بسم الله وله المجد والحمد نورالسموات والأرضين بارئ الخلائق أجمعين وعصمة المعتصمين وأتم الصلوات الزاكيات والتحيات الطيبات علي محمد وآله الطاهرين.
نلتقيكم في حلقة أخري من برنامج مدائح الانوار نخصصها لأبيات منتخبة من قصيدة في مدح النبي وآله (عليه السَّلام) للأديب المصري علي بن حسن بن ابراهيم الأنكوري المشهور بعلي الدرويش صاحب المؤلفات الأدبية الكثيرة وهو من أعلام أدباء مصر في بدايات القرن الهجري الرابع عشر وقد جارى بهذه القصيدة قصيدة البردة المشهورة لشاعر المدائح النبوية شرف الدين البوصيري. قال علي درويش في مدح سيد الرسل (صلي الله عليه وآله):
لمهجتي ذمة في طيبةٍ شغفت
فهل تطيب بأوفي الخلق للذمم
إمام كل رسول عند بارئه
مبرّأ لا تباريه ذوو العصم
سر الحدوث ومولي من له قدم
صدقٌ ومادحه الموصوف بالقدم
فترك مدحي له مدح وهل قلمي
ونوني في الوصف تحكي نون والقلم
فلم يبالغ بما أثني الإله به
عليه كيف نوفيه بمنتظم
وإن لولاه لم تخلق ملائكة
ولا الحجاب الذي عند العروج رمي
يكفي السموات شريفاً بوطئته
والأرض جبريل فيها جملة الخدم
تكوّن الكون نوراً عند مولده
كأنه الآن موجود من العدم
وكان يوم استضاء الكون وهو دجي
بدراً بدأ ونسيماً دبّ في النسم
كيف استنارت قصور الشام إذ خمدت
نار المجوس وبالنار الفرات ظمي
فلينفخ النار ذو الإيوان إذ طفئت
بماء ساوة إن ينفخ علي ضرم
فكسر ايوان كسري مقصرٌ أملاً
من قيصر في بني التثليث والصنم
فلا سرير وما اهتزت قوائمه
ولا أمير وما تلقاه ذا وجم
والكفر بات علي حال يساء به
والعلم بالحق بشراه علي العلم
محمد روح عيسي وهو جثته
تكلمت عن كليم فيه بالعظم
أحيا النفوس ومحيي الجسم بشرنا
بأن ذا رؤية خير من الكلم
إن ينكروا وصفه شالت نعامتهم
فإنها نعمٌ تخفي علي النعم
أنار ظلمة دنيانا بضرّتها
وجاز فيها جواز البرء في السقم
وينتقل الأديب المصري علي الدرويش من مدح النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) الي مدح عترته الطاهرين (عليه السَّلام) بادئاً بالإشارة الي حديث الكساء وآية التطهير، قال (رحمة الله عليه):
وأهل بيت عن الدنيا قد ارتفعوا
تحت العباءة فوق الناس كلّهم
باب المدينة حامي البيت صاحبه
ليث الإله علي الجاه والشيم
والبضعة الدرة الزهراء فاطمة
وصفوة الصفوة الغراء في العصم
والنّيرين الشهيدين ابنها حسن
إذا قال للملك إن السم في الدسم
ريحانة ظمئت في كربلا فجرت
علي الحسين عيون العين بالديم
يزيد نار الأسي دمعٌ عليه جري
في يوم أن خضّب الريحان بالدم
ويختم الأديب المصري علي الدرويش مديحته بخطاب توسلي استشفاعي لأكرم الخلائق وأحبها الي الله، قائلاً:
يا سيد الرسل لي فكرٌ يضيء به
لفظ المحب ضياء البدر في الظلم
يا أكرم الخلق لا مستثنياً ملكاً
ومفرق الفرقتين العرب والعجم
هذي قصيدي فإن أقبل فمن كرم
قد عم غيري وإن أردد فوا ندمي
يكفي الأباصيري ما نالت قصيدته
من المقاصد في حكم وفي حكم
ببرأةٍ أبرأته ثم تسقمني
برئت من ألمي إن قلت وا ألمي
يا عالم السر من مكنون مبسمها
ومسبل السر من شعر علي القدم
جرّت فؤادي بألحاظ لها قسمٌ
علي الحشي هدبها من أحرق القسم
يزينها بالبها الإخلاص عاشقها
قد حاز معرفة من صاحب العلم
ليست مثال قصيد من أسير هويً
إلي فضول بدعوي الفضل متهم
لكن عسي المذنب الدرويش يلحظ من
أمن تذكر جيران بذي سلم
فالّببغا نائل من فضل سيده
محاكياً وأنا حاكيتهم بفمي
قرأنا لكم فيها قصيدة الأديب المصري علي الدرويش في مدح الهادي المختار وآله الأطهار.