعادة في بداية اعتناقه للإسلام، ولكن بعد أن علم أن في الإسلام مذاهب متعددة عادت له الحيرة التي كان يشعر بها من متناقضات المسيحية المحرفة. يصف مبارك كوندريكاس في مقابلة مع مجلة المنبر الكويتية حالته تلك قائلا: عاودني الإحساس بالضياع..

وواجهتني صعوبة بالغة في الإختيار، لقد كنت طالب حقيقة ومستعد لبذل كل شيء في سبيلها، ومن جديد أحسست بمسؤولية البحث).
ويسترسل هذا الشاب الليتواني في شرح هذا المقطع من رحلته إلى الدين الحق، وعندما سأله مراسل المجلة: ما الذي قادك إلى اعتناق عقيدة أهل البيت(عليهم السلام) أطرق رأسه ودمعت عيناه وارتسمت عليه علائم الحزن..

قال في الجواب: إنه الظلم الذي وقع على أهل البيت.. أقول بصراحة: إن مظلومية أهل البيت جعلتني أتشيع لهم.. جعلتني أعرف أنهم ربيبو النبوة والعارفون بأحكام الإسلام كلها.. لايمكن أن أنسى أبدا الأثر الذي أحدثته في نفسي واقعة كربلاء..

إنها قضية استشهاد سبط الرسول الذي طالما أوصى المسلمين بمحبته وبين أن محبته من محبة الله، ترى كيف استطاعت الأمة أن تتغاضى عن كل تلك الوصايا.
لقد أحدث الإنتقال في روح(مبارك) الشاب الليتواني تغييرات ذاق فيها حلاوة الإيمان لقد عاش إحساسين متناقضين في الظاهر: الفرحة لاكتشاف الحقيقة والوصول إلى بر الأمان، والحزن لما نزل بأهل البيت من مصائب وويلات، يقول مبارك:(لما سمعت بظلامات أهل البيت، عليهم السلام، وتيقنت من صحة ما سمعت ما كنت أستطيع التصديق أن كل هذا حدث فعلا..

بكيت وبكيت واعتراني إحساس عميق بالألم ولكن وفي الوقت نفسه أحسست بالفرحة والسعادة الحقيقية للوصول إلى طريق النجاة..).
وبهذا تنتهي أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، حلقة أخرى من برنامج (بالحسين اهتديت) تقبل الله منكم جميل المتابعة ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة