بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين و لا سيما خاتمهم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مستمعينا الكرام وأهلا بكم إلى نهج الحياة إذ نواصل التأمل في الايات العشرين حتى السابعة والعشرين من سورة يس المباركة .. دعونا في البداية ننصت خاشعين إلى تلاوة الايتين 20 و21 منها:
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾
اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿٢١﴾
تواصل الايات الحديث عن مساعي الأنبياء لهداية الناس وهو يتعلّق بالدفاع المدروس للمؤمنين القلائل وبشجاعتهم في قبال الأكثرية الكافرة المشركة .. وكيف وقفوا حتّى الرمق الأخير متصدّين للدفاع عن الرسل.
"حبيب النجّار" هو من الأشخاص الذين قُيّض لهم الإستماع إلى هؤلاء الرسل والإيمان وأدركوا بحقّانية دعوتهم ودقّة تعليماتهم، وكان مؤمناً ثابت القدم في إيمانه، وحينما بلغه بأنّ مركز المدينة مضطرب ويحتمل أن يقوم الناس بقتل هؤلاء الأنبياء، أسرع- كما يستشفّ من كلمة يسعى- وأوصل نفسه إلى مركز المدينة ودافع عن الحقّ بما إستطاعو لم يدّخر وسعاً في ذلك.
نستلهم من هاتين الايتين مواعظ ودروسا منها:
- إن الدفاع من القادة الدينين هو من واجبات الذين آمنوا بالله .
- إن فقدان العون والرفيق في سبيل الدفاع عن الدين ليس مبررا لترك واجب الدفاع والحماية.
- أحيانا يجب على الفرد مواجهة الأحداث لوحده إذ ينبغي عدم الخوف من قلة الأفراد والمساعدين.
- يجب الاقتداء بقادة نثق أنهم اهتدوا إلى طريق الحق.
والان نستمع إلى تلاوة مرتلة للايات 22 إلى 24:
وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٢﴾
أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴿٢٣﴾
إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾
لقد جاءهم هذا الرجل المؤمن ليحمي رسالة الانبياء فتقول الاية : (اتّبعوا من لا يسألكم أجراً). فتلك القضيّة بحدّ ذاتها الدليل الأوّل على صدق هؤلاء الرسل، فهم لا يكسبون من دعوتهم أيّة منفعة ماديّة شخصية، ولا يريدون من الناس مالا ولا جاهاً ولا مقاماً، وحتّى أنّهم لا يريدون منهم أن يشكروهم. والخلاصة: لا يريدون منهم أجراً ولا أي شيء آخر.
نتعلم من الايات الدروس التالية:
- إن عبادة الخالق أمر مقبول ولكن لا مبرر منطقيا في عبادة ما سوى الله تعالى .
- كما أن بداية حياة الإنسان بيد الله تعالى فإن نهايتها أيضا بيد الله تعالى و عليه فجدير بنا أن نلبي نداء العقل والفطرة الانسانية في التوجه إلى تعالى و عبادته وحده .
أيها الأكارم ننصت الان إلى تلاوة الايات 25 حتى 27 من سورة يس المباركة:
إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿٢٥﴾
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾
بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴿٢٧﴾
عندما انتهى هذا المؤمن المجاهد المبارز من استعراض تلك الاستدلالات والتبليغات المؤثّرة أعلن لجميع الحاضرين (إنّي آمنت بربّكم فاسمعون).
إلا أن الكفار الذين لم يكونوا مستعدين لسماع كلمة الحق قاموا باغتيال هذا الداعية ظنا منهم أنهم قضوا عليه في حين أن الله تعالى أدخله الجنة التي وعده في الدنيا ليعيش فيه إلى يوم يبعثون و هي الجنة التي يعيش فيها الشهداء الصالحون وحسن أولئك رفيقا.
تعلمنا الايات دروسا نمر على بعض منها:
- إن الدفاع عن القادة الربانيين والدين الإلهي لا يعرف حدودا حتى وإن ضحى الفرد بما يملكه من الأموال والأنفس .
- إن رجال الله يريدون الخير للجميع فهم بالرغم من جميع الأذى الذي تحملوه من الناس إلا أنهم يتأملون لهم الخير وليس العذاب .
- إن الشهادة في سبيل الله سبب للمغفرة ودخول الجنة.
بهذا وصلنا إلى ختام حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة نلقاكم بإذن الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.