بسم الله وله المجد والحمد حمد الشاكرين له في السراء والضراء والصلاة والسلام علي سيد الأنبياء وآله الأصفياء.
أهلاً بكم إخترنا لكم في هذا اللقاء ومن ديوان الشعر الحسيني أبياتاً من قصيدة مؤثرة تتميز بقوة وبلاغة تمثيلها لحالة المؤمن وهو يعيش أجواد الملحمة الحسينية.
حالة تجمع بين التفجع بأوار المظلومية التي لا نظير له وبين الشعور بالإفتخار للإنتماء الي دين من أئمته الحسين (عليه السلام).
القصيدة من إنشاء عالم ورع وأديب مرهف الإحساس هو الشيخ علي نجل الشيخ جعفر الجناحي الملقب بكاشف الغطاء وهو من علماء القرن الهجري الثالث عشر وقد توفي سنة إثنتين وخمسين بعد المئتين والألف (رضوان الله عليه). قال الشيخ علي الشيخ جعفر:

دموع ليس تنقع من أوام

وان سحت كماء المزن هامي

ووجد كلما حاولت أني

أبرده تلهب بالضرام

ولا تشفي الدموع حليف وجد

وان فاضت بأربعة سجام

ولا يجدي جميل الصبر صبا

شجيا لا ينهنه بالملام

مررت بكربلاء فاهاج وجدي

مصارع فتية غر كرام

حماة لا يضام لهم نزيل

أما جد برئّوا من كل ذام

قبور تنطف العبرات فيها

كما نطف العبير علي الأكام

وقفت بها لالئم من ثراها

أريج العرف مفضوض الختام

وضعت يدي وقد ضمت لصدري

كلوم لا يقوم بها كلامي

وقد نصلت دموع العين فيها

نصول الدر سل من النظام

أسائل ربعها عن ساكنيه

ولاة العز والرتب السوامي

ومثل لي الحسين بها غريباً

عنائي للغريب المستضام

تكاد النفس ان ذكرته يوماً

تفر من الحياة إلي الحمام

أبي الضيم لم يألف قياداً

غداة الطف للجيش اللهام

يحامي عن حقيقته وحيداً

بنفسي ذلك البطل المحامي

ويمضي الشيخ علي الشيخ جعفر الجناحي في قصيدته ليصوّر ببلاغة فنية حالة سيد الشهداء (عليه السلام) في ساعاته الأخيرة قال (قدس سره):

بعين للعدي ترنوا واخري

بها يرنوا إلي نحو الخيام

سعي للحرب يهتز ارتياحا

ونار الحرب موقدة الضرام

تقارعه الهموم فيتقيها

بقلب مثل حامله همام

همت كفاه في سلم وحرب

علي العافين بالمنن الجسام

فلا يسراه يشغلها لجام

ولا يمناه يشغل بالحسام

تسل من الرقاب له سيوف

فتغمد في المفارق واللمام

اذا ركعت رأيت لها الأعادي

سجوداً في التراب بغير هام

كأن عداه يوم الروع نبت

وبيض ضباه كالنهم السوام

وبعد هذا التصوير البليغ للشجاعة الحسينية ينتقل العالم الأديب الشيخ علي نجل الشيخ جعفر كاشف الغطاء، الي رثاءٍ رقيق ومؤثر للمصرع الحسيني المفجع، قال (رضوان الله عليه):

إلي أن خر فوق الترب ملقي

علي الرمضاء عز له المحامي

برغمي ان خلا نادي المعالي

وخر عن الهدي سامي الدعام

برغمي للشريعة قد رماها

بصدع ليس يجبر بالتئام

ولم أر مثل يومك والسبايا

علي الاقتاب تهدي للشآم

ولم أر مثل يوم ليس ينسي

علي الأيام عاما بعد عام

وكل حشي عليك كأن فيه

لسان الرمح أو طرف الحسام

هو الرزء الذي ابتدع الرزايا

وقال لأعين الأعداء نامي

ألا يا كربلا كم فيك بدر

علاه الخسف من قبل التمام

نكتفي بهذا المقدار من المديحة الرثائية التي أنشأها العالم التقي الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء في الملحمة الحسينية ولعل لنا عودة الي تتمتها في لقاء آخر من برنامج مدائح الأنوار.