السلام عليكم مستمعينا الأفاضل، أطيب تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات نهديها لكم في مستهل لقاء اليوم من هذا البرنامج نتابع فيه الإستهداء بالأحاديث الشريفة المبينة لوسائل الفوز بكرامة الإنتماء الصادق لحبيبنا المصطفى الأمين وآله الطاهرين صلوات الله عليه وآله أجمعين.
ومن أمهات هذه الوسائل هي وسيلة العمل بالوصايا النبوية الصادرة مباشرة عن سيد المرسلين – صلى الله عليه وآله – أو بصورة غير مباشرة عن طريق أئمة عترته الطاهرين، وهذا ما نتناوله في هذا اللقاء، فتابعونا على بركة الله.
نبدأ أيها الأحبة بالتأمل معاً في مطلع الوصية الشهيرة التي أوصى بها النبي الأعظم – صلى الله عليه وآله – الصحابي الوفي أباذر الغفاري – رضوان الله عليه – فهو – صلى الله عليه وآله – يصرح بأنه يوصي أباذر بهذه الوصية الجامعة لكونه من أهل البيت وفي ذلك إشارة الى أن العمل بالوصايا النبوية وسيلة لحفظ هذا الإنتماء.
جاء في مقدمة هذه الوصية الخالدة المروية في كتاب (الأمالي) للشيخ الطوسي، وكتاب (مكارم الأخلاق) وغيرهما مسنداً عن أبي الأسود الدؤلي – رضوان الله عليه – قال: قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر، جندب بن جنادة، فحدثني أبوذر، قال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله – صلى الله عليه وآله – في مسجده، فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله – صلى الله عليه وآله – وعلي – عليه السلام – الى جانب جالس، فاغتنمت خلوة المسجد، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها.
فقال: نعم وأكرم بك يا أباذر، إنك منا أهل البيت، وإني موصيك بوصية إذ حفظتها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان.
أيها الإخوة والأخوات، ومن المصاديق العملية للعمل بالوصايا النبوية الإقتداء بأهل البيت المحمدي – عليهم السلام – في أفعالهم وسلوكياتهم وأخلاقهم فضلاً عن العمل بأقوالهم، فالإقتداء بهم هو بحد ذاته الوسيلة المحورية لنيل كرامة الصيرورة منهم، وهذا ما تصرح به عدة من الأحاديث الشريفة، منها ما رواه الشيخ الصدوق في كتاب (من لا يحضره الفقيه) بسنده عن الأمة الصالحة، حبابة الوالبية، رضي الله عنها قال: سمعت مولاي أميرالمؤمنين – عليه السلام – يقول: "إنا أهل بيت لا نشرب المسكر، ولا نأكل الجري، ولا نسمح على الخفين، فمن كان من شيعتنا فليعتقد بنا وليستن بسنتنا".
وروي في كتاب مشكوة الأنوار عنه – عليه السلام – في إحدى وصاياها المحورية قال: "إستتموا نعم الله بالتسليم لقضائه والشكر على نعمائه فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا".
وروى الشيخ المفيد – رضوان الله عليه – في كتاب الإختصاص بسنده عن مولانا الإمام الصادق – عليه السلام – قال:
"إن الله تبارك وتعالى أوجب عليكم حبنا وموالاتنا وفرض عليكم طاعتنا ألا فمن كان منا فليقتد بنا، وإن من شأننا الورع والإجتهاد وأداء الأمانة الى البر والفاجر وصلة الرحم وإقراء الضيف والعفو عن المسيء، ومن لم يقتد بنا فليس منا".
من هنا مستمعينا الأفاضل، نفهم سر تأكيد الإمام الصادق – عليه السلام – وبلغة مشددة وبالقسم بالله عزوجل إنتساب أحد أصحابه المخلصين هو عمر بن يزيد الى أهل البيت – عليهم السلام – فهذا العبد الصالح كان يفد كل سنة من الكوفة الى مكة والمدينة للقاء الإمام – عليه السلام – وأخذ العلوم والوصايا النبوية النقية منه – عليه السلام – والعمل بها كما ورد في ترجمته.
روى الشيخ الكشي في كتاب الرجال عنه – رضوان الله عليه – قال:
قال لي أبوعبدالله الصادق – عليه السلام -: يا ابن يزيد أنت والله منا أهل البيت، قلت: جعلت فداك من آل محمد – صلوات الله عليهم -؟! قال – عليه السلام -: إي والله من أنفسهم، قلت: من أنفسهم؟! قال – عليه السلام -: إي والله من أنفسهم يا عمر، أما تقرأ كتاب الله عزوجل "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا معه والله ولي المؤمنين".
وها نحن نصل أعزاءنا وبتوفيق الله الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (منا أهل البيت) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم ودمتم بكل خير ورحمة وبركة وفي أمان الله.