سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات..
لكم منا أزكى التحيات نهديها لكم في مطلع لقاء جديد من هذا البرنامج؛ نخصصه لوسيلة أخرى من الوسائل التي هدتنا إليها النصوص الشريفة كسلوكيات عملية للفوز بشرف الصيرورة من أشرف بيت عرفه التأريخ الإنساني بيت سيد الأنبياء والمرسلين الحبيب المصطفى الأمين صلى الله عليه وآله الطاهرين.
أيها الأفاضل، تقوية الإرتباط العبادي بالله تبارك وتعالى والتحلي بالصفات التي يرتضيها عزوجل لعباده المحمديين، هما من أهم الوسائل العملية للفوز بشرف الإنتماء الصادق لأهل البيت المحمدي.
وهذا ما دلت عليه كثير من النصوص الشريفة التي حفلت بها مصادرنا المعتبرة، نختار منها إثنين أحدهما مختصر والآخر مفصل، فتابعونا على بركة الله.
أعزاءنا المستمعين، نبدأ بالنص المختصر، وهو عبارة عن كلمة جامعة من ناشر السنة المحمدية النقية مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – خاطب فيها أحد أصحابه المخلصين وصفه في أحاديث عدة بأنه منهم أهل البيت حياً وميتاً إنه العبد الصالح عيسى بن عبدالله القمي الذي ذكرته الكتب الرجالية بكل جميل، فقد روى الشيخ الكليني في كتاب الكافي مسنداً عن علي بن أبي زيد، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبدالله الصادق – عليه السلام – فدخل عيسى بن عبدالله القمي فرحب به وقربه من مجلسه، ثم قال: يا عيسى بن عبدالله ليس منا – ولا كرامة – من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون وكان في ذلك المصر أحد أورع منه.
إذن فمثلما أن محمداً وآله الطاهرين هم قدوة الخلائق في التقوى والورع والإرتباط المعنوي بالله عزوجل، كذلك ينبغي أن يكون حال شيعتهم ومن ينتسب الى بيتهم الطاهر معنوياً، فهم قدوة وأسوة لكل من يهفو قلبه الى الورع والتقوى والإرتباط المعنوي الصادق بالله جل جلاله.
أيها الأخوات والإخوة، وردت عن أهل البيت المحمدي – عليهم السلام – أحاديث شريفة تبين جوامع الصفات التي ينبغي لأشياعهم التحلي بها لترسيخ إرتباطهم المعنوي بالله عزوجل، ومنها النص التالي وهي رسالة كتبها الإمام الحادي عشر مولانا الحسن الزكي العسكري – عليه السلام – للعبد الصالح أبي الحسن علي بن الحسين مؤلف كتاب الإمامة والتبصرة ووالد الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه –؛ جاء في هذه الرسالة المنقولة في كتاب (معادن الحكمة في مكاتيب الأئمة).
أما بعد؛ أوصيك يا شيخي ومعتمدي أبا الحسن علي بن الحسين القمي – وفقك الله لمرضاته، وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته – بتقوى الله وإقام الصلاة، وايتاء الزكاة، فإنه لا تقبل الصلاة من مانعي الزكاة. وأوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم ومواساة الإخوان والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عند الجهل، والتفقه في الدين والتثبت في الأمور، والتعهد للقرآن وحسن الخلق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. قال الله عزوجل:
"لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ" واجتناب الفواحش كلها، وعليك بصلاة الليل، فإن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أوصى علياً عليه السلام فقال: يا علي عليك بصلاة الليل (ثلاث مرات) ومن استخف بصلاة الليل فليس منا، فاعمل بوصيتي، وأمر جميع شيعتي حتى يعلموا عليه، وعليك بالصبر وانتظار الفرج فإن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قال: أفضل أعمال أمتي إنتظار الفرج، ولا يزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي – صلى الله عليه وآله – أنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت ظلماً وجورا. فاصبر يا شيخي وأمر جميع شيعتي بالصبر، والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
وهكذا – مستمعينا الأفاضل – نلاحظ شدة تأكيد مولانا الإمام الحسن العسكري – عليه السلام – على تقوية الإرتباط المعنوي والعملي بالله عزوجل كمحور حركة المحمديين واستقامتهم على الصراط المستقيم.
وبهذا نختم حلقة اليوم من برنامج (منا أهل البيت) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.