مستمعينا الأعزّة في كلّ مكان !
تحايانا المقترنة بالحب والودّ والوفاء نبعثها إليكم ونحن نعاود اللقاء بكم عبر هذه المحطّة الجديدة من برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهر، برجاء أن تمضوا معنا أوقاتاً عامرة بكلّ ما هو نافع وممتع ...
مستمعينا الأطايب !
ذكرنا في الحلقات الماضية من البرنامج نقلاً عن بعض الباحثين والمفكّرين الغربيين أن الحركة الفيمينيّة علي الرغم من أنها استطاعت أن تحقّق بعض المكاسب والإنجازات علي صعيد استعادة بعض من حقوق المرأة في الغرب ومنها مشاركتها في اتخاذ القرارات الاجتماعيّة والسياسيّة ، و تحقيق الشعور بالثقة بالنفس في المجالات الاقتصادية والسياسية والأدبية والفنيّة وغير ذلك ، ولكنّ الواقع يُظهر أنّ التبعات والعواقب السلبية للحركة الفيمينيّة كانت أكثر من تعوّض عن الظلم الذي تعرّضت له المرأة بل إن تلك الإنجازات تحوّلت بدورها في بعض الحالات إلي ظلم مضاعَف علي النساء .
وقد اعتبر الكثير من الباحثين الغربيين المتخصّصين في مجال الأسرة التبعات السلبية للفيمينية أكثر بروزاً من تبعاتها الإيجابيّة و رأوا أن هناك الكثير من الانتقادات توجّه إليها . وسوف نتطرّق في هذه الحلقة إلي النتائج السلبيّة للفيمينيّة من وجهة نظر المفكّرين الغربيين ، ندعوكم لمتابعتنا ...
مستمعينا الأكارم !
لقد كان من بين التبعات السلبية للفيمينيّة ، اتساعُ ظاهرة الاعتداء الجنسي والعنف ضد النساء في الغرب . فعلي أثر التواجد الواسع والمنفلت للنساء في المجتمع باعتباره من مطالب الفيمينيّة ، و هيمنة ثقافة الحريّة الجنسيّة ، فقد تهيّأ المحيط والظروف أكثر من ذي قبل للرجل والمرأة لإشباع الغرائز الجنسية خارج الإطار القانوني . وعلي سبيل المثال ، فقد اتضح من خلال دراسة أجريت بين سبعة وأربعين ألف امرأة من قبل وزارة الدفاع الأميركيّة ( البنتاغون ) أن ٦۱% من النساء اللواتي يخدمن في الجيش الأمريكي تعرّضن للتحرّش الجنسي . وهذه الفضيحة تظهر بوضوح عواقب المساواة بين المرأة والرجل حسب الرؤية الفيمينيّة والاختلاط بينهما .
وقد سعت الكاتبة الأمريكيّة السيّدة وِندي شاليت من خلال طرح هذا التساؤل وهو : هل العفّة ( باعتبار أن عدم الالتزام بها هو من التبعات السلبيّة للتعاليم الفيمينيّة ) تعدّ قيمة صالحة ومطلوبة في عالم اليوم ؟ سعت لأن تتناول الدور الأساسي للعفّة في سلامة الفرد والمجتمع من خلال ذكر شواهد دقيقة عن المشاكل الناجمة عن عدم الاهتمام بالعفّة في المجتمع الأمريكي ، فهي تقول في هذا المجال :
إن المصائب التي حاقت بالنساء في عالمنا المعاصر ( التحرّش الجنسي ، المضايقة ، والاعتداء من خلال العنف و الإذلال ) هي كلّها يمكن أن تكون وصفاً لمجتمع ضاع فيه احترام حياء المرأة وعفّتها و هذا الانتهاك يبدأ مع التعاليم المبكّرة للتعبير عن الرغبة الجنسيّة . حيث تري شيليت أنّ العودة إلي العفّة ، من شأنها أن تقود النساء إلي مكانة مساوية للرجال .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
ومن التبعات السلبيّة الأخري للفيمينيّة في الغرب ، تغيّرُ الأدوار . فممّا لا شك فيه أن الحركة المسمّاة بالدفاع عن حقوق المرأة ( أو الفيمينيّة ) و المثقّفين الداعمين لها أوجدوا إلي حد لافت للنظر حالةَ الفوضي والاضطراب في ثقافة العمل والنشاط بالنسبة إلي كلا الجنسين ، ولذلك فقد تسبّبوا في القضاء علي خصائص السلوكيّات الطبيعيّة للبشر ، بحيث إن النساء بدأن ينجذبن بأعداد متزايدة إلي الأنماط السلوكيّة الهجومية والعنيفة . وفي نفس الوقت فإنّ هناك بين الرجال الشبّان نزعة " أنثويّة " من خلال التعبير عن الميل إلي قضايا من مثل الموضة والاعتناء بالجسم . وما يؤدّي إلي إثارة النساء الشابات في الغالب هو دخول المجالات الخاصّة بالرجال والذي يوصف باعتباره رغبة في الاستعداد للمخاطرة . وقد ذكر الكاتب الغربي " فيليس شلافي " (Phyllis Schlafly) من خلال التأكيد علي أن السبيل الوحيد لحصول النساء علي قوّة الأنوثة الكامنة فيهنّ هو استغلال نقاط الكمال الإيجابيّة لا الانبهار بهويّة الرجولة المفتعَلة التي رسمتها الفيمينيّة ، قائلاً :
علي النساء أن لا يتهرّبن من كونهنّ نساء أو أن يعتبرن هويتهنّ الأنثويّة مدعاة للخجل تحت تأثير تعاليم الفيمينيّة . بل عليهنّ ومن خلال التفكير الإيجابي أن يجتزن مشاكلهنّ الخاصة بهنّ في المسار الصحيح .
مستمعينا الأفاضل !
ومن العواقب السلبيّة الأخري للفيمينيّة ، خلق حالة المواجهة والعداء بين المرأة والرجل . فلقد أدّي عدم الالتفات إلي الدور المكمّل والمختلف للجنسين وضرورة التنسيق بينهما ما أمكن إلي أن يقدّم الفيمينيّون صورة عنيفة ومتسلّطة عن جنس الرجل وأن يعملوا علي المواجهة والمحاربة و انتزاع الحقوق التاريخيّة المضيّعة وأن يلجؤوا إلي حركات مشابهة في مقابل الرجال .
وقد سعت الكاتبة الأمريكيّة " كريستينا هوف سوميرز " (Christina Hoff Sommers) في كتابها " الفيمينيّة في ميزان النقد " لأن تقدّم عبر الاستناد إلي الوثائق والأدلّة الدامغة ، تقريراً نقديّاً عن الأوضاع القائمة بهدف توعية النساء . وهي تذعن إلي أنّ الدراسات الفيمينيّة أدت من خلال الضحك علي ذقون المتلقّين و المبالغة والتهويل في المواضيع الاجتماعية ، إلي تشويش الرأي العام ومغالطته وإلي تحويل الرجال والنساء إلي جنود متعصّبين لخوض الحرب ضدّ بعضهم البعض من خلال إشاعة فكرة تبرّؤ كلّ جنس من الجنس الآخر . ولكن الحياة ليس ميداناً للحرب والنزاع وفقاً للرؤية الإسلاميّة . فالحياة هي بمثابة الثوب الحسن والجميل علي جسمي الزوجين ومن المفترض أن يستر أخطاء و عيوب كلّ واحد منهما . وفي الإسلام يؤدّي كلّ واحد من الزوجين دوراً مهمّاً في توجيه الأسرة وقيادتها نحو السعادة .
ويعدّ تغيير النظام الأخلاقي للأسرة وزعزعتها من التبعات الأخري لانتشار الفيمينيّة في المجتمعات الغربيّة . فالتأكيد المبالغ فيه علي الحقوق الاجتماعية والسياسية والمدنيّة و منح الأولويّة للعمل الاقتصادي من جهة ، و عدم الاهتمام اللازم بالأخلاق ، إلي جانب هضم حقوق مؤسسة الأسرة و عدم الاهتمام بها و الاستهانة بوظيفة الأمومة والزوجيّة من جهة أخري ، كلّ ذلك اقترن من الناحية العمليّة بأضرار لا يمكن تلافيها . وكان من الآثار الطبيعيّة لتغيير النظام الأخلاقي ، انحسارُ نسبة الزواج و ارتفاع إحصائيّات الطلاق في المقابل وظهور المفاسد والانحرافات . وللأسف فإنّ سلامة الأسرة معرّضة اليوم للخطر في الغرب حيث ورّطت التبعاتُ الناجمة عن ذلك المجتمعاتِ الغربيّة في أزمات اجتماعيّة حقيقيّة .
مستمعينا الأحبّة !
حديثنا حول التبعات السلبيّة للفيمينيّة بشهادة المفكّرين والباحثين الغربييّن أنفسهم سيتواصل في حلقتنا المقبلة من برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهر ، نشكر لكم طيب متابعتكم ، وفي أمان الله .