بسم الله وله الحمد خالصا على ان انعم علينا بمودة وموالاة احبّ الخلق اليه محمد وآله الطاهرين صلواته وسلامه عليهم اجمعين.السلام عليكم مستمعينا الاكارم، يستفاد من النصوص الشريفة قرآنا وسنة ان التفاعل الوجداني مع مظلومية اهل بيت النبوة عليهم السلام والبراءة من اعدائهم من علائم الايمان الصادق. وهذه العلامة نجدها متجلية في المديحة التي اخترنا لكم بعض ابياتها ولهذا اللقاء وهي من انشاء احد مصاديق السُنة الالهية لاخراج الله الطيب من الخبيث، انه المؤمن الصادق ابو الفتح محمود بن محمد بن الحسين بن سندي بن شاهك الرملي المعروف بكشاجم. وكشاجم مجموعة حروف كل حرف منها يمثل اول حرف من علم ما، فهو كاتب، شاعر، اديب، جدليّ متكلم، منطقي، ومنجم، كما انه قد برع في الطب ايضا كما في شذرات الذهب، والشيعة وفنون الاسلام، وتاريخ ابن خلكان. وهو من ابرز شعراء القرن الرابع الهجري ولقد ترفعت به نفسه عن الرياسة والرتبة والوقوف على ابواب الملوك. وكان يطلب من اوليائه عدم قبول الوظائف السلطانية. غادر مسقط راسه (الرملة) الى الاقطار الشرقية، وساح في البلاد فوصل مصر وحلب والشام وكان اماميا صادق التشيع مواليا لاهل بيت العصمة على نقيض جده الناصبي السندي بن شاهك جلواز هارون العباسي والذي تولى مهمة تعذيب وسم مولانا الامام الكاظم سلام الله عليه. تتلمذ كشاجم على يد الاخفش الصغير علي بن سليمان وله مؤلفات منها: ادب النديم، وكتاب الرسائل، كتاب المصايد، والمطارد، وخصائص الطرف، والصبيح.لم تثبت المصادر تاريخ ولادته والمرجح انها في منتصف القرن الثالث، اما وفاته فمن قائل انه توفي عام ۳٦۰ هجري، وقائل انه توفي في ۳٥۰ هجري وثالث في ۳۳۰ هجري. ولابي الفتح كثير من الشعر الولائي الاحتجاجي البليغ في مدح اهل بيت النبوة عليهم السلام، منها القصيدة اللامية التي نقرأ لكم شطرا منها بعد قليل، يبدأ الاديب الحكيم ابو الفتح كشاجم السندي مديحته لانوار العترة المحمدية بتصوير بليغ لحالة المؤمن الصادق في تفاعله الوجداني مع مظلوميتهم عليهم السلام، حيث قال رضوان الله عليه في وصف محب اهل بيت النبوة:
له شغل عن سؤال الطلل
اقام الخليط به ام رحل
طوى الغي منتشرا في ذراه
فاطفا الصبابة لما اشتعل
له في البكاء على الطاهرين
مندوحة عن بكاء الطلل
فكم فيهم من هلالٍ هوى
قبيل التمام وبدرٍ افل
لهم حجة الله يوم المعاد
للناصرين على من خذل
ومن انزل الله تفضيلهم
فرد على الله ماقد نزل
فجدهم خاتم الانبياء
يعرف ذاك جميع الملل
ووالدهم سيد الاوصياء
ومعطي الفقير ومردي البطل
ومن علم السمر طعن الكلى
لدى الروع والبيض ضرب القلل
ولو زالت الارض يوم الهياج
من تحت اخمصه لم يزل
ومن صد عن وجه دنياهم
وقد لبست حليها والحلل
وكان اذا ما اضافوا اليه
ارفعهم رتبةً في مثل
بحود تعلم منه السحاب
وحلم تولد منه الجبل
فكم شبهٍ بهداه جلا
وكم حجةٍ بحجاه فصل
ومن اطفأ الله نار الضلال
به وهي ترمي الهدى بالشعل
ومن رد خالقنا شمسه
عليه وقد جنحت للطفل
ولو لم تعد كان في رأيه
وفي وجهه من سناها بدل
وقد علموا ان يوم الغدير
بغدرهم جر يوم الجمل
فيا معشر الظالمين الذي
اذاقوا النبي مضيض الثكل
عدلتم بها عن امام الهدى
فلا عدل اللعن عمن عدل
ويواصل الاديب الحكيم ابو الفتح كشاجم محمد السندي محاججته البليغة لمحاربي الوصي المرتضى عليه السلام قائلا:
فما جاءنا ما جئتمونا به
من الظلم اعمى القرون الاول
يخالفكم فيه نص الكتاب
وما نص في ذاك خير الرسل
نبذتم وصيته بالعراء
وقلتم عليه الذي لم يقل
اتخذتم بذاك البرايا خول
ودنيا تفرقتموها دول
لقد طمس الغي ابصاركم
وضل بكم عن سواء السبل
لقد نشطت لعناد الرسول
رجال بها عن هداها كسل
فلا بوعدت اعين من عمى
ولا عوفيت اذرع من شلل
غدا يتولى الاله الجدال
ان كنتم من رجال الجدل
فيعلم من في ظلال النعيم
ومن في الجحيم عليه ظلل
أيا رب وفق لخير المقال
ان لم اوفق لخير العمل
ولاتقطعن املي والرجاء
فانت الرجاء وانت الامل
كانت هذه ابيات منتخبة من المديحة الولائية التي انشأها في الدفاع عن مظلومية العترة المحمدية الاديب الحكيم ابو الفتح محمود الرملي المشهور بكشاجم رضوان الله عليه، وبهذه ينتهي مستمعي اذاعة طهران لقاء اليوم من برنامج (مدائح الانوار) نشكر لكم طيب الاصغاء ودمتم بكل خير.