بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهريم. السلام عليكم ورحمة الله وأهلا بكم إلى برنامج نهج الحياة .. نواصل الحديث في سورة ص وتحديدا في الايات 84 إلى 88 منها فلنستمع إلى تلاوة مرتلة للاية 84 و 85 من سورة ص:
قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ﴿٨٤﴾
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٨٥﴾
في الحلقة الماضية إلى أن ابليس اقسم بعزة الله أنه يعمل على إغواء بني آدم لينتقم منهم وهنا يأتي الرد الالهي على تهديد إبليس في إغواء بني آدم عدا المخلصين منهم- حيث يجيبه الباريء عزّوجلّ بالقول: (قال فالحقّ والحقّ أقول)أي أقسم بالحقّ، ولا أقول إلاّ الحقّ (لأملئنّ جهنّم منك وممّن تبعك منهم أجمعين).أجل ، الحق هو دخول كل من اتبع الشيطان ورضخ لوساوسه إلى النار ، ولكن من اعتمد على العقلانية و الفطرة السليمة وتغلب على الوساوس الشيطانية واتبع تعاليم الانبياء والاولياء سيتخلص من إغواء الشيطان وبالتالي يفوز فوزا عظيما .
ترشدنا الايات إلى تعاليم منها:
- إن الله هو الحق المبين وكل ما يصدر من الله فهو الحق وأساسا فإن كل حق يمت إلى الله تعالى بصلة.
- سيحشر الناس يوم القيامة مع من تولوه في الدنيا.
والان نستمع إلى تلاوة الايات 86 حتى 88 من سورة ص المباركة:
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴿٨٦﴾
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٨٧﴾
وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ﴿٨٨﴾
بهذه الايات تنتهي سورة ص المباركة و هي تركز على عدة نقاط مرتبطة بهدف بعثة النبي الأكرم ونزول القران الكريم . و على أساسها تريد الإشارة إلى حقيقة أن الانبياء لا يتوقعون أي جزاء مادي أو معنوي، ولا إستحسان ولا شكر، على تبليغ الرسالة وإنّما أجرهم على الله، كما ذكرت ذلك آيات اُخرى في القرآن المجيد كالآية (47) من سورة سبأ، والتي تقول: (إنّ أجري إلاّ على الله).
وهذه هي إحدى دلائل صدق رسول الله (ص)، لأنّ الداعية الكذّاب إنّما يدعو للوصول إلى أطماع شخصيّة، وهذه الأطماع تظهر بشكل أو بآخر من خلال حديثه، والعكس ما نراه في شخصيّة رسولنا الكريم (ص).وفي المرحلة الثانية يقول: أنا لست من المتكلّفين، فكلامي مستند على الأدلّة والمنطق، ولا يوجد فيه أي تكلّف، وعباراتي واضحة وكلامي خال من الغموض واللفّ والدوران (وما أنا من المتكلّفين).وفي الواقع فإنّ المرحلة الاُولى تتناول أوصاف الداعية، والمرحلة الثانية تتطرّق لسبل الدعوة ومحتواها.أمّا المرحلة الثالثة فتبيّن الهدف الأصلي من هذه الدعوة الكبيرة من نزول هذا الكتاب السماوي (إن هو إلاّ ذكر للعالمين). بحيث المهمّ هو أن يوقظ الناس من غفلتهم ويجعلهم يتعمّقون في التفكير، لأنّ الطريق واضح، وعلاماته ظاهرة، والفطرة السليمة في داخل الإنسان تمثّل دافعاً قويّاً تدفع الإنسان إلى سبيل التوحيد والتقوى، فالمهمّ هو الصحوة، وهذه هي الرسالة الرئيسة للأنبياء ولكتبهم السماوية.
هذه العبارة وردت مرّات عديدة في القرآن، وكلّها تبيّن أنّ محتوى دعوة الأنبياء في كلّ المراحل يتناسب مع الفطرة التي فطرنا الباريء عزّوجلّ عليها ، وأنّ الإثنين يسيران معاً إلى الأمام.
وأمّا في المرحلة الرابعة والأخيرة، فإنّه يهدّد المعارضين والمخالفين بعبارة قصيرة غزيرة المعنى: (ولتعلمنّ نبأه بعد حين).فمن الممكن أن لا يأخذ المعاندون هذا الكلام مأخذ الجدّ، ويمرّون به مرّ الكرام، إلاّ أنّه سيثبت لهم عاجلا صدق كلام الله، سيثبت في هذا العالم في ساحات قتال الإسلام ضدّ الكفر، وفي ساحات العمل الإجتماعي والفكري، وفي العالم الآخر بواسطة العذاب الإلهي الأليم الذي سيعذّبون به، وخلاصة الأمر أنّ السوط الإلهي مهيّأ للنزول على المستكبرين والظالمين.
نستلهم من الايات بعضا من المواعظ نشير إليها:
- على المبلغين و الدعاة إلى الله تعالى أن لا يتوقعوا حصول الأموال ازاء ما يقومون به من نشر الدين و هذا شرط يلزم لحصول التوفيق الالهي للدعوة إلى الله تعالى.
- إن التكلف في القول والسلوك يحول دون نجاح الدعاة. فالدين يجب أن يعرض بشكل بسيط وقابل للتطبيق وإلا سيكون ثقيلا ومتينا على الناس.
- إن رسالة النبي (ص) لا تخاطب العرب فحسب بل إنها رسالة عالمية.
- إن حقانية الإسلام والقران أمر سينكشف في المستقبل شاء من شاء وأبى من أبى.
إلى هنا وتنتهي وقفتنا عند هذه السورة سورة ص المباركة فآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.