البث المباشر

الموضة والطلاق بين الفيمينيّة و الإسلام

الإثنين 11 نوفمبر 2019 - 14:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- الفيمينية تحت المجهر: الحلقة 25

إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات في كلّ مكان !
تقبّلوا خالص تحيّاتنا وأمنياتنا لكم بالخير والسعادة أينما حللتم ونحن نعاود اللقاء بكم عند أضواء أخري نسلّطها علي القضايا والظواهر الاجتماعيّة ومدي إسهام المذهب الفيميني أو ما يسمّي بحركة تحرير المرأة والمساواة بينها وبين الرجل ، في تأزيم تلك القضايا وخاصة فيما يتعلّق بالأسرة ، والمقارنة بينها وبين النهج الإسلامي في التعامل مع المرأة والأسرة ، حيث سنكمل الحديث في هذه الحلقة من البرنامج عن ظاهرة الموضة والجمال ونظرة الفيمينية إليها ، ووجهة نظر الإسلام بهذا الشأن ، ثم نتطرّق إلي موضوع آخر كان للفيمينية دور كبير في تأزيمه في المجتمع الغربي ألا وهو موضوع الطلاق وطبيعة تعامل الإسلام معه ، ندعوكم للمتابعة ...
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
تتميّز النظرة الإسلامية وتعاليم هذا الدين السماوي إلي ظاهرة الموضة والنزعة إليها بالعقلانيّة والاعتدال . فقد اختار الإسلام من بين النظرتين الإفراطية والتفريطية ، بنظرة معتدلة ومتوسّطة إلي صناعة الموضة والجمال وهو يسعي من أجل أن ينقذ الأشخاص وخاصة الشباب من الحيرة والتخبّط في اختيار الموضة من خلال الفصل بين الموضات الجيّدة والسيّئة ولفت الأنظار إلي تبعاتها السلبيّة وإبراز الموضات الجيّدة التي تنسجم مع الثقافة والقيم الدينية والوطنية .
جدير ذكره أن الدين الإسلامي وباعتباره عقيدة إلهيّة كاملة ، يمثّل الاستجابة الصحيحة لكلّ المطالب الفطريّة والحاجات البشريّة الأصيلة . فالإسلام يأخذ بعين الاعتبار المصلحة الفردية والاجتماعية للأفراد في إشباع حاجات الإنسان واختيار الموضة المناسبة . ويمنع كلّ شيء يشكّل خطراً علي السلامة الروحية والجسمية للإنسان . ولذلك فقد وردت الكثير من التوصيات بشأن اختيار نمط حياة الأفراد وخاصة اختيار أنواع الموضة .
وقد جاءت الإشارة إلي الكثير من الحالات في إرشادات أئمة الدين فيما يتعلّق باختيار مظاهر الجمال وكذلك التجميل الذاتي ؛ ومنها الملابس النظيفة والأنيقة وتمشيط شعر الرأس والوجه ، ونظافة الجسم ، و تعطير الجسم والملابس وتجنّب الأعمال التي لا تليق بالإنسان المؤمن .
وفي نفس الوقت فإن التجمّل بالفضائل المعنوية والأخلاقية التي تهيّء الأرضيّة لسعادة الإنسان وكماله الروحي تعدّ أهم من جمال الظاهر . حيث يقول الإمام علي (ع) في إشارة إلي هذا الجانب :
" زينة البواطن أجمل من زينة الظواهر .
ذلك لأن الزينة الباطنية أكثر تأثيراً في الكمال الحقيقي للإنسان من ناحية التأثير والبقاء في نفس الوقت .
مستمعينا الأفاضل !
ورغم أن الكثير من التوصيات قد وردت في مجموعة التعاليم الإسلاميّة بشأن الزينة الذاتية ، ولكنّ هناك حدوداً وأطراً قد تمّ تعيينها من أجل الأمان من العوارض السلبيّة للإفراط والتفريط في التجميل والنزعة إلي الموضة . وعلي سبيل المثال ، فإن الإسلام يؤكد في اختيار الموضة علي أن الإنسان يتوجّب عليه أن يتجنّب التشبّه بالأشخاص غير الصالحين والمنحرفين ، فقد كان النبي الأعظم (ص ) يوصي أمّته قائلاً : " لا تشبهوا باليهود فمن تشبّه بقوم حُشِر معهم .
