أحبّتنا المستمعين !
مرحباً بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يسرّنا أن يجمعنا بكم عبر محطّة أخري من محطّات بنامجكم الأسبوعي الفيمينيّة تحت المجهر آملين أن تقضوا معنا أوقاتاً عامرة بكلّ ما هو مفيد وممتع ، رافقونا ...
مستمعينا الأكارم !
ستطرّق في هذه الحلقة من البرنامج إلي ظاهرة انتشار الفساد الأخلاقي بسبب الترويج للعلاقة الجنسيّة الحرّة خارج الأطر الشرعيّة والتي كانت من ضمن الممارسات التي دعت إليها الحركة الفيمينيّة كبدائل عن الزواج وتكوين الأسرة . وذلك بعد أن تطرّقنا في الحلقات الماضية إلي نشر الفيمينيّة للمفهوم الخاطيء المتمثّل في أنّ الأولاد من شأنهم أن يحولوا دون تطوّر الأنشطة الاجتماعيّة وعمل المرأة ، وعلي هذا الأساس فإنّ المرأة عليها أن توكل قسماً من مسؤوليّاتها إلي دور الحضانة ورياض الأطفال للعناية بالأطفال وتربيتهم . كما ذكرنا أنّ الكثير من المجتمعات الغربيّة واجهت المشاكل والأزمات بسبب زيادة دور الحضانة علي حساب دور الأم .
ومن الأفكار الأخري التي تتبنّاها الفيمينيّة ، الاعتقاد بالحريّات الجنسيّة المنفلتة ، حيث سنخصّص هذه الحلقة من البرنامج لرصد ظاهرة انتشار الفساد الأخلاقي بسبب الترويج للعلاقات الجنسيّة خارج إطار الأسرة ، كونوا معنا ...
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
لقد ابتلي عالمنا اليوم بالانحطاط الأخلاقي بسبب الابتعاد عن الدين و التعاليم الإلهيّة . فلقد أدّي الترويج للفساد الأخلاقي وانتشاره بالعالم الغربي إلي أن يواجه المشكلات والأزمات . وعلي سبيل المثال ، فإن الفيمينييّن المتطرّفين يعتبرون العلاقات الجنسيّة بين المرأة والرجل من أهم القيود التي يستعبد الرجلُ المرأة من خلالها و يشجّعون النساء علي الخلاص من هذا القيد . وعلي حد قول الأستاذ الشهيد مطهّري فإنّ العالم الغربي تغيّر في مجال الأخلاق المتعلّقة بالجنس بنسبة مائة وثمانين درجة عن الماضي .
ويدور الحديث اليوم عن تقديس العلاقات الجنسيّة واحترامها و وجوب إزالة كلّ قيد من شأنه أن يحدّ منها . فلقد امتزج الآن كلّ شيء في المجتمعات الغربيّة بالشهوة والقضايا الجنسيّة . و أضحت الحضارة الجديدة والبلدان الغربيّة وخاصة الولايات المتّحدة ، الأنموذج للكثير من الشعوب حتي في مجال نبذ الأخلاق و الإقبال علي السلوكيّات الجنسيّة الشاذّة وبلغ الأمر بالابتعاد عن الأخلاق حدّاً بحيث لم يعد بالإمكان التمييز بين الصالح والطالح وبين السلوك المناسب وغير المناسب . فلقد غرق الشباب والأسر والمجتمع في الفساد .
وقد سجّلت مجلّة نيوزويك في سنة ۱۹٦۷ التغييرات التي كانت في طريقها إلي الحدوث في هذا المجال ، قائلة :
التقاليد والقيم القديمة آيلة إلي الموت ... وهنالك مجتمع جديد وإباحي في طريقه إلي الظهور ... وخلف هذا التطوّر الإباحي مجتمع لا يُتَّفَقُ فيه علي موضوعات أساسيّة مثل العلاقة الجنسيّة قبل الزواج و سيحدث اختلاف بشأن قضايا وموضوعات مثل السيطرة علي المواليد والتعليم الجنسي .
وتطرح اليوم الكثير من الأمثلة علي التردّي الأخلاقي في الغرب علي لسان المفكّرين . فقد ذكر مؤلّف كتاب الغرب مريض في جانب من كتابه هذا قائلاً :
عبّرت إحدي المجلّات الأمريكيّة عن الأسباب التي أدّت إلي انتشار الرذيلة في أمريكا بالعبارات التالية : هنالك ثلاثة عوامل شيطانيّة أحاطت بعالمنا من خلال تحالفها الثلاثيّ وهي الآن في حالة إيقاد نار للمجتمعات البشريّة علي الأرض . الأوّل هو الأدبيّات القبيحة و المتهتّكة التي انتشرت بسرعة عجيبة ومستمرّة بعد الحرب و زادت من وقاحتها . الثاني : الأفلام السينمائيّة التي لا تثير سوي أحاسيس الشهوة في الناس . والثالث : الانحطاط الأخلاقي بين النساء بشكل عام والذي يتجلّي ويتجسّد في الملابس بل وحتّي التعرّي و الاختلاط المنفلت مع الرجال .
مستمعينا الأعزة !
تصدر في الغرب كلّ يوم إحصائيّات تثير القلق حول الانفلات والأزمات في المجتمعات الغربيّة والتي تعدّ من تبعات الرؤي الفيمينيّة . ولكن يمكن القول بشكل عام إنّ العلاقات غير المشروعة وتشكيل الأسر قبل الزواج ، كانت في البدء ظاهرة شائعة ومضرّة وغير مرحّب بها في نفس الوقت لدي الرأي العام الغربي ولشيوع هذه الظاهرة من وجهة نظر علماء الاجتماع وعلماء النفس الغربيين ، علاقة مباشرة مع تنفيذ التعاليم الفيمينيّة وتحققها ، وخاصة حريّة العلاقات بين المرأة والرجل .
ولكن الموضوع لا ينتهي هنا ، إذ يبدو أن تبعات وجهات النظر الفيمينيّة للغربيين لا تنتهي في الظاهر عند انتشار العلاقات غير المشروعة ، بل تعدّتها إلي أزمة أخلاقيّة حقيقيّة في الأسرة الغربيّة ، من مثل إجهاض الجنين ، المواليد غير الشرعيين ، العنف والاعتداء علي النساء ، الأسر ذات الوالد الواحد ( الأم والأولاد ) ، الأمراض الفيروسيّة ، الشذوذ الجنسي والميل إلي المثليّة ، الدعارة وانهيار أساس الأسرة و الانحطاط الأخلاقي .
كتب الأستاذ مطهّري حول الأزمات الأخلاقيّة في العصر الحديث قائلاً :
ظهرت اليوم ظواهر اجتماعيّة خاصّة . فالشباب في المجتمعات المعاصرة يتهرّبون بشكل محسوس من الزواج ، وتحوّل الحمل والولادة وتربية الأولاد إلي أمر ممقوت من قبل النساء . والنساء لا يبدين أيّة رغبة في إدارة شؤون البيت ... .
مستمعينا الأفاضل !
ذكرنا أن انعدام الأخلاق في المجتمعات أدّي بمؤسّسة الأسرة إلي أن تواجه الأزمات . و الأكثر إثارة للدهشة من ذلك ، الاستهانة بالأخلاق في المواثيق وقرارات المنظّمات الدوليّة ومنها معاهدة القضاء علي التمييز بين الرجال والنساء . ولأنّ الأسس الفكريّة المهيمنة علي المعاهدة قائمة علي النزعة الدنيوية وأصالة اللذة ، فإنّها لا تحتمل التمسّك بالفضائل الأخلاقيّة وتعمل علي إيجاد مجتمع لا مكانة للفضائل الأخلاقيّة فيه و لا تسوده سوي اللذائذ والمصالح الماديّة للنساء .
وعلي سبيل المثال ، فقد تمّ التصريح في المادّة السادسة من المعاهدة بانتشار الدعارة بين النساء ، فقد جاء في هذه المادة :
علي البلدان الأعضاء أن تقوم بكل الإجراءات اللازمة بهدف الحيلولة دون التجارة غير القانونيّة بالنساء واستغلالهنّ في بيع أجسادهنّ .
وتوضح اللجنة الخاصة بهذه المعاهدة أن الهدف هو تقنين عمل الدعارة بالنسبة إلي النساء و الحيلولة دون استغلال هذا العمل بشكل غير قانوني . وفي هذا المجال ، طالبت اللجنة الحكومة الصينية في عام ۲۰۰۰ بعدم معاقبة النساء اللواتي يمارسن الدعارة كما مورست الضغوط من قبل هذه اللجنة علي بلدان مثل روسيا و المكسيك ورومانيا والفليبين و بيرو من أجل تقنين الدعارة بعد استحصال موافقة المرأة وأن توفّر الحماية القانونيّة لمن يمارسن هذا العمل .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات!
تابعونا في حلقة البرنامج المقبلة من الفيمينيّة تحت المجهر ، حيث سنواصل استعراض الأزمات و المفاسد الأخلاقيّة التي تمخّضت عن فرض الأفكار والمباديء الفيمينيّة في المجتمعات الغربيّة فيما يتعلّق بالأسرة ، شكراً لحسن المتابعة وإلي الملتقي .