بسم الله وله الحمد على إكمال دينه واتمام نعمته بولاية أمير المؤمنين والائمة المعصومين صلوات الله وسلامه على جدهم المصطفى وعليهم أجمعين. سلام من الله عليكم اخوة الايمان، على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج، وقد أعددنا لكم إحد روائع سجل الشعر العربي في مدح الوصي المرتضى سلام الله عليه والحث على أداء حق زيارته، وبيان الأدب المحوري الذي ينبغي للمؤمن العمل به عند زيارته سلام الله عليه. وللعلماء والأخيار عناية خاصة بهذه القصيدة وقد التزم كثير منهم بتلاوتها عند زيارة المشهد العلوي المبارك والتعبد الى الله عزوجل عنده، ولنبدأ بتعريف صاحب هذه القصيدة الغراء فهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحجاج البغدادي، عالم فاضل وشاعر محب وما يشهد على فضله وعلمه أنه ولي الحسبة مرات عديدة. وليس فيما بين أيدينا ما يشير الى تاريخ ولادته. أما أدبه فهو قمة فيه حتى قيل عنه: إنه كامرئ القيس في الشعر. وديوانه عشر مجلدات، وكان صاحب طريقة في نظم الشعر خاصة به. وجلّ شعره يعرب عن ولائه لأهل البيت عليهم السلام، توفي رحمه الله في جمادي الآخرة عام ۳۹۱ هجري في النيل، وهي بلدة على الفرات ما بين بغداد والكوفة. وأمر بدفنه عند رجلي الإمام علي عليه السلام، وأن يكتب على ضريحه (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد).
قال ابن الحجاج البغدادي في مديحته العلوية البديعة:
يا صاحب القبة البيضاء في النجف
من زار قبرك واستشفى لديك شفي
زوروا أبا الحسن الهادي لعلكم
تحظون بالاجر والاقبال والزلف
زوروا لمن تسمع النجوى لديه فمن
يزره بالقبر ملهوفاً لديه كفي
إذا وصلت فأحرم قبل تدخله
ملبياً واسع سعيا حوله وطف
حتى إذا طفت سبعا حول قبته
تأمل الباب تلقا وجهه فقف
وقل: سلام من الله السلام على
أهل السلام وأهل العلم والشرف
إني أتيتك يامولاي من بلدي
مستمسكاً من حبال الحق بالطرف
راج بأنك يامولاي تشفع لي
وتسقني من رحيق شافي اللهف
لأنك العروة الوثقى فمن علقت
بها يداه فلن يشقى ولم يخف
وإن أسماءك الحسنى إذا تليت
على المريض شفي من سقمه الدنف
لأن شأنك شأن غير منتقص
وإن نورك نور غير منكسف
وإنك الآية الكبرى التي ظهرت
للعارفين بأنواع من الطرف
هذي ملائكة الرحمن دائمة
يهبطن نحوك بالألطاف والتحف
كالسطل والجام والمنديل جاء به
جبريل لا أحد فيه بمختلف
كان النبي إذا استكفاك معضلة
من الأمور وقد أعيت لديه كفي
وقصة الطائر المشوي عن أنس
تخبر بما نصه المختار من شرف
والحب والقضب والزيتون حين أتوا
تكرما من إله العرش ذي اللطف
والخيل راكعة في النقع ساجدة
والمشرفيات قد ضجت على الحجف
بعثت أغصان بان في جموعهم
فأصبحوا كرماد غير منتسف
لو شئت مسخهم في دورهم مسخوا
أو شئت قلت لهم: يا أرض انخسفي
والموت طوعك والأرواح تملكها
وقد حكمت فلم تظلم ولم تجف
لا قدس الله قوما قال قائلهم:
بخ بخ لك من فضل ومن شرف
وبايعوك (بخم) ثم أكدها
(محمد) بمقال منه غير خفي
عاقوك واطرحوا قول النبي ولم
يمنعهم قوله: هذا أخي خلفي
هذا وليكم بعدي فمن عقلت
به يداه فلن يخشى ولم يخف
كانت هذه اخوتنا مستمعي اذاعة طهران القصيدة الغراء التي أنشأه في مدح أمير المؤمنين وولايته وزيارته عليه السلام، الاديب المبدع ابن الحجاج البغدادي رضوان الله عليه. وقد قرأناها لكم في هذا اللقاء من برنامج (مدائح الانوار)، نشكر لكم طيب الاصغاء ودمتم بكل خير.