إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات في كلّ مكان!
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات في هذا اللقاء الجديد الذي يسرّنا أن يجمعنا بكم عبر حلقات برنامجكم الأسبوعي الفيمينيّة تحت المجهر والذي يقدّمه لكم القسم الاجتماعي والثقافي في إذاعة صوت الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران ، حيث سنواصل الحديث حول موضوع دور الحضانة و المآسي التي تسبّبت بها في المجتمعات الغربيّة ، ندعوكم للمتابعــة ...
أحبّتنا المستمعين الأفاضــل !
كانت نتيجة الحكومات القائمة علي الرفاهية في الغرب ، خلقَ فرصة لجباية الضرائب الإجباريّة التي تفرض علي الأسر الطبيعيّة إلي درجة بحيث يضطرّ الزوجان كلاهما إلي العمل وإرسال أولادهما إلي دور الحضانة ورياض الأطفال العامّة . هذا في حين أن دراسات وزارة الصحة والرفاه في كندا تفيد بأنّ ثلثي الكنديين يرون أنّ البيت حيث يكون الطفل إلي جانب الوالدين هو المكان الأفضل للأطفال في سنوات ماقبل المرحلة الابتدائيّة.
ولكن وعلي الرغم من تأكيد الفيمينيّين علي تسليم الأولاد إلي دور الحضانة ، فإنّ النساء يرغبن في أن يبقين في البيت إلي جانب أطفالهنّ . وتجري الأوضاع في الولايات المتحدة الأمريكيّة علي نفس المنوال . فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مجلّة لوس انجلس تايمز وأثار دهشة الفيمينيّين ، أنّ تسعاً وسبعين بالمائة من النساء الأمريكيّات العاملات ، سوف يتركن أعمالهنّ إن استطعن البقاء في البيت مع أطفالهنّ ، و حلّ مشاكلهنّ الماليّة .
واتّضح من خلال دراسة شاملة بين الأعضاء القرويين في المؤسسات المعنيّة بالمرأة في كندا أنّ تسعاً وستين بالمائة منهنّ يرين أنهنّ يفضّلن البقاء في البيت و رعاية أولادهنّ إن سنحت لهنّ الفرصة . وهذه النتيجة تتناقض مع تخصيص الأموال لنظام دور الحضانة العامّة .
مستمعينا الأعزّة !
إنّ التربية الصحيحة للأولاد من قبل الوالدين وخاصة الأم هي من عوامل تعزيز أساس الأسرة في الإسلام . فأحضان الأم المفعمة بالحبّ والحنان تحول دون الكثير من الأمراض الروحيّة والنفسيّة . يقول سماحة قائد الثورة الإسلاميّة السيّد الخامنئي حفظه الله فيما يتعلّق بالحضور المؤثّر للمرأة والرجل و اهتمامهما بالأسرة :
إنّ مؤسّسة الأسرة هي المكان الذي يجب أن تنمو وتتسامي فيه العواطف والأحاسيس و يتلقّي فيه الأطفال المحبّة والرعاية ... .
وعلي الوالدين أن يسعيا من أجل أن يملآ قسماً من ساعات فراغ الأولاد علي مدار اليوم من خلال التخطيط المناسب ، كأن يشاركوهم في اللعب ، وينقلا إليهم قيمهم ورؤاهم بأساليب ملموسة وأن يهيّئا أرضيّات العلاقات الوثيقة القائمة علي الحب والحنان منذ مرحلة الطفولة . جدير ذكره أنّ دور الأجداد والجدّات الكبير بين الأسر المسلمة والشرقيّة عموماً له تأثير كبير في النموّ الاجتماعي والعاطفي للطفل من خلال رعاية أحفادهم و إقامة العلاقات الوثيقة والعاطفيّة معهم .
إنّ دور الوالدين وخاصة الأمّهات مهم وأساسيّ في حياة الأولاد وتربيتهم . فمحيط الأسرة يشبه إلي حدّ كبير أرضاً خضراء وخصبة ينمو فيها الأولاد كما تتفتّح الأزهار . ويري بعض المفكّرين أنّ سعادة الطفل أو شقاءه يرتبطان قبل كلّ شيء بالأسرة وأساليبها التربويّة. ومن البديهي أنّ للأم دوراً رئيساً في دراسة مكانة الأسرة .
وللأم دور خاص في تربية الطفل من ناحيتين ؛ الأولي أنّ الطفل يقضي السنين الأولي من تكوين شخصيّته في أحضان الأم . وهذه السنين تمثّل البنية التحتيّة للمرحلة الأولي من تربية الطفل واقتباسه للعادات والخصوصيّات السلوكيّة للأم . والثانية أنّ الأم ومع الأخذ بعين الاعتبار عواطفها الخالصة ، تعتبر ملاذاً آمناً للطفل ، بحيث يلجأ الطفل إلي الأم ويبحث عن الأمن في أحضانها كلّما شعر بانعدام الأمن .
ويؤكّد جون بالبي الطبيب النفسي الانجليزي علي هذا الموضوع وهو أنّ العلاقة القائمة علي تعلّق الطفل بالأم هي الحجر الأساس لشخصيّته . فهو يقول في هذا المجال :
لقد أدركنا متأخِّرين أنّ الأطفال ليس بإمكانهم إقامة علاقات صحيحة مع الآخرين في حالة فقدانهم لارتباطهم وتعلّقهم بالأم ، ثمّ يؤكّد قائلاً : الطفل بحاجة إلي وجود الأم بنفس قدر حاجته إلي الطعام .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
إنّ الحركة الفيمينيّة تعمل اليوم بدافع من نزعتها المتطرّفة علي بلوغ النساء مستوي يساوي الرجال و هي تسلّط الضوء علي دور بيوت الحضانة باعتبارها بديلاً عن دور الأم . ويري الكثير من الفيمينيّين أنّ قضاء الوقت مع الأولاد ، هو عمل دنيء ألقي علي عاتق النساء و سبيل الخلاص منه هو دور الحضانة. واليوم فإنّ دُور الحضانة المجّانيّة في الغرب تدلّ علي تخطيط يهدف إلي إحلالها محلّ دور الأم والأسرة .
يقول الكاتب الغربي ويليام غاردنر في كتابه الحرب ضدّ الأسرة :
إنّ موضوع دور الحضانة هو من الأساليب الأخري التي يستخدمها الراديكاليّون في حربهم ضدّ الأسرة . فهم لا يريدون دور الحضانة للأشخاص المحتاجين إليها ، بل يعتبرونها حقّاً مشروعاً وعاماً للنساء كي يعيدوا تنظيم الأولويّات الاجتماعيّة و يحرّروا النساء من قيود مسؤوليّة الأمومة . وحسب وجهة نظرهم ، فعندما توضع دور الحضانة بشكل مجّاني تحت تصرّف الجميع ، فإن المجتمع سوف لا يعود يشعر بالحاجة إلي وجود الأسرة الطبيعيّة .
وكتب المفكّر الغربي كارل زينس ميستر قائلاً :
تحظي دور الحضانة بأهميّة كبري للفيمينييّن لأنها تتيح لهم أن يقولوا للنساء إنّ بإمكانهنّ التهرّب من مسؤوليّة فادحة ومصيريّة (وهي تربية الأولاد) .
ويري الكثير من الباحثين أنّ دور الحضانة لها تأثيرات سلبيّة كثيرة علي ذهن الطفل ونفسه . ومن هذه الآثار السلبيّة الإخلال بالشعور بالثقة لدي الطفل و تكريس حالة العنف لديه . ويري جي بيلسكي ( jay belsky ) من جامعة بنسلفانيا والذي كان يتحدّث فيما مضي عن خلوّ دور الحضانة من الأضرار ، يري الآن أنّ هذه الدور من شأنها أن تسيء إلي شعور الطفل بالثقة بنفسه . كما يري الكاتب الغربي بلسكي بارغلو أنّ الأطفال الذين يرسلون إلي دور الحضانة لفترات تتجاوز عشرين ساعة في الأسبوع ، يكونون بحكم المطرودين من قبل الوالدين . ويعتبر جي بيلسكي دُور الحضانة الطويلة الأمد أمكنة محفوفة بالمخاطر للأطفال والمجتمع بالتالي .
وتُظهر الدراسات المتتابعة أنّ المستويات العليا من العنف تتركّز بين الأطفال العدوانيين ، والتاركين للدراسة ، و المعتقلين ، و العاطلين عن العمل ، و المدمنين علي الكحول ، والمشرّدين ، و السجناء من الذين حرموا في طفولتهم من العلاقات العاطفيّة .
مستمعينا الأكارم !
بهذا نصل بكم إلي ختام جولتنا لهذا الأسبوع في عالم الحركة الفيمينيّة و المآسي و الآثار السلبيّة الهدّامة التي تركتها في المجتمعات الغربيّة ، حتّي نجدّد اللقاء بكم في محطّتنا للأسبوع المقبل من برنامجكم الفيمينيّة تحت المجهر نستودعكم الله ، وإلي الملتقي .