وقد أيّد الإسلام بشكل عام النزعة التجديدية في أسلوب ارتداء الملابس . فإن كانت الموضة متناسبة مع الهوية الوطنية والتاريخية والثقافية والدينية ، واقترنت مع الشخصية الفردية والاجتماعية ولم تضرّ بالمباديء والأسس العقيدية والمعايير القيمية والأخلاقية للمجتمع ، فسوف تكون مقبولة . ولكنها إن تعارضت مع هذه المعايير وكانت مضرّة ، فسوف لا تكون مناسبة ، لأنها تصيب المجتمع والفرد بالاختلال والضرر من الجوانب الدينية والوطنية المختلفة ومن ناحية السلامة الروحية وغيرها .
وعلي الرغم من تطرّف الفيمينيين والمجتمع الرأسمالي بشأن صناعة الموضة ، فإننا لا يمكن أن نرفض النزعة إلي الموضة بشكل مطلق حسب التعاليم الإسلامية ، كما أن الأخذ بها بشكل كامل ودون نقاش ليس بالأمر المنطقي ، بل إن الاعتدال في النزعة إلي الموضة و الحرص علي انسجامها مع ثقافتنا وديننا و قوميّتنا ، هو السبيل الأفضل للتعامل مع الموضة والنزعة إليها . ومن خلال الاعتدال في هذا الأمر و أخذ ثقافتنا وديننا بعين الاعتبار، يمكننا الاستفادة من هذه الظاهرة و إزالة قلقنا من النزعة التقليدية إلي الموضة و الموضات الخطيرة .
مستمعينا الأكارم !
بعد تطرّقنا إلي قضيّة الموضة والجمال ، ننتقل الآن إلي قضيّة اجتماعيّة أخري تتمثّل في تأثير وجهات النظر الفيمينيّة فيما يتعلّق بارتفاع نسبة الطلاق في المجتمعات الغربيّة ، ورأي الإسلام في ذلك ، فلقد أشرنا في الحلقات السابقة إلي أن الفيمينيين عملوا علي زعزعة دعائم الأسرة من خلال طرح الاتجاهات المتطرّفة فيما يتعلّق بالحقائق الاجتماعيّة . فنحن نري جيل اليوم يتهرّب من أي نوع من المسؤوليّة ولايميل إلي تكوين الأسرة بسبب تأثير الأفكار الفيمينية الهدّامة والمتطرّفة بخصوص واجبات الزوجين . ومن جهة أخري فإننا نشهد ارتفاع إحصائيّات الطلاق و تفكّك الأسرة في المجتمعات الغربيّة .
والطلاق يعني في اللغة انفصال المرأة عن الرجل ، و التخلّي عن قيد الزواج والحياة الزوجيّة . و يطلق الطلاق حسب الأنظمة القانونية الغربية علي انحلال العلاقة الزوجية الرسمية والقانونية في وقت يكون فيه كلا الزوجين علي قيد الحياة وبإمكان كلّ منهما بعد وقوعه الزواجُ مرّة أخري .
وتعتبر الأسرة من المؤسسات الأصيلة في تربية الجنس البشري والمحافظة عليه . ويعدّ الطلاق أهم عوامل انهيار هذه المؤسسة . ورغم أن الطلاق كان قائماً منذ بداية الحياة الاجتماعية للبشر ، بل وكانت له صورة قانونيّة ، ولكن مستوي الطلاق كان في كلّ عصر ضمن الحد المعقول ولم يكن وجوده يكبّد أساس المجتمع خسائر لا يمكن تلافيها . ولكننا نشهد اليوم الارتفاع المتزايد لنسبة الطلاق في المجتمعات ، بحيث يسود الخوف من القضاء علي أساس الأسرة كما أن تبعته تتمثّل في ارتفاع مؤشر الانحرافات الاجتماعيّة و الاضطرابات النفسيّة وأنواع الأمراض والاختلالات الروحيّة في الأشخاص المطلّقين و أولاد الطلاق .
مستمعينا الأحبّة !
هذه الموضوع سنستعرضه بمزيد من التفصيل في حلقة البرنامج القادمة من الفيمينيّة تحت المجهر بإذن الله ، فحتّي ذلك الحين تقبّلوا منّا خالص الشكر والتقدير علي حسن متابعتكم ، وجميل إصغائكم ، وفي أمان الله .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة