البث المباشر

حديث نبوي: ترك الشر صدقة

السبت 9 نوفمبر 2019 - 10:46 بتوقيت طهران
حديث نبوي: ترك الشر صدقة

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 289

نص الحديث

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ترك الشر: صدقة".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم يجسد صورة (تمثيلية)، او (تعريفية)، بصفة انها (تعرف) بأن (ترك الشر هو صدقة)، أو لنقل انها صورة رمزية ترمز الى ان (ترك الشر هو صدقة)، أو لنقل: انها صورة رمزية ترمز الى ان ترك الشر يوميء الى طرف يترتب عليه مظهر آخر هو: دفع البلاء. وفي الحالات جميعاً فان البعد الدلالي للحديث يشير الى انك اذا تركت الممارسة الشريرة: كالعدوان أو الكذب او الفحش.. الخ، فانك بذلك تدفع عنك السوء، هذه الدلالة صيغت وفق الصورة التمثيلية المتقدمة وهو ما يقتادنا الى ملاحظة الصورة وبلاغتها.
من الحقائق الواضحة في ميدان النصوص الشرعية، بأن (الصدقة) تدفع البلاء عن المتصدق وهذا من الجلاء بمكان كبير، بيد ان الطرافة أو النكتة الفنية في الموضوع هي: اولاً قيام الصورة على (التقابل) بين (ترك الشر) مقابل (دفع الشر) ولذلك اطلقنا مصطلح (الصورة الرمزية) في احد مصاديقها على الحديث المتقدم، لان الرمز هو: عبارة (حاضرة) تشير الى معنى (غائب) فالعبارة الحاضرة هي ترك الشر واما الغائبة فهي دفع الشر. اذن: نحن الان أمام تقابل فني بين دلالة موجودة (اللغة) وبين دلالة غائبة استحضار معنى دفع الشر او البلاء، واليك الظرافة الثانية في الحديث.
التقابل بين (حاضر) و(غائب) اي: بين عبارة (ترك الشر) وعبارة (دفع الشر او البلاء) التي استحضرناها في مخيلتنا ولا وجود لها لفظياً، هذه المقابلة بينهما تجسد احد اشكال الطرافة، واما الشكل الاخر فهو: مصطلح (الصدقة) حيث قالت الصورة (ترك الشر: صدقة) فالصدقة هنا وان كانت ترمز الى دلالة غائبة هي دفع الشر او البلاء الا انها في الوقت ذاته تجسد تقابلا بين مظهرين من السلوك احدهما: هو (الترك) للشئ والاخر هو: فعل الخير، فانت حينما تترك العدوان على شخصٍ ما فانك (تترك) عملاً قبيحاً، بينما تتسلم جميلاً هو: الثواب المترتب على الصدقة متمثلاً في دفع الشر عنك.
ثمة طرافة ثالثة وهي: استخلاصك لدلالة جديدة هي: ان الصدقة بما انها عطاء يتسلمه المحتاج، كذلك تركك العمل الشر هو عطاء ليس لك فحسب من حيث الثواب بل هو عطاء لمن لم تمارس حياله عملاً شريراً كالعدوان، وهذا يعني انك قدمت عطاء للطرف الذي تركت الحاق الشر به، طبيعيا هذا في حالة ما اذا كان (الشر) عملا ضد الطرف الآخر، والا فان مجرد تركك لما هو شر لايرتبط بالاخر، ينعكس عطاؤه عليك: كما هو واضح.
اذن: امكننا ان نتبين جملة من النكات الفنية المرتبطة بحديث النبي صلى الله عليه واله وسلم سائلين الله تعالى ان يجعلنا ممن يترك الشر وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة