ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الجمعة عن مصادر لم تسمها أن الحرس الملكي اعتقل في وقت مبكر الجمعة شقيق الملك سلمان الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وابن شقيق الملك ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف من منزليهما بعد اتهامهما بالخيانة.
وأوردت الصحيفة أن الأميرين اللذين كانا في الماضي مرشحين للعرش اتُهما بـ"تدبير انقلاب بهدف إطاحة الملك وولي العهد"، وهما يواجهان عقوبة السجن مدى الحياة وصولا إلى احتمال الإعدام، بحسب المصدر.
كما تحدثت صحيفة نيويورك تايمز بدورها عن هذه الاعتقالات، مضيفة أن أحد أشقاء الأمير محمد بن نايف، الأمير نواف بن نايف، اعتُقل أيضا.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن الأمير محمد بن نايف كان قيد الإقامة الجبرية منذ الإطاحة به كولي للعهد من قبل ولي العهد الحالي محمد بن سلمان.
ولم تعلق السلطات السعودية في الوقت الحاضر على هذه التقارير.
وفي هذا السياق، قال المغرد السعودي الشهير "مجتهد"، إن حملة الاعتقالات التي طالت عددا من الأمراء، "يبدو أنها مرتبطة بتنصيب مترقب لـ(ولي العهد الأمير محمد) بن سلمان ملكا".
وقال في تغريدة له عبر حسابه بموقع "تويتر"، إن هناك رفضا شاملا داخل العائلة لهذا التنصيب (دون تقديم المزيد من التفاصيل).
ولم يحدد "مجتهد"، إن كان تنصيب بن سلمان سيكون في ظل ولاية والده، أو بعده، خاصة مع تداول أنباء عن تدهور كبير في صحة العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز".
وأضاف في تغريدة أخرى ان اعتقال بعض الضباط في الأجهزة الأمنية والجيش والحرس الذين يعتقد أن لهم ولاء لـ(شقيق الملك السعودي الأمير) أحمد بن عبدالعزيز أو (ولي العهد السابق) محمد بن نايف".
وتابع ان "الحملة مستمرة لاعتقال غيرهم ممن يشك بن سلمان في ولائهم".
ومن فرضيات اسباب الاعتقالات، انها جاءت بزعم محاولة انقلاب داخلي حيث اتهمت السلطات الأميرين بالخيانة وتدبير انقلاب بهدف إطاحة الملك وولي العهد ويواجهان عقوبة الاعدام أو السجن مدى الحياة بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، بينما استبعد الكاتب والباحث السياسي علي ناصر الدين في مقابلة تلفزيونية فرضية الانقلاب الداخلي مرجعا السبب الى معارضة الاميرين للتغييرات التي يقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان.
هذا وأشار سعد الفقيه رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح السعودية الذي يعيش في المنفى إلى روايتين أخريين حول أسباب ما جرى هما:
الرواية الاولى: بعض المعتقلين سعوا عند الملك للشفاعة للمعتقلين من آل سعود من أجل الإفراج عنهم، وأنهم خلال حديثهم مع الملك قسوا عليه، فبادر بن سلمان لاعتقالهم.
الرواية الثانية: المعتقلون تذاكروا فيما بينهم بشأن قرار إيقاف العمرة والطواف حول الكعبة المشرفة، في حين تستمر حفلات الترفيه وتأشيرات السياحة، وأن ذلك قد يشكل خطرا جراء موقف العالم الإسلامي وهو يشاهد الحرم المكي خاليا من الطائفين، فأحس بن سلمان أن هناك ما يشبه التحرك للانقلاب عليه جراء ذلك، فأمر بإيداعهم السجن.
من جانبه كشف محمود رفعت، المحامي المعروف وخبير القانون الدولي، عن وقوف أبوظبي وراء اعتقال الأمير أحمد بن عبدالعزيز شقيق الملك سلمان، والأمير محمد بن نايف ابن شقيق الملك سلمان.
وقال محمود رفعت في تغريدة، إن مصدرا موثوقا من داخل السعودية أبلغه أن اعتقال الأمراء جاء بسبب أخبار قال إنها "ملفقة" مررها محمد بن زايد إلى محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، مفادها " أن أجهزته الأمنية رصدت اتصالات للمعتقلين مع سفراء دول أوروبية في السعودية بهدف إزاحته من الحكم".!
