بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على حبيبك وخيرة خلقك النبيّ المصطفى النبي محمدّ وعلى آله الطاهرين.
إخوة الإيمان في كلّ مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنتابع معاً تفسير سورة الأنفال.
من أجل ذلك ننصت خاشعين لهذه التلاوة العطرة للآية الستين من سورة الأنفال المباركة:
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وأعدو الهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وء اخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" هذا أمر منه سبحانه بأن يعدّ المؤمنون السلاح قبل لقاء العدو. ومعناه: وأعدوا للمشركين ما قدرتم عليه مما يتقوى به على القتال من الرجال وآلات الحرب.
"ترهبون به" أي: تخوفون بما تعدّونه لهم "عدو الله وعدوّكم" أي: مشركي مكة وكفار العرب" وآخرين من دونهم" اي: وترهبون كفاراً آخرين دون هؤلاء.
واختلف في الآخرين، فقيل: إنهم بنو قريظه. وقيل: هم المنافقون لا يعلم المسلمون أنهم أعداؤهم.
"لا تعلمونهم" معناه: لا تعرفونهم لأنهم يصلون ويصومون ويقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويختلطون بالمؤمنين.
"الله يعلمهم" أي: يعرفهم لأنه المطلع على الأسرار.
"وما تنفقوا من شيء في سبيل الله" أي: في الجهاد وفي طاعة الله "يوف إليكم" أي: يوفر عليكم ثوابه في الآخرة.
"وأنتم لا تظلمون" أي: لا تنقصون شيئاً منه.
أفهمتنا الآية:
- وجوب جهوزية المسلمين وتأهبهم العسكري المستمر تحسباً لأي هجوم قد يتعرضون له من جانب العدو.
- وجوب الحضور في سوح الجهاد والمساهمة في تأمين نفقاتها واجباً دينياً على كل مسلم
والآن نبقى مع الآيتين الحادية والستين والثانية والستين من سورة الأنفال المباركة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
في ضوء ما تقدم بخصوص وجوب تأهب المسلمين لمواجهة كل مؤامرات الاعداء يقول سبحانه مخاطباً الرسول صلى الله عليه وآله "وإن جنحوا للسلم" أي: مالوا إلى الصلح وترك الحرب "فاجنح لها" أي: مل إليها واقبلها منهم وإنما أنث، لأن السلم بمعنى المسالمة "وتوكل على الله" أي: فوض أمرك إلى الله "إنه هو السميع العليم" لا تخفى عليه خافية.
وقيل: إن هذه الآية منسوخة بقوله اقتلوا المشكين حيث وجدتموهم.
وقوله قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله.
وقيل: إنها ليست بمنسوخة لأنها في الموادعة لأهل الكتاب والاخرى لعباد الأوثان وهذا هو الصحيح لأن قوله اقتلوا المشركين والآية الاخرى نزلتا في سنة تسع في سورة براءة وصالح رسول الله صلى الله عليه وآله وفد نجران بعدها.
ثم خاطب الله سبحانه نبيه محمداً صلى الله عليه وآله فقال "وإن يريدوا أن يخدعوك" معناه: وإن يرد الذين يطلبون منك الصلح أن يخدعوك في الصلح بان يقصدوا بالتماس الصلح دفع أصحابك والكف عن القتال ليقووا فيبدأوكم بالقتال من غير إستعداد منكم "فإن حشبك الله" أي: فإن الذي يتولى كفايتك الله "هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين" أي: هو الذي قواك بالنصر من عنده وبالمؤمنين الذين ينصرونك على أعدائك.
أفادتنا الآيتان:
والآن نستمع للآيتين العطرتين الثالثة والستين والرابعة والستين من سورة الأنفال المباركة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم. يا أيها النبي، حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين
تبعاً للآية الثانية والستين بخصوص المدد الالهي في نصرة الرسول تقول الآية هذه مخاطبة محمداً صلى الله عليه وآله: "وألف بين قلوبهم" ألف سبحانه قلوب المؤمنين الأنصار من أوس وخزرج بعد عداء وقتال. فانه لم يكن حيان من العرب بينهما من العداوة مثل ما كان بين هذين الاثنين فألف الله بين قلوبهم حتى صاروا متوادين متحابين ببركة الإسلام.
"لو أنفقت ما في الارض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم" أي: لم يمكنك جمع قلوبهم على الإلغة وإزالة ضغائن الجاهلية "ولكن الله ألف بينهم" بأن لطف لهم بحسن تدبيره وبالإسلام الذي هداهم إليه "إنه عزيز حكيم" لا يمتنع عليه شيء يريد سبحانه فعله ولا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة.
قيل: إن هذا من الآيات العظام وذلك أن النبيّ صلى عليه وآله بعث إلى قوم أنفتهم شديدة بحيث لولطم رجل من قبيلة لطمة قاتل عنه قبيلته فألف الإيمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه وأخاه وإبنه، فأعلم الله سبحانه أن هذا ما تولاه منهم إلا هو.
ثم أمر جل وعلا بقتال الكفار وحث عليه بقوله "يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين" أي: كافيك الله ويكفيك متبعوك من المؤمنين.
وقيل: معناه الله حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين. أي: يكفيك ويكفيهم.
أفادتنا الآيتان:
- يؤلف الله بالايمان بين القلوب كلها ويزيل عنها الضغينة والبغضاء.
- الإلغة، والمحبة، والوحدة- من النعم الإلهية وأيضاً من علائم المؤمنين.
- على الامة الاسلامية ان تكون الساعد القوى لزعيم المجتمع الاسلامي والحامي الاكيد له لكي لا يخال للعدوان خلافاً استجد بين ابناء الامة الاسلامية وما يفرق وحدتهم.
مسمتمعينا الكرام انتهت هذه الحلقة نشكركم على حسن المتبابعة نستودعكم الله والسلام عليكم.