ويعتبر مراقبون ما حدث خلال اليومين الماضيين في داخل اسرة آل سعود رغم ان بعض تفاصيل الاسباب المباشرة يلفها الضباب، الا انها تأتي في اطار محاولات ابن سلمان المدعومة امريكيا، للوصول الى العرش لضمان وأد كل صوت معارض داخل الاسرة التي كشفت تطورات السنوات الخمس الماضية انها ليس على وئام مع ابن سلمان
وسبق أن شهدت المملكة في منتصف أيلول/سبتمبر 2017 توقيف عشرات الأشخاص بينهم كتّاب وصحافيون ودعاة أبرزهم الداعية المعروف الشيخ سلمان العودة.
وبعد نحو شهر ونصف، أوقفت السلطات في تشرين الثاني/نوفمبر عشرات الأمراء ورجال الأعمال والسياسيين لثلاثة أشهر على خلفية تهم ادعت أنها تتعلق بالفساد، فقامت بسجنهم في فندق "ريتز كارلتون" الفخم في الرياض ولم تطلق سراحهم إلا بعد التوصل لتسويات مالية.
ومنذ تسلمه منصبه، أظهر ولي العهد محمد بن سلمان عزمه على الحكم بقبضة من حديد، وعدم التسامح مع أي معارضة له أو انتقاد لسياساته في الداخل أو في الخارج.
واحكم ولي العهد قبضته على المؤسسات الأمنية والعسكرية في المملكة، وهو يقمع أي معارضة داخلية تمهيدا لتوليه العرش رسميا خلفا لوالده المريض البالغ من العمر 84 عاما.
وقالت المحللة السياسية في مؤسسة "راند" للدراسات في الولايات المتحدة بيكا فاسر تعليقا على التوقيفات الأخيرة إن "الأمير محمد بات أكثر جرأة، فسبق أن أزال أي تهديد أمام صعوده وسجن أو قتل منتقدين لسلطته بدون أن تكون لذلك اي تبعات".
وأضافت "هذه خطوة إضافية لتعزيز قوته ورسالة إلى الجميع، بمن فيهم أفراد العائلة المالكة، ألا يقفوا في طريقه".
في 21 حزيران/يونيو 2017، تمكن محمد بن سلمان بمساندة والده، من الاطاحة بولي العهد آنذاك محمد بن نايف والحلول محله، في وقت كان الأمير نايف وزيرا للداخلية واسع النفوذ.
وذكرت تقارير في وسائل الإعلام الغربية آنذاك أن الأمير محمد وضع في الإقامة الجبرية في منزله.
وتولى الامير محمد (61 عاما) أحد أبناء الأمير نايف أحد السديريين السبعة في العائلة الحاكمة عدة مناصب حساسة في الدولة وعيّن في ابريل 2015 وليا للعهد بدلا من الأمير مقرن بن عبد العزيز قبل عزله وتجريده من كل مناصبه.
ويعتبر الأمير محمد بن نايف من أقوى الشخصيات الأمنية في المملكة.
اما الأمير أحمد بن عبد العزيز (78 عاما) فهو أحد الأخوة السديريين السبعة الأقوى في العائلة الحاكمة، الذي عاد من مقره في لندن إلى المملكة في تشرين الأول/أكتوبر 2018، على إثر فضيحة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصية بلاده باسطنبول.
وقبيل عودته، اثار انتشار فيديو له انتقد فيه سياسة شقيقه الملك سلمان وابنه محمد وتبرأ من العدوان الذي يشنه النظام السعودي على اليمن، مخاوف ولي العهد بن سلمان من محاولة مطالبته بالعرش.
ويظهر الفيديو الذي لقي انتشارا واسعا على الإنترنت، الامير احمد وهو يرد على محتجين كانوا يهتفون شعارات منددة بآل سعود وبالعدوان العسكري السعودي على اليمن، قائلا "ما دخل آل سعود؟ هناك أفراد معنيون هم المسؤولون" مضيفا "المسؤولون هم الملك وولي العهد".
وكان الامير احمد غادر الرياض في نوفمبر 2017 قبل حملة الاعتقالات التي طالت الأمراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال في فندق "ريتز كارلتون".
ويعتبر احمد الابن الـ 31 للملك عبد العزيز المؤسس، الأحق بولاية العهد وفق الدستور العرفي لتولي المنصب.